واشنطن- أشارت تقديرات كل الشبكات الإخبارية الأميركية إلى انتصار الرئيس السابق دونالد ترامب في انتخابات ولاية نيوهامبشير، ثاني الولايات في سباق الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. ورجحت التقديرات فوزه بـ55% من الأصوات مقابل 45% لمنافسته الوحيدة المتبقية نيكي هيلي.
ولانتصار ترامب معان كثيرة، أهمها أنه جاء بعد اكتساحه ولاية أيوا، مما يعضد قوته وسيطرته على الحزب، كما أن طبيعة ناخبي ولاية نيوهامبشير، التي ترتفع فيها نسبة الناخبين المستقلين والجمهوريين التقليديين، تشير إلى حجم قوة ترامب على تيارات ومفاصل الحزب الجمهوري، إضافة لشريحة كبيرة من المستقلين.
وهو ما يمهد ليصبح ترامب فعليا مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وذلك في توقيت مبكر وقبل فترة طويلة من الانتهاء الرسمي لسباق الانتخابات التمهيدية يونيو/حزيران المقبل.
اختيار واضح
في الوقت ذاته، تعهدت نيكي هيلي -آخر منافسي ترامب في السباق الجمهوري- بالقتال، وقالت عقب تهنئتها له إن “هذا السباق لم ينته بعد”، وكان ترامب قال في وقت سابق لصحفيين: “لا يهمني إذا بقيت هيلي في السباق، دعها تفعل ما تريد”.
من المتوقع أيضا أن يفوز الرئيس الأميركي جو بايدن في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ولكن بسبب معركة إجرائية داخل الحزب لن يتم الاعتراف بهذه النتائج.
يرسم ترامب للناخبين الذين يشاركون في الانتخابات التمهيدية صورة لدولة في طريقها للانهيار بسبب ارتفاع أعداد المهاجرين غير النظاميين، وارتفاع نسب الجريمة، والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وبعيدا عن دقة ادعاءات ترامب، فإن هذه الرسالة جذابة لناخبي الحزب الجمهوري الذين يشعرون بالقلق إزاء أزمة الحدود الجنوبية ويعانون ارتفاع الأسعار وأسعار الفائدة ويعتقدون أنهم كانوا أفضل حالا في ظل رئاسته.
ويرى أغلب من يصوتون لترامب أن محاكماته وملاحقاته القضائية، التي نتج عنها توجيه 91 تهمة جنائية له، ما هي إلا دليل على “الاضطهاد السياسي”.
وفي حديث للجزيرة نت، أشارت كانديس توريتو -مديرة برنامج التحليلات السياسية التطبيقية بجامعة ولاية ميريلاند- إلى أنه “ليس من المستغرب أن يتقدم ترامب، وبعد انسحاب حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، وهزيمته في أيوا ونيوهامبشير، فلم يعد أمام نيكي هيلي إلا طريق ضيقة للغاية للاستمرار في السباق، إلا أن هزيمة نيوهامبشير، تقوض أي فرص لها”.
“نتائج كارثية”
وفي تصريح للجزيرة نت، اعتبر جيرمي ماير، المتخصص في السياسة الأميركية بجامعة جورج ميسون، أن نتائج الانتخابات التمهيدية للجمهوريين تعد كارثية، وقال “لقد انسحب المرشحون مؤخرا ولم تعد هناك إلا نيكي هيلي، إلا أن هذا كله جاء متأخرا جدا”.
ولفت ماير إلى “جبن السيناتور ميتش ماكونيل وغيره من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين. وأن معظمهم يعرفون ترامب على حقيقته كنرجسي استبدادي غبي بشكل خطير، لكنهم قرروا عدم التصويت لصالح المساءلة بعد تمرد السادس من يناير/كانون الثاني 2021، لأنهم كانوا يأملون رحيله”، وفق تعبيره.
ويتساءل “لماذا المخاطرة بحرب أهلية داخل الحزب الجمهوري إذا كان سيتلاشى بشكل طبيعي؟ كانت تلك هي أمنيتهم”.
وأضاف ماير “كانت هناك لحظة كان بإمكان مؤسسة الحزب أن تتخلص منه خلال الأسابيع الثلاثة التي تلت السادس من يناير/كانون الثاني. لكن كان عليهم إظهار الشجاعة. بدلا من ذلك، تجنبوا المواجهة وبحثوا عن مبرر، ولذلك نحن هنا”.
وتساءل مستنكرا “هل يمكن أن يظهر شيء يحرك جماهير الحزب الجمهوري بعيدا عن ترامب؟ ربما إذا ظهر فيديو وهو يركل كلبا -أو بشكل أقل تأكيد- طفلا، هذا قد يغير المعادلة، ولكن ليس الإدانة بالتزوير أو سرقة الانتخابات أو انتهاكات الأمن القومي”.
وأغلب استطلاعات الرأي، بشأن مواجهة افتراضية بين ترامب وبايدن في عديد من الولايات المتأرجحة الرئيسية، تشير إلى تقدم ترامب.
مباراة إعادة
غير أن ماير يرى أن فرص فوز ترامب بالانتخابات العامة لا تتعدى 40%، إلا إذا تدهور الوضع الاقتصادي وارتفعت نسب التضخم، “أو إذا كانت هناك كارثة في السياسة الخارجية يُلقى باللوم فيها على بايدن، أو إذا كان بايدن يعاني أزمة صحية ونائبته كامالا هاريس هي المرشحة البديلة، فإن فرص ترامب ترتفع بشدة”.
وقال إن “الديمقراطيين قد يندمون على التمسك بمرشح كبير السن لا يحظى بشعبية، لأنهم لم يتمكنوا من إيجاد طريقة لاستبداله. لقد كان رئيسا جيدا بلغة الأرقام، ولديه مجموعة رائعة من إنجازات السياسة الداخلية والخارجية خلال 3 سنوات في منصبه، لكنه يعاني عجزا واضحا في الكاريزما، وأسئلة صادقة وجادة حول عمره”.
من جانبه، أقر الكاتب والمحلل السياسي والعضو بالحزب الجمهوري بيتر روف بأن تقدم ترامب يعني “أننا سنواجه على الأرجح مباراة إعادة بينه وبين الرئيس بايدن يريدها عدد قليل جدا من الأميركيين”.
وقال روف، في حديث للجزيرة نت، إن حجم انتصار ترامب وضخامته لم يكن مفاجئا في ظل علاقته الخاصة بالناخبين الجمهوريين.