دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ونظيرته الألمانية أنالينا بربوك جميع الأطراف في الشرق الأوسط إلى العمل من أجل حل الدولتين بمجرد توقف القتل (الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة)، وعبّرا عن قسوة اللحظة التي تنفطر لها القلوب عند مشاهدة هذا العدد الكبير من الأطفال يُقتلون أو يصابون.
وقال الوزيران -في مقال مشترك في صحيفة التايمز-، إنه لا أحد يريد أن يرى هذا الصراع يدوم للحظة أطول من اللازم، وعبّرا عن قناعتهما بأنهما قادرين حتى في أحلك اللحظات، “على تغيير هذا الوضع اليائس نحو الأفضل، ونحن نتقاسم التوق إلى السلام في الشرق الأوسط، كما في أي مكان آخر في مختلف أنحاء العالم”.
وأوضح المقال أن الهدف من تحرك الوزيرين لا يمكن أن يكون مجرد إنهاء القتال اليوم، بل يجب أن يكون السلام دائما لأيام وسنوات وأجيال، ولذلك، “فإننا نؤيد وقف إطلاق النار، ولكن إذا كان مستداما فقط”، خاصة أن كثيرين في المنطقة وخارجها يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار، كرد فعل مفهوم على مثل هذه المعاناة الشديدة.
حماس ليست شريكا
ومع أن الوزيرين عبّرا عن دفعهما الجهود الدبلوماسية للاتفاق على المزيد من فترات التوقف المؤقت لإدخال المزيد من المساعدات وإخراج المزيد من الأسرى، فإنهما لا يعتقدان أن الدعوة الآن إلى وقف عام وفوري لإطلاق النار هي الطريق إلى الأمام، لأنها –حسب رأيهما- تتجاهل السبب الذي يجعل إسرائيل مضطرة إلى الدفاع عن نفسها، وهو هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليها، داعيين الحركة إلى أن تلقي سلاحها.
ولما كان وقف إسرائيل جميع العمليات العسكرية على الفور لن يؤدي إلى وقف حماس إطلاق الصواريخ، ولن يؤدي إلى إطلاقها سراح الأسرى ولا تغيير “أيديولوجيتها” –حسب رأي الوزيرين- فقد استنتجا أن وقف إطلاق النار غير المستدام الذي ينهار بسرعة ويتحول إلى المزيد من العنف، لن يؤدي إلا إلى زيادة صعوبة بناء الثقة اللازمة للسلام.
وعند التفكير في طبيعة أي اتفاق سلام طويل الأمد، أوضح الوزيران أنه من الصعب، حتى قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تصور حماس شريكا حقيقيا للسلام، وأكدا أن تركها في السلطة في غزة سيكون عقبة دائمة على طريق حل الدولتين، مسوغين ذلك بأن الإسرائيليين لن يعيشوا جنب من فعلوا بهم الفظائع –حسب تعبيرهما- كما أن الفلسطينيين لن يعيشوا بين من يعرضونهم للخطر من “خلال التربص بهم تحت منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم”.
التزام القانون الدولي
ومع اعترافهما بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فهما يريان أن عليها أولا أن تلتزم بالقانون الإنساني الدولي، وأنها لن تنتصر بهذه الحرب إذا دمرت احتمالات التعايش السلمي مع الفلسطينيين، مشيرين إلى أن لها الحق في القضاء على التهديد الذي تشكله حماس، ولكن عليها أن تفعل المزيد للتمييز بشكل كافٍ بين “الإرهابيين” والمدنيين الذين قُتل منهم كثير.
ودعا الوزيران إلى تقديم المزيد من المساعدات للفلسطينيين العاديين، لأن “قلبنا ينفطر عندما نرى الأطفال تحت أنقاض منازلهم المدمرة، لا يعرفون أين يجدون الطعام أو الماء، ولا يعرفون مكان والديهم. ولذلك، زدنا تمويلنا للمساعدات الإنسانية لغزة، وإيصال الإمدادات المنقذة للحياة إلى من هم في أمس الحاجة إليها”.
وأخيرا، دعا الوزيران أولئك الذين يريدون إنهاء المعاناة، أن يعملوا معا على إيجاد حل يوفر الأمن على المدى الطويل لكلا الشعبين، مشيرين إلى أن للعرب -على وجه الخصوص- دورا حاسما في هذا الشأن، ولديهم ثقل سياسي أكبر ليطرحوه على طاولة المفاوضات، لأن صعود التطرف يشكل تهديدا للجميع، وليس للإسرائيليين والفلسطينيين وحدهم.
وخلص المقال إلى أن حل الدولتين يتطلب أن يشعر الجانبان بالأمان ويعيشان جنبا إلى جنب، ولذلك فهما يدينان بشدة الأعمال البغيضة التي يفعلها المستوطنون المتطرفون في الضفة الغربية، وسعيهم إلى تخريب أي جهود لحل الدولتين، وإجبارهم الفلسطينيين على ترك منازلهم بعنف، مطالبين بتوقف القتال اليوم وفي المستقبل.