هل يغير الحزب الديمقراطي توجهاته إذا خسرت هاريس؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

تشير استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية الأميركية 2024 إلى أن تقاربا كبيرا بين المرشحين الرئيسيين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس، وبالنسبة إلى هاريس، فإن احتمالات الهزيمة تساوي تقريبا احتمالات الفوز.

من المؤكد أن النتيجة الأولى ستؤدي إلى إثارة نقاش شرس داخل الحزب الديمقراطي حول ما ينبغي للحزب أن يتعلمه من خسارة البيت الأبيض (مرتين) أمام زعيم ديماغوجي غير شعبي.

يقول إريك ليفيتز -في تحليل لموقع فوكس الأميركي- إن الديمقراطيين يركزون حاليا على المعركة ضد ترامب، وفي الوقت نفسه هناك استعداد داخل الحزب لخطط طارئة لمعركة مختلفة، ألا وهي المعركة حول كيفية تفسير خسارة هاريس.

وبالفعل، بدأ المعتدلون في الحزب في تبني سردية خسارة هاريس، مرجعين ذلك إلى احترام إدارة جو بايدن المفرط لجماعات المصالح اليسارية ونفورها من الاقتصاد التقليدي. ويشير بعض التقدميين إلى أن هاريس ربما تكون قد هُزمت بسبب علاقاتها بشركات الأعمال الكبرى، وفشلها في صياغة “رؤية للبلاد”، والتواطؤ في الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

ويضيف الكاتب أنه في كثير من الأحيان، عندما يتعرض حزب ما لتوبيخ انتخابي، يفقد الفصيل الذي قاده إلى الهاوية نفوذه داخل الحزب، فبعد خسارة هيلاري كلينتون عام 2016 أمام ترامب، أصبح الحزب الديمقراطي أكثر تقدمية، وتنازل عن نفوذه لبعض منتقديها اليساريين.

وتحت إدارة بايدن، مارس التقدميون نفوذًا كبيرا على السياسة الاقتصادية، ولم يمر سوى 5 سنوات منذ أن خاضت هاريس حملتها الانتخابية بوصفها مؤيدة لقانون الرعاية الصحية للجميع و”الصفقة الخضراء الجديدة”، وهي مواقف سلط فريق ترامب الضوء عليها بلا هوادة.

ولأن هاريس حصلت على ترشيح الحزب الديمقراطي من دون التنافس في الانتخابات التمهيدية، فإن مسألة أي جناح داخل الحزب يملك نجاحها أو فشلها تصبح أكثر غموضًا.

لذلك يشكك الكاتب في أن هزيمة هاريس من شأنها أن تعزز الجناح التقدمي في الحزب، بل على العكس من ذلك، فإن فوز ترامب من شأنه أن يدفع الديمقراطيين نحو اليمين أو على الأقل يعزز الاتجاه المعتدل الذي اتخذه الحزب بالفعل.

ويعتبر أن الولايات المتحدة ستكون في أفضل حال من خلال رعاية اجتماعية أكثر سخاءً، ومستويات أعلى من الهجرة، وسياسة خارجية تُظهر قدرًا أقل من التسامح مع انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها حلفاء الولايات المتحدة.

ويرى الكاتب أن الاحتمال الأكبر هو التوجه نحو قدر معين من الاعتدال في حال خسارة هاريس، مرجعا ذلك لعدة عوامل، أبرزها أن الظروف غير العادية التي دفعت الديمقراطيين إلى التحرك يسارا بعد خسارتهم الأولى أمام ترامب لم تعد قائمة.

وأضاف إلى ذلك أن أحد أبرز الحجج التي يسوقها التقدميون ضد الضرورة السياسية للاعتدال باتت أقل مصداقية على مدى السنوات الثماني الماضية، لا سيما ما يتعلق بقدرة الديمقراطيين على حشد الناخبين الشباب وغير البيض من ذوي الميول الانتخابية المنخفضة من خلال التقدمية الجريئة.

ولكن خسارة الانتخابات الثانية أمام “رجعي غير منضبط” ربما لن تقنع الديمقراطيين بأن بايدن وهاريس لم يكونا يساريين بالقدر الكافي فيما يتعلق بقضايا الهجرة أو العدالة الجنائية أو السياسة المالية، ومن ثم فإن فوز ترامب للمرة الثانية ربما لا يعني حكومة فدرالية أكثر محافظة فحسب، بل يعني -على الأرجح- حزبا ديمقراطيا أكثر اعتدالا أيضا.

ففي المرة الأخيرة التي خسر فيها الديمقراطيون أمام ترامب (2016)، شرعوا في التحرك إلى اليسار، وتبنى كل ديمقراطي تقريبا لديه طموحات رئاسية مواقف أكثر تقدمية بشأن كثير من القضايا، ولكن إذا خسرت هاريس في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فمن غير المرجح أن يتكرر هذا الأمر.

أيضا، في حال خسرت هاريس بعد أن أمضى ترامب أشهرا في مهاجمتها بسبب المواقف التي اتخذتها عام 2020، فسوف يتعلم الديمقراطيون درسا ثانيا، مفاده أن الدخول في مزايدة على الدعم التقدمي أمر ضار انتخابيا، لذلك فمن المرجح أن يكون توجه الديمقراطيين عام 2028 بعد خسارة هاريس أكثر اعتدالا من عام 2020.

وتبعا لهذا السيناريو، فإن الديمقراطيين سيواجهون جمهوريًا غير ترامب عام 2028 لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان (2016-2020-2024)، والاحتمال الأكبر أن مرشح الحزب الجمهوري بعد ترامب سيكون أكثر قدرة على الالتزام برسالة وتجنب الفضائح الشخصية، وقد يجبر هذا الديمقراطيين على ممارسة قدر أعظم من الانضباط الأيديولوجي، وفق الكاتب.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *