هل يضغط بايدن فعلا على نتنياهو لوقف إطلاق النار؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

واشنطن- في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل إلى “الإعلان عن وتنفيذ سلسلة من الخطوات المحددة والملموسة والقابلة للقياس لمعالجة الأضرار المدنية والمعاناة الإنسانية وسلامة عمال الإغاثة”.

وقال بايدن إنه سيربط السياسة الأميركية بشأن غزة بالمضي قدما بتقييمه لتحرك إسرائيل الفوري بشأن هذه الخطوات، كما طالب بايدن نتنياهو “بالعمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار لإعادة الرهائن إلى ديارهم”، لكن من غير الواضح بعد ما إذا كان الرئيس بايدن يقصد وقفا دائما أم مؤقتا لوقف إطلاق النار.

وتعد هذه الخطوات بمثابة تغير راديكالي في موقف إدارة جو بايدن، التي دعمت إسرائيل من دون أي شروط منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال الأشهر الستة الماضية، سياسيا ودبلوماسيا، وتسليحيا وعسكريا، وماليا.

هل تغير موقف بايدن؟

جدير بالذكر أن بايدن، ومنذ اللحظة الأولى، وبعد أقل من أسبوعين من أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أصبح أول زعيم أميركي يزور إسرائيل خلال زمن الحرب، حيث هبط في مطار بن غوريون لعقد اجتماعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وطمأن الشعب الإسرائيلي على وقوف إدارته بجانبه حتى القضاء على حركة حماس.

وشهدت العلاقات بين بايدن ونتنياهو صعودا وهبوطا خلال الأشهر التالية، خاصة مع ارتفاع أعداد الضحايا الأبرياء من أهالي قطاع غزة، ووصل الخلاف لدرجة امتناع الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض “الفيتو” لوقف قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة.

ويبدو أن إدارة بايدن تكثف ضغطها على إسرائيل للامتناع عن تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في رفح، وأن تعطي الأولوية لسلامة المدنيين الفلسطينيين، وقال البيت الأبيض إن الرئيس بايدن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما تحدثا الخميس بأن “هناك حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، من أجل حماية المدنيين الأبرياء في غزة، وتحسين الوضع الإنساني”.

وتعد هذه أقوى خطوة لبايدن لإنهاء القتال في غزة منذ بدء العدوان قبل 6 أشهر، كما أنها أوضح رسالة بأن موقفه قد يتغير من الدعم غير المشروط لإسرائيل، وذلك اعتمادا على الخطوات التالية من جانبها، كما أنها جاءت بعد 3 أيام من غارة إسرائيلية قتلت 7 من عمال الإغاثة في “المطبخ المركزي العالمي”، ومع تعرض بايدن لضغوط متزايدة من أعضاء حزبه للضغط من أجل وقف إطلاق النار، وضمان قيام إسرائيل بالمزيد للسماح بدخول المساعدات إلى غزة.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن “الخطوات التي تتوقع الولايات المتحدة من إسرائيل اتخاذها تشمل زيادة كمية المساعدات التي تصل إلى غزة، وفتح معابر إضافية، وحماية أفضل للمدنيين وعمال الإغاثة”، وأشار إلى توقع واشنطن أن تحدث التغيرات الإسرائيلية خلال ساعات أو أيام.

ومع بداية الصراع الانتخابي، يخشى البيت الأبيض من استغلال الجمهوريين لنقطة أنه لا يزال هناك 6 مواطنين أميركيين بين المحتجزين لدى حركة حماس، ومن ناحية أخرى، يدرك البيت الأبيض حجم غضب مسلمي وعرب أميركا من موقفه الداعم لإسرائيل وعدم الاكتراث بالضحايا المدنيين الأبرياء.

فقد أرسلت انتخابات ولايتي ميشيغان وويسكونسن التمهيدية رسائل قاسية لإدارة بايدن، بعدم تصويت أكثر من 150 ألف ناخب ديمقراطي له، وتصويتهم لصالح عدم الالتزام بدعمه (Uncommitted)، إذ تعد الولايتان من بين أقرب الولايات المتأرجحة في انتخابات 2024، ولا يمكن لبايدن الفور بالانتخابات بدون الفوز في الولايتين.

النشطاء في ميشيغان شجعوا الناخبين على الإدلاء بأصواتهم غير الملتزمة بدلا من التصويت لبايدن خلال الانتخابات التمهيدية (الفرنسية)

حدود الضغط الأميركي

يقول ديفيد دي روش، أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، والمسؤول السابق بحلف شمال الأطلسي “الناتو”، إن “إسرائيل تنظر إلى هذه الحرب على أنها أزمة وجودية، وليست مجرد عمل آخر أو حرب محدودة، ومع ذلك، فإن الوضع الإنساني المتدهور في غزة هو المحرك الرئيسي لعدم الرضا الأميركي عن النهج الإسرائيلي”.

ويوضح “على المدى القصير، فإن قدرة واشنطن على السيطرة على تصرفات إسرائيل مبالغ فيها، فإسرائيل لديها صناعة دفاعية قوية، ولديها مخزونات واسعة من الأسلحة، وتشترك مع واشنطن في وجهة نظر مشتركة حول التهديد الذي يشكله حزب الله، وغيره من المليشيات العميلة لإيران”.

وفي حديث للجزيرة نت، أشار دي روش إلى أنه “إذا خلصت إدارة بايدن إلى أن إسرائيل تتبنى عمدا إستراتيجية تهدف إلى إلحاق أضرار في المدنيين، فقد تتخذ الولايات المتحدة تدابير لتقييد المساعدات العسكرية، ومع ذلك، فإن مثل هذه التدابير ستستغرق شهورا إن لم يكن سنوات ليكون لها تأثير على العمليات الإسرائيلية”.

وقال دي روش إنه، ومن خلال أحاديثه مع كبار السياسيين والمسؤولين العسكريين الإسرائيليين السابقين في الأشهر القليلة الماضية، وجد أنهم “أجمعوا على أن مستوى التهديد الذي تشعر به إسرائيل، بسبب الصدمة التي سببتها هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا يتم تقديرهما أو فهمهما خارج إسرائيل، فعندما ينظر المرء إلى وضع نتنياهو، فمن الصعب تخيله أنه سيبقى شخصية رئيسية في السياسة الإسرائيلية إذا لم يهزم حماس بشكل حاسم، والتي أعتقد أنه يعتبرها بصدق تهديدا لإسرائيل”.

ويضيف “لذلك أعتقد أن نتنياهو سيفعل ما يشعر بأنه بحاجة إلى القيام به لتدمير حماس، بمجرد أن تسمح الاعتبارات السياسية، وأتوقع أن يتصرف نتنياهو بشكل حاسم لحماية ما يعتبره مصالح أمنية لإسرائيل، وأن يتعامل مع إصلاح العلاقة مع الولايات المتحدة وسمعة إسرائيل الدولية بعد حل الأزمة الأمنية”.

انتقادات إسرائيلية

ويتهم أنصار إسرائيل، سواء في المراكز البحثية اليمينية بواشنطن، أو بين صقور الحزب الجمهوري، أن موقف بايدن الجديد يشجع حماس، ومن غير المرجح أن يوقف العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح، ويكرر هؤلاء أن إسرائيل لا تنوي إيذاء أحد في رفح، وأن حكومة نتنياهو تبذل قصارى جهدها لتقديم المساعدات الإنسانية، في الوقت ذاته يكررون أن حركة حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية، وكأداة للضغط على إدارة بايدن.

وعبّر الرئيس والمدير التنفيذي للمعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي مايكل ماكوفسكي عن الموقف الإسرائيلي بوضوح، إذ اعتبر أن الحسابات الانتخابية لإدارة بايدن تقف وراء الضغط المتزايد على إسرائيل.

وغرد السيناتور الجمهوري توم كوتون مهاجما بايدن على منصة إكس، وقال إن “حماس هي التي رفضت وقف إطلاق النار وليس إسرائيل، وبدلا من مهاجمة حليفنا، يجب على جو بايدن أن يطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *