القاهرة- حظي خالد عناني مرشح مصر لمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بتوافق عربي غير معتاد، من شأنه أن يعزز حظوظه في الفوز بالمنصب الأممي الرفيع بعد خسارته 3 مرات، بحسب مراقبين.
وفي ختام أعمال دورته العادية رقم 160 بمقر الأمانة العامة للجامعة، اعتمد مجلس وزراء الخارجية العرب ترشيح عناني مرشحا لمنصب مدير عام اليونسكو خلال الفترة 2025 – 2029.
ففي أبريل/نيسان 2023، أعلن مجلس الوزراء المصري -في بيان- ترشيح عناني، وزير السياحة والآثار السابق، للمنصب كمرشح لجمهورية مصر العربية، استناداً لمؤهلاته وإنجازاته الأكاديمية والتنفيذية في مجالات عدة.
وتحدث البيان عن إسهامات عناني القيّمة وطنيا ودوليا في مجالات العلوم والتربية والثقافة، والتي تُعد نتاجاً لخبراته -طيلة 30عاما- في مجالات التدريس الجامعي، البحث العلمي، علوم المصريات، الآثار والتراث والمتاحف والسياحة.
وتولى عناني منصب وزير الآثار في مارس/آذار 2016 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2019، ثم أصبح وزيرا للسياحة والآثار في ديسمبر/كانون الأول 2019 وحتى أغسطس/آب 2022.
وتأمل مصر أن يساعدها التوافق العربي في الظفر برئاسة اليونسكو بعد خسارته 3 مرات: الأولى عام 2009 عندما رشحت وزير الثقافة فاروق حسني وفازت به وزيرة الخارجية البلغارية السابقة إيرينا جيورجييفا بوكوفا التي أصبحت أول امرأة ترأس هذه المنظمة الأممية.
وكانت المرة الثانية سنة 2001 عندما خسر مدير مكتبة الإسكندرية سابقاً إسماعيل سراج الدين أمام الياباني كويشيرو ماتسورا. أما المرة الثالثة، فكانت بخروج السفيرة والوزيرة السابقة مشيرة خطاب من المنافسة بالجولة قبل الأخيرة من التصويت النهائي بسبب ما سمته “تفتيت الأصوات والتربيطات”.
مجلس وزراء الخارجية العرب يعتمد ترشيح الدكتور خالد العناني مرشحاً عربياً لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو للفترة ٢٠٢٥-٢٠٢٩، وذلك ضمن اعتماد تأييد الترشيحات العربية لعدد من المناصب الدولية. pic.twitter.com/wuL8i35Yh5
— Egypt MFA Spokesperson (@MfaEgypt) September 6, 2023
مرشح عربي
رحب الطيب عباس مساعد وزير السياحة والآثار للشؤون الأثرية بالمتحف المصري بالتوافق العربي حول المرشح المصري، وأرجعه إلى “كفاءة العناني وقدراته العلمية وخبرته كوزير للسياحة والآثار لفترة طويلة، واهتمامه بكل ما يختص بالآثار والثقافة في مصر والعالم، وحصوله على جوائز مثل وسام الشمس المشرقة من اليابان”.
وأعرب عباس -للجزيرة نت- عن أمله في أن يساعد التوافق العربي هذه المرة في توحيد الأصوات العربية وحصول عناني على أكبر عدد من الأصوات “باعتباره مرشحا عربيا وليس مصريا فحسب”.
وقلل الوزير السابق من قيمة ما يثار حول خروج القاهرة التاريخية من قائمة التراث العالمي للمنظمة، وأكد أن ما يجري “تطوير للمنطقة وتيسير للوصول إليها وليس طمسا للهوية”.
وقال عباس إن الدولة معنية بالحفاظ على الآثار والجانب التاريخي للمنطقة “وهناك توجه بتطوير كافة المواقع الأثرية، إسلامية أو قبطية أو فرعونية”.
تعد وإهمال
في المقابل، تتعالى أصوات تحذر من خروج القاهرة التاريخية من قائمة التراث العالمي، ونقلها إلى قائمة التراث المعرض للخطر بسبب التعدي والإهمال.
وأدرجت “اليونسكو” القاهرة التاريخية على قائمة التراث العالمي عام 1979 بناء على توصية المجلس الدولي للآثار والمواقع (إيكوموس).
كما يتواصل الجدل في مصر منذ قيام الحكومة بتطوير شبكة الطرق بالقاهرة التاريخية، والذي صاحبه انتشار صور ومقاطع لعمليات هدم بالجرافات لمقابر ومدافن يعتقد أنها أثرية، وهو ما ينفيه المسؤولون.
وأوضح رئيس الوزراء المصري بقوله “اهتمام الدولة بتطوير منطقة جنوب القاهرة التاريخية يُعد جزءًا من خطتها لإعادة تأهيل كافة المقاصد التاريخية والتراثية”.
وتضم هذه المنطقةُ القاهرة التاريخية المسجلة على قائمة مواقع التراث العالمي بمنظمة اليونسكو، مزارات آل البيت، حدائق الفسطاط وجامع عمرو بن العاص ومجمع الأديان، المقابر التراثية والتاريخية.
“اتفق العرب على أن يتفقوا هذه المرة” كما يقول الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية السفير أحمد حجاج، تعليقا على الدعم العربي للمرشح المصري لمنصب مدير عام اليونسكو.
وأرجع حجاج -في تصريحه للجزيرة نت- هذا التوافق إلى طبيعة العلاقات بين الدول العربية والتي هي الآن “في حالة تقارب وليس تقاطعا”.
وطالب الدول العربية باستغلال علاقاتها لدى الكثير من دول العالم لدعم المرشح العربي، معتبرا أن فوز عناني كأول عربي لمنصب مدير عام اليونسكو سيكون له أثر إيجابي في دعم المنظمة في المنطقة.
“وزير شطب الآثار”
ورغم التأييد الحكومي الكامل لعناني، وجهت إحدى أبرز الصحف المحلية انتقادات شديدة ونادرة للوزير إبان توليه منصبه ووصفته بأنه “وزير شطب الآثار”.
وتحت عنوان “كيف نجح العناني في تدمير وزارة كاملة؟” قالت صحيفة الأخبار “الوزير لم يتبن تسجيل الآثار، بل تبنى شطب المباني الأثرية المسجلة في عداد الآثار”.
وأضافت “عانت الكثير من الآثار المسجلة في عهده، ولم يتبن الرجل تسجيل المباني الأثرية، إلا أنه فاجأ الكثيرين خلال حديث فقال نصًا: لو هسجل كل المباني التي مر عليها 100 سنة يبقى هسجل نصف البلد”.
بدوره، قال الباحث في علم الآثار والتراث مصطفى الصادق -للجزيرة نت- إنه لم يتم تسجيل مبان كثيرة ضمن قائمة المباني الأثرية في عهد عناني، لحمايتها، وإنه تم التعدي على بعضها.
واعتبر الصادق أن ما يجري في منطقة مقابر السيدة عائشة والإمام الشافعي وغيرها من المناطق “بدعوى مد وإنشاء الطرق والجسور، قد يؤثر سلبا على ترشح الرجل (عناني) في ظل عمليات الهدم المستمرة”.
وبفوزه، سيكون عناني أول عربي وثاني أفريقي يتقلد هذا المنصب بعد السنغالي أمادو مختار مبو الذي ترأس اليونسكو لفترتين ما بين 1974-1987.
وتترأس اليونسكو حاليا الفرنسية أودري أزولاي بعد فوزها عام 2017 على المرشح القطري حمد بن عبد العزيز الكواري بـ 30 مقابل 28 صوتا.
وفازت أزولاي على مرشحة مصر السفيرة مشيرة خطاب في جولة إعادة صعدتها لمواجهة مرشح قطر بالجولة الخامسة والنهائية.