واشنطن- انضمت ولاية ماين إلى كولورادو، وقررت استبعاد اسم دونالد ترامب من الظهور على بطاقات الاقتراع في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، والمقرر أن تجري في الخامس من مارس/آذار القادم في الولايتين.
واتخذت سكرتيرة ولاية ماين، شينا بيلوز، المنتمية للحزب الديمقراطي، والتي يخولها منصبها الإشراف على الانتخابات في الولاية، قرار استبعاد ترامب. وقالت إنها تتبع قانون الانتخابات في الولاية، وتعمل طبقا لنصوص الدستور الأميركي.
ويتقدم ترامب، وبفارق واسع، السباق بين المرشحين الجمهوريين، وتشير أغلب استطلاعات الرأي لتقدمه على الرئيس جو بايدن على المستوى الوطني.
وتوقّع عدد كبير من المراقبين وخبراء القانون الدستوري تدخل المحكمة العليا للنظر في حكم ولايتي ماين وكولورادو، وحسم قضية أهلية ترشح ترامب لانتخابات 2024.
ولا يزال استئناف قرار المحكمة في كولورادو معلقا أمام المحكمة العليا، كما رفضت حملة ترامب القرار، وقدمت استئنافا ضده، وإذا قررت المحكمة العليا مراجعة القضية، فقد يكون لها آثار واسعة النطاق على الطعون الأخرى لأهلية ترامب في جميع أنحاء الولايات الأميركية.
وستجري الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في كل من ولايتي ماين وكولورادو في الخامس من مارس/آذار المقبل، فيما يعرف بيوم “الثلاثاء الكبير”. في حين يجب أن تكون بطاقات الاقتراع في ولاية ماين للعسكريين والناخبين في الخارج (يصوتون مبكرا) جاهزة بحلول يوم 19 يناير/كانون الثاني المقبل.
وتوقعا لاستئناف قرارها، ترجح بيلوز أن تصدر المحكمة العليا في ولاية ماين حكمها قبل أو بحلول 17 يناير/كانون الثاني المقبل.
سند قانوني ضعيف
بعد الحرب الأهلية، صادق الكونغرس على التعديل الـ14 لضمان حقوق العبيد السابقين، وتضمنت فقرة من جملتين في القسم الثالث عبارات لمنع قادة الجنوب ممن أيدوا بقاء العبودية وحاربوا في سبيل ذلك، من استعادة السلطة في ولايتهم عن طريق الترشح بعد الحرب تحت ذريعة مشاركتهم في محاولة تمرد ضد الدولة الأميركية.
وعلى هذا الأساس رُفِعَت عشرات الدعاوى القضائية لاستبعاد ترامب بادعاء أنه شارك في التمرد في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي ضد الدولة الأميركية، وعليه لم يعد مؤهلا للترشح للمنصب.
وفشلت جميع الدعاوى حتى جاء حكم ولاية كولورادو، وتحرك سكرتيرة ولاية ماين شينا بيلوز. ولم تصدر المحكمة العليا أبدا حكما بشأن القسم الثالث، ومن المرجح أن تفعل ذلك عند النظر في الطعون على قرار كولورادو، وقد استأنف الحزب الجمهوري على الحكم في الولاية بالفعل، ومن المتوقع أن يقدم ترامب نفسه استئنافا خاصا به قريبا.
جدير بالذكر أنه تتم محاكمة ترامب بالفعل بسبب محاولة إلغاء خسارته لعام 2020، والتي بلغت ذروتها في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي، لكن القسم الثالث في التعديل الدستوري الـ14 لا يتطلب إدانة جنائية ليصبح ساري المفعول.
فوضى وسابقة دستورية
في حديث لشبكة “سي بي إس” قالت بيلوز “في تقييم وزن الأدلة، أوضحت أن ترامب كان على دراية بالتوتر الذي تسبب فيه بعد ضغوطه لعدة أشهر لنزع الشرعية عن انتخابات 2020، وهو اختار بعد ذلك إشعال الفوضى”.
وأضافت أن “الدستور الأميركي لا يتسامح مع الاعتداء على أسس حكومتنا، وقانون الانتخابات في ولاية ماين يتطلب مني التصرف ردا على ذلك”، و”كانت أحداث السادس من يناير/كانون الثاني غير مسبوقة ومأساوية، وترامب شارك في هذا التمرد، ولذلك، ليس مؤهلا ليكون على ورقة الاقتراع”.
وفي بيان مضاد، قال ستيفن تشيونغ، المتحدث باسم حملة ترامب “سنقدم بسرعة اعتراضا قانونيا في محكمة الولاية لمنع سريان هذا القرار الفظيع في ولاية ماين”، وأضاف “نشهد في هذه الأوقات محاولة سرقة الانتخابات وحرمان الناخب الأميركي من حق التصويت”.
ويجادل ترامب بأنه لا يمكن استبعاده من سباق الرئاسة، بسبب سلوكه المحيط بانتخابات 2020 وأحداث السادس من يناير/كانون الثاني، لأن كل ما قام به من خطب وتصريحات محمية بموجب التعديل الأول المتعلق بحرية التعبير.
وفي حوار مع الجزيرة نت، أشار أستاذ القانون الدستوري بجامعة نيويورك البروفيسور نوح روزنبلوم إلى أن “الجزء الرئيسي من الأحكام، إذا كنا نفكر في الآثار القانونية، هو أمر المحكمة العليا في كولورادو بوقف قرارها، حتى تتاح للمحكمة العليا للولايات المتحدة فرصة مراجعة القضية، ما يعنيه هذا، في الممارسة العملية، هو أن المحكمة في كولورادو تمارس كثيرا من الضغط على المحكمة العليا للولايات المتحدة لتنظر في القضية”.
ويضيف الخبير الدستوري أنه “من شبه المؤكد أن المحكمة العليا في ولاية كولورادو لن يكون لها الكلمة الأخيرة في هذه المسألة، لأن المحكمة العليا للولايات المتحدة ستنظر الآن بشكل شبه مؤكد في القضية. وكيف سيحلون المشكلة؟ هو ما لا يعرفه أي شخص في هذه اللحظة”.
انتقادات جمهورية
وغرّد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، على منصة إكس منتقدا القرارات الساعية لسحب ترشّح ترامب في الانتخابات التمهيدية بعدد من الولايات، وقال “قرار سكرتيرة ولاية ماين بسحب اسم ترامب من بطاقات الاقتراع هو قرار متهور ومسيس. أنا واثق من أن المحكمة العليا سترفضه وتعكسه”.
وشهدت الأيام القليلة السابقة رفض ولايتي ميشيغان وكاليفورنيا استبعاد ترامب من بطاقات الاقتراع. ويرفض أغلب مسؤولي الولايات طلبات استبعاده، وعادة ما يقولون إنهم لا يملكون السلطة للقيام بذلك ما لم يكن هناك قرار من المحكمة بذلك.
وتتكون المحكمة العليا من 9 قضاة، منهم 6 عينهم رؤساء جمهوريون، 3 من قبل ترامب نفسه. لكن المحاكم لا تنقسم دائما على أسس حزبية يمكن التنبؤ بها، فقد جاء حكم ولاية كولورادو بأغلبية 4 أصوات مقابل 3، وكان الـ3 من الديمقراطيين.
ويحذر خبراء قانونيون من أنه إذا لم تحل المحكمة العليا القضية بحسم ووضوح، فقد يؤدي ذلك إلى فوضى في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أو في يناير/كانون الثاني 2025، إذا فاز ترامب في الانتخابات.