طهران– بعد عطلة بداية السنة الإيرانية مباشرة، شهدت العاصمة طهران في النصف الثاني من الأسبوع المنصرم زيارات متتالية ومتزامنة لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية وأمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة.
تضمنت الزيارات لقاءات سياسية وعسكرية على أعلى المستويات في إيران، حيث التقى كل من هنية والنخالة بالمرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي، بالإضافة إلى شخصيات أخرى. وكانت هذه هي الزيارة الثانية لهنية والأولى للنخالة إلى طهران منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
كما جمع لقاء بين هنية والنخالة في طهران وأعلنت حركتا حماس والجهاد الإسلامي -في بيان مشترك- أن نجاح أي مفاوضات غير مباشرة يعتمد على وقف العدوان، وانسحاب الاحتلال من قطاع غزة، وحرية عودة النازحين، وإدخال المساعدات تزامنا مع تبادل للأسرى.
دعم عسكري وسياسي
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد ممثل حركة الجهاد الإسلامي في طهران ناصر أبو شريف أن هذه المعركة بدأها الشعب الفلسطيني لأسباب موضوعية واضحة، وكلها كانت أسبابا فلسطينية، لكن هناك أيضا واجبا غير واجب الشعب الفلسطيني، وهو واجب وطني وقومي وديني وإنساني.
وشدد أبو شريف على أن قضية فلسطين الآن ليست فقط قضية حرية للشعب الفلسطيني، بل هي قضية إنسانية من الدرجة الأولى وأخلاقية، لذلك “نحن تحاورنا وتباحثنا مع طهران في المسائل الأساسية التي يمكن أن تدعم الشعب الفلسطيني على المستوى السياسي والعسكري، وكذلك من الجهة الإعلامية والدعائية وتوضيح الرواية الفلسطينية، وفي القضايا القانونية والإنسانية التي تواجه الآن قطاع غزة”.
وأضاف أن غزة تواجه حاليا كارثة إنسانية بالمعنى الحقيقي وكل العالم والمنظمات الدولية يتحدثون عنها، وإيران دولة إقليمية مهمة لها وزنها في الإقليم وحتى على مستوى العالم، وقال “أطلعنا المسؤولين الإيرانيين على كل الجوانب التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، وخصوصا على المستوى العسكري والسياسي والإنساني”.
ولفت إلى أن إيران لن تدخل المفاوضات وستبقى مساندة للشعب الفلسطيني في كل المحافل الإقليمية والدولية وهي تحاول أن تقوم بدورها في ظل هذا العدوان الكبير الشامل الذي تقوده أميركا والغرب.
وقال “نحن نعول على قوى أمتنا وإيران كداعم كبير لمقاومة وحقوق الشعب لفلسطيني”، مؤكدا أن إيران ليست طرفا في المفاوضات والشعب الفلسطيني هو من يفاوض عن نفسه.
رسائل مبطنة
من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية المختص بالشأن الفلسطيني منصور براتي أن زيارة قادة فصائل المقاومة الفلسطينية إلى إيران، رغم مرور ما يقرب من 6 أشهر على الحرب على غزة، تظهر من ناحية أن فصائل المقاومة، وفي مقدمتها حماس، تتعرض الأشهر الأخيرة لضغوط بشكل أو بآخر في عملية المفاوضات، لكن من ناحية أخرى، تواصل إيران سياستها المبدئية المتمثلة في دعم محور المقاومة كما كانت من قبل.
واعتبر في تصريحات للجزيرة نت أن حضور هنية والنخالة، واستقبالهما الرسمي ولقاءهما مع أعلى القيادات في إيران مثل المرشد، يحمل رسالة مفادها أن زيادة الضغط على حماس وجماعات المقاومة الأخرى سيجعلها أقرب إلى طهران ويعوَّض نقص دعمها من خلال زيادة الدعم الإيراني.
وأضاف براتي “لعل أهم علامة على نفوذ طهران خلال المفاوضات تمكن قراءتها في إصرار حماس على الموقف الأساسي المتمثل في إنهاء الحرب كشرط مسبق لتبادل الرهائن مع الأسرى الفلسطينيين”، مشيرا إلى أن زيارة هنية والنخالة إلى طهران تنقل رسالة إلى تل أبيب وداعميها بأن فصائل المقاومة في الميدان تريد أيضا مواصلة الحرب، وإذا لم توافق تل أبيب على شروط حماس في المفاوضات المقبلة فإن هذه الفصائل ستتخذ موقفا أكثر صلابة، كما أن هجمات فصائل أخرى من محور المقاومة ضد إسرائيل قد تشتد.
زيارات تشاورية
وبدوره، يلفت المحلل السياسي مختار حداد إلى أن هذه الزيارة الرسمية هي الثانية لهنية لإيران منذ طوفان الأقصى، كذلك وزير الخارجية الإيراني كانت له عدة زيارات لدول المنطقة وخلالها التقى النخالة في بيروت وهنية في الدوحة.
وقال إن هذا يعني أن إيران على تواصل دائم بقادة المقاومة الفلسطينية، وأن هناك تنسيقا وتشاورا مستمرا مع محور المقاومة، خاصة المقاومة الفلسطينية، معتبرا أن مستوى اللقاءات في طهران دليل على ذلك.
وأردف في حديثه للجزيرة نت “أن هناك قرارا لمجلس الأمن، ويجب الضغط على الكيان، لكن الأمور أثبتت أن الضغط يجب أن يكون أوسع مما نشهده في مجلس الأمن وفتح جبهات من المقاومة في لبنان واليمن والعراق.
أما أستاذ العلاقات الدولية محسن جليل وند، فيشير إلى أن الزيارة تأتي في إطار إعادة النظر في التقديرات المرتبطة بالحرب، مضيفا -في حديثه للجزيرة نت- أن “معادلات الحرب في وضع متغير، وحماس توقعت بلا شك رد إسرائيل، لكن الظروف تتغير في مسار الحرب وهذا يتطلب إعادة النظر في التقديرات والتنسيقات”.