توقع كاتب بموقع بريطاني أن لدى تركيا فرصة كبيرة لتحل مكان فرنسا في غرب أفريقيا، حيث توالت الانقلابات العسكرية في السنوات الأخيرة في كل من مالي وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر.
وكتب محمد أوزكان الباحث في مركز السياسة العالمية بواشنطن أن تركيا زادت نفوذها في غرب أفريقيا خلال العقد الماضي، بدءا من العلاقات التجارية إلى السياسية، ومن التعاون في مجال صناعة الدفاع إلى التعليم والتنمية، مما جعل أنقرة صديقا حاسما لأفريقيا الناطقة بالفرنسية.
وتساءل أوزكان في مقال نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن تأثير هذه الانقلابات على علاقات أنقرة الإقليمية، وعما إذا كانت تركيا تكتسب المزيد من النفوذ في غرب أفريقيا بسبب تراجع نفوذ فرنسا.
ورفض الباحث الاعتقاد الشائع بأن الانقلابات العسكرية هي المسؤولة عن انحدار قوة فرنسا، حيث ظلت باريس تخسر نفوذها في غرب أفريقيا منذ فترة طويلة حتى قبل استيلاء العسكر على السلطة.
واعتبر أن ذلك يمكن أن يساعد على كسب الرأي العام في العالم الأوسع من خلال إعطاء الانطباع بأن هذه الدول تستعيد استقلالها عن فرنسا.
دبلوماسي حذر
ولفت الكاتب إلى أن “الفرنك الأفريقي” المدعوم من فرنسا والمرتبط باليورو هو العملة الرسمية لـ14 دولة أفريقية، بما في ذلك النيجر ومالي والغابون وبوركينا فاسو.
وتطالب فرنسا هذه الدول بالاحتفاظ بنصف احتياطياتها من النقد الأجنبي في الخزانة الفرنسية، وهذه العلاقة المالية -التي لن تنتهي ببساطة- تسمح لباريس بمواصلة ممارسة نفوذها على الشؤون الاقتصادية والسياسية لبلدان الفرنك الأفريقي.
وأضاف أوزكان أن الانتخابات التركية التي أجريت في مايو/أيار الماضي فتحت فصلا جديدا في السياسة الخارجية التركية مع الدول الغربية، حيث يبدو أن الرئيس رجب طيب أردوغان لم يعد مهتما بإغضاب الغرب، بما في ذلك فرنسا، وبالتالي ظلت تركيا بعيدة عن الأضواء نسبيا عندما يتعلق الأمر بالانقلابات العسكرية في غرب أفريقيا.
ومع ذلك، أشار الكاتب إلى وجود مستويات مختلفة من التعاون العسكري مع عدد من دول غرب أفريقيا، بما في ذلك تعليم وتدريب العسكريين.
ولمعالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية للتطرف العنيف في غرب أفريقيا تدير وكالة التعاون والتنسيق التركية مشاريع في عدد من البلدان، بما في ذلك السنغال وتشاد والنيجر وتوغو، ولديها 22 مكتب تنسيق منتشرة في أنحاء القارة.
علاقات منخفضة المستوى
وفي هذا الشأن، قال أوزكان إن تركيا تعتبر جهة فاعلة ذات أهمية متزايدة في تزويد غرب أفريقيا بالمعدات الدفاعية والتعاون الفني والعلمي، ويشمل ذلك أكثر من 30 دولة أفريقية، بما في ذلك دول منطقة الساحل.
وبيّن الباحث أنه منذ الانقلاب الفاشل في تركيا عام 2016 دعمت أنقرة البلدان الأفريقية التي توجد فيها جماعة غولن، وكان إغلاق المدارس التابعة للحركة من أبرز القضايا التي أثارها أردوغان في اجتماعاته مع الزعماء الأفارقة منذ 2016.
وبالفعل أغلقت مدارسها أو سُلمت إلى مؤسسة المعارف التركية، وهي مؤسسة حكومية تدير المدارس نيابة عن تركيا في الخارج.
وتدير المؤسسة الآن مدارس في 26 دولة بأفريقيا، بما في ذلك النيجر وتشاد والغابون والكاميرون ومالي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وساحل العاج وغينيا.
وختم أوزكان بأن قادة الانقلاب قد يستغلون الخطاب المناهض للإمبريالية لكسب الدعم، لكن لا تركيا ولا أي دولة أخرى قادرة حتى الآن على القيام بدور فرنسا في المنطقة، كما أنها لم تبد أي اهتمام بالقيام بمثل هذا الدور، وبدلا من ذلك تفضل أنقرة أن تكون علاقاتها مع دول غرب أفريقيا بمستوى منخفض دون التورط في السياسة الداخلية لدول الانقلاب.