قال الكاتب مارك لاندلر في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إن بعضا من تداعيات الحرب المستمرة على غزة بدأت تظهر آثارها الواضحة على المشهد السياسي في كل من بريطانيا والولايات المتحدة، موضحا أن عددا من الأطراف بدأت تستغل القضية لمحاولة تحقيق مكاسب سياسية.
وأضاف أن البرلمان البريطاني شهد معركة هذا الأسبوع، حيث أطلق مشرعون صيحات الاستهجان، وخرجوا من مجلس العموم احتجاجا على أسلوب تعامل رئيس البرلمان مع التصويت الداعي إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وفي الخارج، قام حشد من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين بعرض شعار “من النهر إلى البحر” على واجهة ساعة بيغ بن، مما أثار استنكارا من أولئك الذين ينظرون إليه باعتباره صرخة للقضاء على إسرائيل.
وبحسب مارك لاندلر، فقد أظهرت هذه المشاهد ومثيلاتها أن حرب إسرائيل على غزة يتردد صداها إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط.
حرب تصريحات
وأشار الكاتب إلى أن حزب المحافظين الحاكم استغل تصريحات معادية لإسرائيل أدلى بها مرشح برلماني لحزب العمال لاتهام خصمه بالفشل في القضاء على إرث معاداة السامية في صفوفه.
بالمقابل، تحدث حزب العمال عن التعليقات المهينة التي أدلى بها أحد أعضاء البرلمان من حزب المحافظين بشأن عمدة لندن المسلم صادق خان كدليل على تزايد كراهية الإسلام بين المحافظين.
وتابع لاندلر أن كلا الحزبين ناورا بشراسة في البرلمان بشأن قرار وقف إطلاق النار، ليس لأنهما اختلفا كثيرا حول جوهر القرار، وإنما لأن المحافظين رأوا فيه فرصة لتسليط الضوء على الخلافات داخل حزب العمال بشأن دعم بريطانيا لإسرائيل.
ونقل التقرير عن ستيفن فيلدنغ، أستاذ التاريخ السياسي الفخري بجامعة نوتنغهام، قوله إن ذلك مثال على كيفية تشويه قضية خطيرة من خلال منظور السياسة الحزبية في بريطانيا.
وأضاف الكاتب لاندلر أن الغضب بين بعض الديمقراطيين في الولايات المتحدة بشأن الدعم القوي الذي يقدمه الرئيس جو بايدن لإسرائيل أدى إلى تأجيج تصويت احتجاجي في الانتخابات التمهيدية في ميشيغان هذا الأسبوع، مما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت الحرب يمكن أن تغيّر نتيجة الانتخابات الرئاسية التي شهدت منافسة متقاربة.
تراجعات
وفي فرنسا، اضطر الرئيس إيمانويل ماكرون إلى التراجع عن موقفه المؤيد الكامل لإسرائيل. لكن في ألمانيا، استمر دعم إسرائيل كمبدأ راسخ في ظل مسؤوليتها عن المحرقة، رغم أن وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك بدأت مؤخرا التأكيد على أهمية “بقاء الفلسطينيين”.
وأكد الكاتب أن الصراع أيقظ أشباحا مزعجة في السياسة البريطانية، فعندما تحدث لي أندرسون، النائب المحافظ، عن “سيطرة الإسلاميين” في تلميح على عمدة لندن صادق خان، كان يتاجر بهذا النوع من المشاعر المعادية للمسلمين.
ووصف خان التعليقات بأنها “عنصرية ومعادية للإسلام ومعادية للمسلمين”. وقام رئيس الوزراء ريشي سوناك بتعليق عضوية أندرسون في الحزب، لكنه يواجه الآن انتقادات من الجناح اليميني للحزب بسبب ذلك.
وأورد الكاتب أن حكومة سوناك قامت الأسابيع الأخيرة بتغيير موقفها بشأن الصراع بما يكفي لطمس الخلافات مع المعارضة. وفي رحلة إلى جزر فوكلاند الأسبوع الماضي، دعا وزير الخارجية ديفيد كاميرون إلى وقف إطلاق النار، قائلا إن القتال يجب أن يتوقف “فورا”.
استغلال سياسي
ووفقا لساندر كاتوالا، مدير معهد المستقبل البريطاني لأبحاث الهجرة والعرق، فإن ديفيد كاميرون وكير ستارمر-زعيم حزب العمال- لهما لموقف نفسه بشأن إسرائيل وغزة، وكلاهما يتبنى موقف ثلثي الجمهور. ولكن حتى إذا فاز ستارمر في الانتخابات العامة، فقد تشكل إسرائيل مشكلة بالنسبة له في الحكومة.
وأوضح الكاتب أن الحرب على غزة تمثل بالنسبة للمحافظين مجموعة مختلفة من التحديات، مثله في ذلك مثل الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الذي اتخذ موقفا قويا لصالح إسرائيل.
ووفقا لبن أنسيل، أستاذ المؤسسات الديمقراطية المقارنة في جامعة أكسفورد، فإن كثيرا من أعضاء البرلمان المحافظين سيفقدون مقاعدهم، لذا فهم يبحثون عن فرص إعلامية للظهور، واستقطاب أصوات، وهنا يبدو أن اللعب على المشاعر المعادية للمسلمين يعكس محاولة أخيرة من قِبَل المحافظين لعرقلة زخم حزب العمال.