قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق قررت استدعاء الشرطة لاعتقال الطلاب المحتجين المؤيدين للفلسطينيين بعد أن أقاموا معسكرا يسيطر على حديقة الجامعة، وذلك بعد أن تعرضت لاستجواب مكثف من قبل لجنة تابعة للكونغرس تحقق في معاداة السامية بحرم جامعات النخبة.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير مشترك بين نيكولاس فاندوس وشارون أوترمان- أن نعمت شفيق أوقفت الطلاب عن الدراسة، وأمرت شرطة مدينة نيويورك لمكافحة الشغب باعتقال أكثر من 100 ناشط رفضوا المغادرة بعد ظهر الخميس، لكن قرارها جاء بنتائج عكسية وأدى إلى سلسلة من ردود الفعل هزت الجامعات في جميع أنحاء أميركا.
هيئة التدريس هددت بالثورة
لم ينحن الطلاب المحتجون -حسب الكاتبين- وأصبح المخيم أكبر من ذي قبل، بل إن هيئة التدريس هددت بالثورة بسبب ما قالت إنه “اعتداء غير مسبوق على حقوق الطلاب”، وأعرب البيت الأبيض عن قلقه العميق، كما دعا المشرعون الجمهوريون إلى استقالة رئيسة الجامعة.
وقال روبرت ماكوجي -وهو أستاذ جامعي سبق أن كتب تاريخ جامعة كولومبيا- “إنه الاختبار الأكثر أهمية الذي واجهته الجامعة منذ تعافيها من أزمة عام 1968” وسط حرب فيتنام.
وأضاف أنه إذا تم التعامل مع الصراع بشكل سيئ فإنه يمكن أن يساهم في تفاقم أزمة الثقة بالجامعات، باعتبارها محركات للتقدم الاجتماعي التي تعد الأجيال القادمة لمواجهة التحديات الأكثر إلحاحا في العالم.
موازنة معقدة
وأشارت الصحيفة إلى أن المظاهرات الطلابية المناصرة للقضية الفلسطينية أصبحت سمة ثابتة في جامعات أميركية مختارة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، إذ يقول العديد من النشطاء -بمن فيهم طلاب يهود يدعمون الاحتجاجات- إنهم يناضلون من أجل الحفاظ على حياة الإنسان في غزة حيث قتل أكثر من 35 ألف شخص.
وتواجه جامعة كولومبيا واحدة من أكثر عمليات الموازنة تعقيدا بين حماية الطلاب في الحرم الجامعي واحترام التزامها العميق بالحرية الأكاديمية، خاصة أنها موطن لعدد كبير من الطلاب اليهود والعرب، مما يعني أنها -حسب رئيستها- لم تكن مستعدة للاحتجاجات التي أعقبت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
حملة قمع بطيئة
ومع تصاعد الاحتجاجات وخسارة رئيستي جامعة هارفارد وجامعة بنسلفانيا بسبب تداعيات العدوان على غزة بدأت جامعة كولومبيا حملة قمع بطيئة -حسب الصحيفة- أوقفت بموجبها مجموعتين طلابيتين “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” و”الصوت اليهودي من أجل السلام” اللتين انتهكت احتجاجاتهما المتكررة سياساتها بشكل متكرر، كما أوقفت هذا الشهر طلابا شاركوا في حدث يسمى “المقاومة 101” أشاد المتحدثون فيه بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي الوقت الذي تم فيه استدعاء الدكتورة نعمت شفيق للإدلاء بشهادتها أمام لجنة التعليم والقوى العاملة بمجلس النواب التي يقودها الجمهوريون هذا الشهر بدا كما لو أنها سوف تتجنب مصير الرؤساء الآخرين الذين استهدفهم الكونغرس “وتجنبت ارتكاب الأخطاء التي ارتكبها نظراؤها وأظهرت كثيرا من التواضع والكفاءة”، حسب صحيفة نيويورك تايمز.
إصرار على تطبيق القواعد
ورغم أن شهادة شفيق في القضايا التأديبية أثارت غضب مؤيدي الحرية الأكاديمية -حسب الصحيفة- فإنها بدت ناجحة داخل غرفة الاستماع، ودافعت الدكتورة عن حقوق حرية التعبير، لكنها أكدت أن الجامعات “لا يمكنها ولا ينبغي لها أن تتسامح مع إساءة استخدام هذا الامتياز”.
وفي هذا الوقت الذي كانت فيه الدكتورة نعمت شفيق على وشك أن تتخلص من إحدى الأزمات المحتملة كان الطلاب المنظمون ينفذون خطة لتصعيد ضغوطهم على الجامعة، وعند ساعات الفجر التي سبقت الشهادة تدفق عشرات الطلاب إلى ساحة عشبية خارج مكتبة كولومبيا الرئيسية ونصبوا الخيام ونصبوا لافتة تعلن عن “مخيم التضامن مع غزة”، في تحدٍ علني للقواعد التي تحكم المظاهرات، حسب الصحيفة.
استدعاء الشرطة
وعندها أصدر مسؤولو الجامعة تحذيرهم الأول للمشاركين بالتفرق، ولكنهم لم يتزحزحوا، وفي المساء أخطرت الرئيسة مجلس الشيوخ بالجامعة رسميا نيتها الاتصال بقسم الشرطة، ولكن المجلس رد بالرفض الصريح.
لكن الدكتورة شفيق كانت مصرة على ضرورة تطبيق القواعد، وبدأت في اتخاذ الترتيبات اللازمة لوصول الشرطة في اليوم التالي رغم تحذير المجلس من خطورة دخول الشرطة إلى الحرم الجامعي.
وكتبت إلى قسم الشرطة في اليوم التالي أنها “قررت أن المعسكر والاضطرابات المرتبطة به تشكل خطرا واضحا وقائما”.