استعادت صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست ذكرى الاحتجاجات الطلابية المناهضة لحرب فيتنام عام 1968، في ظل الاحتجاجات الحالية في الجامعات الأميركية على حرب غزة، خاصة مع استدعاء الشرطة لتفريق المعتصمين في كلتا الحالتين.
ومع أن الصحيفتين أبدتا تركيزا على سرد أحداث عام 1968، فإن تشابه الظروف ساقهما إلى المقارنة بين جيلين غاضبين من الحرب في ظروف سياسية متشابهة، قبيل انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي، وفي وجه انتخابات مهمة بالنسبة للمرشح الديمقراطي الرئيس الحالي جو بايدن.
وإذا كانت صحيفة واشنطن بوست اكتفت بالإشارة إلى الاحتجاجات في جامعة كولومبيا في نيويورك اليوم باعتبارها ردا للاعتبار لاحتجاجات عام 1968، فإن نيويورك تايمز، ذهبت في المقارنة بين اللحظة إلى أبعد من ذلك.
جيل مستعد للاحتجاج
رأت نيويورك تايمز -في عمود الكاتب تشارلز م. بلو- أن هناك جيلين من الشباب في كلتا اللحظتين مستعدان للاحتجاج، أولهما أنضجته حركة الحقوق المدنية والحداد الوطني بعد اغتيال الرئيس جون كينيدي والسيناتور روبرت كينيدي والقس الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور، والثاني نشأ مع الحركات الاحتجاجية، مثل “احتلوا وول ستريت” و”حياة السود مهمة” وحملة باركلاند بولاية فلوريدا، وحملة السيطرة على الأسلحة الطلابية.
انساق جيل 1968 في حركة بدأت في حرم الجامعات ونمت، وراء قناعة أخلاقية كأساس لغضبه بشأن حرب فيتنام، الحرب التلفزيونية الأولى التي تمكن الأميركيون من رؤية أهوالها في الوقت الحقيقي تقريبا، والتي جند لها خلال عامين مليون أميركي.
أما الجيل الحالي -حسب تشارلز م. بلو- فهو يتابع الحرب الإسرائيلية على غزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويشعر الكثيرون منهم بالرعب مما يرونه، ليبدأ انتشار الاحتجاجات المناهضة للحرب من حرم الجامعات.
وفي هذا السياق دعا أكثر من ألف قس أسود الرئيس بايدن إلى الضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة، كما كان مارتن لوثر كينغ جونيور، قد أعلن معارضته للحرب في فيتنام، قائلا إنه “مضطر إلى رؤية الحرب كعدو للفقراء ومهاجمتها على نحو ما”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه كما حدث عام 1968 ستنتهي الفصول الدراسية ويعود الطلاب إلى منازلهم لفصل الصيف، ولكن معارضتهم لن تنتهي كما لم تنته في ذلك الوقت، إذ تخطط الجماعات المناهضة للحرب لتنظيم احتجاجات كبيرة أثناء المؤتمر الوطني الديمقراطي.
وقال حاتم أبودية، من شبكة الجالية الفلسطينية الأميركية، “سننظم مسيرة بتصاريح أو من دونها، وسيكون هذا الاحتجاج هو الأهم منذ عام 1968 في شيكاغو، عندما نظم المتظاهرون ضد حرب فيتنام وحركة تحرير السود مظاهرات حاشدة تم قمعها بعنف.
ونبه الكاتب إلى أن هناك دعما كبيرا لقضية الطلاب، إذ وجد استطلاع للرأي أن الشباب الأميركيين يدعمون سياسة جديدة، وأن 5 من كل 6 منهم يدعمون وقفا دائما لإطلاق النار في غزة، كما وجد استطلاع آخر أجرته جامعة كوينيبياك أن 53% من الديمقراطيين يعارضون إرسال المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل.
مقامرة متهورة
ومع ذلك يبدو أن هناك شعورا لدى حملة بايدن -حسب الكاتب- بأنها تستطيع ببساطة انتظار خروج المتظاهرين، وأن المشاعر ستتلاشى في النهاية وأن الناخبين الديمقراطيين سوف يصطفون عندما يقترب يوم الانتخابات ويصبح الاختيار بين بايدن والمرشح الجمهوري دونالد ترامب أكثر وضوحا.
ليس من السهل بالنسبة لهؤلاء تجاهل جثة طفل ميت بين ذراعي أمه، ليس من السهل تجاهل الجياع وهم يتدافعون بحثا عن غطاء عندما يتعرضون لإطلاق النار، ليس من السهل إزالة الحطام بعد تعرض قافلة من شاحنات المساعدات الغذائية لإطلاق النار ومقتل العديد من عمال الإغاثة
غير أن هذه مقامرة متهورة -حسب نيويورك تايمز- لأن المتظاهرين والعديد من الناخبين يشعرون بالاستياء من شيء أكثر من مجرد مسألة عادية تتعلق بالسياسة الخارجية.
فكثير منهم يعتقد أنهم إنما يتفرجون على إبادة جماعية بمساعدة وتحريض من رئيس أميركي دعموه، وهم بالتالي يشعرون بأنهم متورطون بصفة شخصية في صراع يتزايد فيه القتل دون نهاية في الأفق، وهذه مسألة أخلاقية بالنسبة لهم، ولن يتغير موقفهم بسهولة.
وليس من السهل بالنسبة لهؤلاء تجاهل جثة طفل ميت بين ذراعي أمه، ليس من السهل تجاهل الجياع وهم يتدافعون بحثا عن غطاء عندما يتعرضون لإطلاق النار، ليس من السهل إزالة الحطام بعد تعرض قافلة من شاحنات المساعدات الغذائية لإطلاق النار ومقتل العديد من عمال الإغاثة.
لقد شاهد الناس كل هذه الأشياء على أجهزة التلفاز والهواتف الخاصة.
وذكر الكاتب أن أعداد القتلى والجرحى تجاوزت كثيرا 100 ألف، وهذه أرقام كبيرة يرافقها مستوى من المعاناة غير مقبول، وسوف يوضح الشباب هذه النقطة هذا الصيف في شيكاغو، وفق قوله.