أعادت الفيضانات التي اجتاحت شرق ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى واجهة الأحداث، لكن هذه المرة من خلال اثنين من أبنائه: الصديق وصدام، اللذين برز اسمهما في المشهد السياسي الليبي أكثر بعد كارثة درنة، مع اختلاف مسيرتهما السياسية والعسكرية.
وقال مراسل موقع “ميدل إيست آي” في لندن، ريحان الدين، إنه عندما ضربت عاصفة دانيال في 11 سبتمبر/أيلول الجاري الشرق الليبي، كان الصديق حفتر في باريس لإطلاق حملة ترشحه للرئاسة.
وقال الصديق خلال حوار صحفي، إن لديه كل الوسائل اللازمة لتهدئة الأوضاع في ليبيا، وتحقيق تماسك الليبيين ووحدتهم، لكنه سرعان ما عاد إلى بلده بعد الكارثة المدمرة التي ضربت درنة أساسا.
والصديق هو الابن الأكبر لخليفة حفتر، اللواء المتقاعد الذي يرأس ما يعرف بتحالف القوات المسلحة العربية الليبية، ويسيطر على شرق ليبيا وجنوبها.
وقال كاتب المقال، إن شقيقه صدام حفتر، تصدر عناوين الأخبار الدولية أيضا، عندما صرح -الاثنين الماضي- لشبكة “سكاي نيوز” قائلا، “نعم، نحن بحاجة إلى المساعدة، ولكن فرق الإنقاذ تقوم بعملها”.
وردا على سؤال عما إذا كان بإمكان السلطات تفادي الكارثة، بما في ذلك تحسين السدود المنهارة، قال، إن “كل شيء كان على ما يرام”، وليس لديه “أي انتقادات يوجهها”.
الورقة الرابحة
وحسب جليل الحرشاوي، المتخصص في الشأن الليبي، والزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، كان أبناء حفتر معروفين لدى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وكانت علاقته جيدة معهم. ولم يكن حفتر يمثل خصما خطيرا في المنفى.
وعندما عاد والده إلى ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي في 2011، ظل الصديق بعيدا عن الأنظار. “ولم يرتبط قط بأي جماعة مسلحة أو بمسائل أمنية، بل كان مواطنا مدنيا، وهذا ما جعله يكتسب أهمية”، حسب الحرشاوي.
وذكر الكاتب أن الصديق لم يكن يعدّ شخصية قوية على الإطلاق، لكن يبدو أن هذا قد تغير في الأشهر الأخيرة. وفي هذا السياق، قال الحرشاوي، إن الصديق “يمثل الورقة الرابحة لأسرة حفتر. وإذا لم يتمكن صدام وخالد (ابن حفتر الثالث)، ووالدهما من الترشح لأنهم عسكريون؛ فإن الصديق يمثل البديل الأفضل”.
في وقت سابق من هذا العام، أصبح الصديق الرئيس الفخري لنادي المريخ، أحد أنجح أندية كرة القدم السودانية، الذي واجه مؤخرا صعوبات مالية. وحسب ما ورد، تبرعت عائلة حفتر بمليوني دولار للنادي المتعثر، واستُضيفت الشخصية الفخرية الجديدة لاحقا من قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، الذي أكد أن الاجتماع لم يكن سياسيا.
ديكتاتور يتشكل
من جهته، يشكك عماد الدين بادي، وهو زميل كبير غير مقيم في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، في توجهات الصديق. وقال للموقع البريطاني، “بكل صراحة، يُنظر إليه على أنه شخص مثير للسخرية. رغم كونه الابن الأكبر لحفتر، وقد أعلن عن طموحاته السياسية، إلا أنه لا يتمتع سوى بالقليل من المصداقية”.
وذكر الكاتب أن صدام حفتر على النقيض من أخيه الأكبر يتمتع بشعبية أكبر، وينخرط في العديد من المجالات. وولد ونشأ -كذلك- في بنغازي، وهو أصغر أبناء حفتر، وفي منتصف الثلاثينيات من عمره. ويعتقد المحللون أنه يتمتع بشخصية الرجل القوي.
وقال عماد الدين، إن “صدام ديكتاتور في طور التكوين. فهو يحاول الاستيلاء على جوانب من المؤسسة العائلية وهي القوات المسلحة العربية الليبية، مع التوسع في مشروعات جديدة، تشمل الانخراط في كثير من النشاطات غير المشروعة”.
وحسب عماد الدين، “يعتمد صدام على استخدام القمع الشديد من خلال وحدات الحرس التابعة له، التي من المرجح أن تكون إستراتيجيته المفضلة للمطالبة بعرش والده عندما تتأزم الأوضاع”. ويُزعم أنه متورط في عدد من نشاطات الاتجار غير المشروع، بما في ذلك المخدرات والوقود والذهب والخردة المعدنية من المصانع المصادرة.
وختم الموقع بتصريح الحرشاوي بأن “صدام يتمتع بغطاء دبلوماسي وأيديولوجي، وحتى يحين الوقت الذي يتحدث فيه الدبلوماسيون البريطانيون والفرنسيون عنه، لا يزال أمامه طريق واسع من الاحتمالات”.