نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني مقالا للناقد السينمائي ومبرمج الأفلام المصري جوزيف فهيم، تناول فيه بالتعليق قرار شركات هوليود باستبعاد الممثلتين الشهيرتين سوزان ساراندون وميليسا باريرا، لانتقادهما العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويرى كاتب المقال أن هوليود بحاجة إلى أن تحاسب نفسها على انتهاجها ثقافة داعمة لإسرائيل وتنزع إلى إلغاء الآخر المختلف.
ووصف فهيم الموجة الحالية الرامية لإسكات المشاعر المعادية لإسرائيل بأنها أكثر رعبا من كل ما سبقها من محاولات في هذا الشأن، بما في ذلك الافتئات على العرب والتشهير بهم في الأفلام التي تنتجها إستوديوهات ووكالات هوليود.
ورغم أن هوليود شهدت تغييرات هائلة في تناولها للأحداث إلى حد يفوق الوصف -حسب قول فهيم- فإن جانبا واحدا من مقارباتها لم يطرأ عليه تحول، وهو علاقتها “الراسخة” مع إسرائيل.
وقال إن استبعاد “أيقونة هوليود” سوزان ساراندون الشهر الماضي من قبل وكالة المواهب المتحدة -وهي شركة أميركية في مجال الترفيه والإنتاج السينمائي وغيرهما- بسبب التعليق الذي أدلت به خلال مسيرة مناهضة للحرب في غزة وقالت فيه إن “هناك الكثير من الناس يخافون من كونهم يهودا هذه الأيام، وهم يتجرعون الكأس نفسها التي يتجرعها المسلم في هذه البلاد بتعرضه للعنف في أغلب الأحيان”.
وفي اليوم نفسه، أقصت مجموعة “سباي غلاس ميديا” الإعلامية -وهي شركة أميركية للإنتاج السينمائي- أيضا الممثلة ميليسا باريرا من سلسلة أفلام (صرخة)، “Scream”، بسبب انتقادها تصرفات إسرائيل في غزة.
هل الدم الإسرائيلي أغلى وأكثر قيمة من الدم الفلسطيني؟ أم أن حياة الفلسطيني يمكن التخلص منها لدرجة أنها لا تستحق الذكر ولو لمرة واحدة؟
وسبق قرارات الاستبعاد إقالة وكيلة المواهب الأميركية مها دخيل من وكالة الفنانين المبدعين لانتقادها الحرب في غزة.
ويزعم فهيم أن للسينما الغربية وجهين، ففي حين أبدت غضبا “مبررا” بشأن ما تتعرض له أوكرانيا من غزو روسي، التزمت الصمت إزاء ما يحدث في الشرق الأوسط، مضيفا أن صحيفة “فارايتي” نشرت تقريرا في 21 نوفمبر/تشرين الثاني يفيد بأن وكالة الفنانين المبدعين أقالت سايرا راو وريجينا جاكسون لتأليفهما كتابا يدعمان فيه الفلسطينيين.
وورد في مقال فارايتي أيضا أن عددا من الوكلاء في وكالة الفنانين المبدعين طالبوا بعزل الكاتب تا- نيسي كوتس للسبب ذاته.
وأفاد الناقد السينمائي المصري في مقاله -الذي نحن بصدده- أن جميع الفنانين المعاقبين كانوا قد وصفوا ما يحدث في غزة بأنه “إبادة جماعية”، وهي لفظة لطالما اعتُبرت من المحرمات في هوليود.
الدم الفلسطيني والدم الإسرائيلي
ويتساءل: إذا كان بإمكان حفنة من أشد منتقدي إسرائيل في هوليود الإقرار بأن حركة حماس ارتكبت “آثاما” بقتلها مدنيين، فلماذا لا يستطيع صاحب موهبة مؤيد لإسرائيل في هوليود نفسها الاعتراف بالجرائم المتفشية التي ارتكبتها الدولة “الصهيونية” ليس فقط منذ طوفان الأقصى 7 أكتوبر/ تشرين الأول فقط، بل على مدى 75 سنة مضت؟
ويستمر فهيم بالتساؤل: هل الدم الإسرائيلي أغلى وأكثر قيمة من الدم الفلسطيني؟ أم أن حياة الفلسطيني يمكن التخلص منها لدرجة أنها لا تستحق الذكر لمرة واحدة؟
وطبقا للمقال المنشور في موقع ميدل إيست آي البريطاني، فإن العلاقات القوية بين هوليود وإسرائيل ترسخت عبر تاريخ طويل، بتخطيط إلى حد ما من الحكومة الإسرائيلية وجماعات صهيونية أميركية.
ومع أن عدد الأفلام التي تروج لإسرائيل وتنتجها هوليود على مدار 75 عاما تعد قليلة ومتباعدة، فإن أعدادا “مذهلة” من نجوم السينما ممن ظلوا يدعمون إسرائيل طيلة تلك السنوات، هي التي عبرت عن قصة الحب التي تربط بين هوليود وإسرائيل.
ويذكر من هؤلاء النجوم، على سبيل المثال، كيرك دوغلاس وسامي ديفيس جونيور وإليزابيث تايلور وفرانك سيناترا.
وينقل فهيم عن الباحثين جيورا غودمان وتوني شو في كتابهما الصادر في عام 2022 حول تاريخ العلاقة بين إسرائيل وهوليود، أن عدوانية إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أواخر سبعينيات القرن الماضي، إلى جانب غزوها لبنان في العقد التالي، كانت أحد أسباب فقدانها النفوذ في هوليود.
ويضيف أن عددا متزايدا من اليهود الليبراليين في إسرائيل والعالم، لم يعد لديهم انتماء إلى الصهيونية.
ولطالما درجت إسرائيل على استخدام المحرقة (الهولوكوست) التي تعرض لها اليهود على أيدي النازيين الألمان، أداة لقمع الفلسطينيين وسلبهم حقوقهم الأساسية في تقرير المصير، لكن ثبت أنها لا تعدو أن تكون مجرد تكتيك “يحط من إرثها”، على حد تعبير الناقد السينمائي المصري.