قال مقال نشره موقع “كاونتر بنش” الأميركي إنه لا بد أن الحرس الثوري الإيراني قد استخدم، في هجماته على إسرائيل، تكتيكات عسكرية مستوحاة من كتاب “فن الحرب” للجنرال والمفكر العسكري الصيني صن تزو، الذي عاش بين القرنين السادس والخامس قبل الميلاد.
وأوضح المؤلف والكاتب جمال كانج في مقاله أن الرد الإيراني على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وقبله رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية وآخرين، جاء على صعيدين سياسي وعسكري.
فعلى المستوى السياسي، أرسل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مؤخرا إشارات تصالحية في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما أصدر المرشد الأعلى علي خامنئي تصريحات “متشائمة توحي على ما يبدو بالقبول بالقدر”.
خداع الرصد
أما على الصعيد العسكري، فيبدو -وفق المقال- أن الاستخبارات الأميركية اعترضت اتصالات مع مراقبة معلومات الأقمار الصناعية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تؤكد أن الرد الإيراني كان وشيكا.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الإشعار المسبق، فشلت منظومة الدفاع الصاروخي -التي تقودها إسرائيل والولايات المتحدة والمتمركزة في المنطقة العازلة الإسرائيلية المتقدمة في الأردن والقواعد الأميركية في العراق- في منع عدد كبير من الصواريخ من بلوغ أهدافها.
ويعتقد كانج، وهو كاتب يُعنى بقضايا العالم العربي، أن الحرس الثوري الإيراني استخدم تكتيكات عسكرية مستوحاة من كتاب “فن الحرب” لصن تزو في خداع أجهزة الرصد والمراقبة لتجاوز منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وهي الوحيدة التي تملكها دولة أجنبية بتمويل من دافعي الضرائب الأميركيين.
مناورات مضللة
وفي ظنه أن الحرس الثوري الإيراني ربما أجرى مناورات مضللة بما في ذلك تجهيز صواريخ باليستية من الجيل القديم التي تعمل بالوقود السائل لإطلاقها. وقد تكون هذه الصواريخ القديمة التي تعمل بالوقود السائل، والتي تستغرق وقتا أطول للتزود بالوقود ونشرها، قد تم تجهيزها عمدا على مرأى من الجميع، في حين أن الصواريخ الأسرع والأكثر تقدما التي تعمل بالوقود الصلب كانت متمركزة سرا في مخابئ تحت الأرض، استعدادا لإطلاقها بشكل مفاجئ.
ومضى كانج إلى الاعتقاد بأن إيران ربما أطلقت، في البداية، صواريخ من منظومة “شهاب” الأقدم عمرا بغية ترسيخ التقييم الخاطئ لأقمار الرصد الصناعية، وبالتالي إحداث حالة من الارتباك عندما تتبعها بإطلاق صواريخ من طراز “فتح 1” الأحدث والأسرع من الصوت.
ومن شأن إطلاق أنواع مختلفة من الصواريخ أن يجعل من المستحيل تقريبا على النظام الدفاعي -حسب تحليل كاتب المقال- أن يحسب بسرعة مسارات الأجسام المتعددة التي تحلق على ارتفاعات مختلفة، بعضها داخل الغلاف الجوي للأرض والبعض الآخر خارجه، وبسرعات متفاوتة (تتراوح بين 5 ماخات و15 ماخا).
ونتيجة لذلك، تفادت العديد من الصواريخ محاولات اعتراضها، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية التي التُقطت لـقاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية، وصول 20 صاروخا على الأقل إلى أهدافها.
لقد كان رد إيران “المدروس” في أبريل/نيسان الماضي، بعد الغارة الإسرائيلية على مكاتبها القنصلية في دمشق، مجرد تحذير يهدف إلى إظهار قدرات الحرس الثوري الإيراني.
إساءة التفسير
ومع ذلك، أساء نتنياهو تفسير الرسالة، حيث اعتبر استخدام المسيرات بطيئة الحركة والصواريخ القديمة والتحذير المسبق علامات ضعف، طبقا لمقال الموقع الإخباري الأميركي.
وقد زاد سوء الفهم هذا، بالإضافة إلى وجود رئيس أميركي ضعيف، من “عنجهية” رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما دفعه إلى الاعتقاد بأن بإمكانه المضي قدما في تصرفاته دون أن يخشى العقاب.
وكالعادة، يقول كانج، فقد بارك الرئيس الأميركي بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن الحملة العسكرية الإسرائيلية متجاهلَين التكلفة التي تكبدها المدنيون وأن الغارة، التي ألقت قنابل خارقة للتحصينات على مقر مزعوم لحزب الله في بيروت، قضت على حي سكني مدني بأكمله.
وباستخدام المنطق نفسه -يتساءل المحلل في مقاله- ماذا لو أقدمت المقاومة في لبنان أو إيران على محو الحي الذي يضم الوزارات الحكومية الإسرائيلية في تل أبيب بأكمله؟ هل سيُعدّ قتل المدنيين ضررا جانبيا مشروعا عند استهداف مقر وزارة الحرب الإسرائيلية في قلب تل أبيب؟ أم أن منطق الأضرار الجانبية لا ينطبق إلا على من يُعتبرون أناسا أقل من جنس البشر، أي غير اليهود وغير الغربيين؟
لا تستطيع بمفردها
وتدرك إسرائيل أنها لا تستطيع بمفردها إضعاف قدرات إيران العسكرية، لكن بإمكانها توجيه ضربة واسعة النطاق على إيران فقط لإحراج بايدن وحملة نائبته كامالا هاريس الانتخابية، وذلك لتعزيز فرص نجاح خصمها الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني، حسب اعتقاد كانج.
وحذر الكاتب دولة الاحتلال بأن حجم الدمار الذي ستلحقه بها إيران سيكون “كارثيا” وأشد فتكا من الهجوم الذي تنوي شنه عليها. وعزا ذلك إلى أنه على عكس مساحة إيران الشاسعة ومواردها الهائلة، فإن إسرائيل لا تملك سوى مطار دولي واحد، ومصفاة تكرير واحدة، وحفنة من منصات الغاز الطبيعي، وعدد قليل من محطات الطاقة والموانئ، ومنشأة نووية رئيسية واحدة، ومدينتين اقتصاديتين رئيسيتين، وحفنة من محطات تحلية المياه.
وختم كانج بالقول إن من شأن مثل هذا السيناريو المحتمل أن يبدد حالة الانتشاء التي انتابته، ويحيلها إلى صداع طويل الأمد.