منتزه توبقال الوطني.. ما فعل بك الزلزال؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

المغرب – بذهول وصدمة يتفقد المباني المدمرة بفعل الزلزال الذي ضرب المغرب مساء الجمعة الموافق للثامن من سبتمبر/أيلول الجاري، مخلفا قرابة 3 آلاف قتيل وأكثر من 5500 جريح، بحسب آخر إحصائية لوزارة الداخلية المغربية.

وفي حديث للجزيرة نت، يقول الشاب سعيد، الذي يعمل في مجال الفندقة، “كم من الضيوف مروا من هنا؟ّ جهد سنوات طويلة وشاقة من البناء والعمل تهاوى سريعا، علاوة على الأشياء الثمينة التي دفنت تحت التراب”.

منتزه توبقال الوطني (جنوب مدينة مراكش) قبلة عشاق الجبال بالمغرب، حيث توجد أعلى قمة جبلية في شمالي أفريقيا، لم يسلم من الدمار الذي سببه الزلزال، فنالت المنازل والفنادق ودور الضيافة نصيبا ثقيلا من الأضرار والهدم.

وصلت الجزيرة نت إلى قرية ويركان، إحدى أجمل الوجهات التي يقصدها رواد السياحة الجبلية في منتزه توبقال، وعكس ما هو متوقع لم يميز الزلزال بين بناء من تراب أو آخر إسمنتي، كل شيء قُلب رأسا على عقب حتى شاطئ بحيرة بين الجبال، في وقت احتمى فيه سكان القرية بالخيام.

يقول سعيد “كُل شيء دُمِّر حتى المباني التي تبدو سليمة مُرشحة للسقوط في أي لحظة”.

منازل وفنادق ودور ضيافة في منتزه توبقال الوطني نالت نصيبا ثقيلا من الأضرار والهدم (الجزيرة)

رسائل تضامن

وفوق ركام بناية كانت تطل واجهتها على البحيرة، التقينا رجلا بدا على وجهه انكسار يعكس قهرا دفن في قلبه وهو يرفع الحجارة، ويقلبها في محاولة للعثور على أقربائه الذين قضوا تحت الأنقاض.

وبعد التقدم في السير لأمتار قليلة، طلب منا الشاب سعيد التوقف قائلا “انظروا، هذا المكان يتضمن رياضا تقليديا وتراثيا فريدا كان يستقبل السياح، فأصبح اليوم أثرا بعد عين”.

وفي القرية ذاتها تتربع دار ضيافة شهيرة على علو مرتفع بواجهة بانورامية بديعة وديكور معماري عريق لم تطمس تفاصيله هزة الزلزال، رغم الأضرار التي لحقت بمرافقه.

يقول صاحب الدار محمد مومو للجزيرة نت “لم نعش القليل في هذه الدار التي أنشئت منذ أكثر من 20 عاما، حيث شهدت هذه الجدران الكثير من الذكريات واللحظات الدافئة، والعلاقات المتينة بين مختلف زوار القرية، سواء من المغاربة أو النزلاء الأجانب”.

ويضيف مومو “ما بلغنا من رسائل تضامن مواساة خففت عنا هول الفاجعة”، مشيرا إلى أن عددا من السياح عبّروا عن استعدادهم للعودة بعد الزلزال مباشرة، وتقديم المساعدات للقرية التي تعلقوا بها وأصبحت بمثابة بيتهم.

دور ضيافة ومساكن ومحلات تجارية أسقطها زلزال الحوز في ويكران/ المصدر: الجزيرة
مساكن شهدت ذكريات وعلاقات متينة بين مختلف زوار القرية سويت بالأرض (الجزيرة)

متنفس المغاربة

“كنز ذكرياتنا”، بهذه الكلمات عبّرت أنجيلا من أستراليا عن حزنها لما حصل بدار الضيافة وقرية ويركان جراء الزلزال، وقالت في منشور عبر صفحتها على منصة فيسبوك “البيت الجميل الذي بقينا فيه عندما زرنا جبال الأطلس لم يعد موجودا للأسف وتحوّل إلى أنقاض وركام”.

أما الفرنسية جولي فأعلنت تنظيم حملة تبرعات لصالح دار الضيافة من أجل مساعدتها ماديا لتجاوز المأساة، وقالت “يجب أن نساهم في إعادة البناء من أجل العودة مجددا للمكان الذي لا نملك إلا أن نحبه، كلما زاد عددنا كنا أقوى في دعم هذه القضية”.

وليس الأجانب وحدهم من تعلّق بمنتزه توبقال الوطني، فالعلاقة بين المكان والمغامرين المغاربة متجذرة، يعبر عن هذا الارتباط الوحيد مصطفى العروسي أحد هواة تسلق الجبال قائلا “المنتزه هو مُتنفّس رئتنا”، ويضيف للجزيرة نت “وأنا أتابع ما حل بتلك المناطق شعرت وكأن بيتي هو الذي تدمر، إذ تجمعنا بتوبقال ذكريات وقصص دافئة لا تنسى، إضافة إلى روابط عائلية متينة مع أهل المنطقة الكرماء”.

ويعرب العروسي ابن مدينة الدار البيضاء الذي يمارس رياضة تسلق الجبال في المنتزه منذ عام 2003، عن أمله في عودة المنطقة إلى أفضل مما كانت عليه، ويضيف “سنعود إلى هناك لممارسة أنشطتنا المعتادة لا شك في ذلك”.

بدورها تؤكد إيمان بركميش من مدينة طنجة (شمالي البلاد) على عدم وجود أي مشاكل تمنعها من العودة إلى جبل توبقال بعد الزلزال.

تقول بركميش للجزيرة نت “المغامرات الجبلية هواية لا يمكن التخلي عنها، وتلك المناطق تربطني بها علاقة قوية، فسكانها أهل كرم وضيافة ويعطون من دون مقابل، ولا يجدر بنا أن نتخلى عنهم في هذا الظرف الصعب”.

المتحف البيئي المنتزه توبقال الوطني في الطريق بين أسني وإمليل/ المصدر: الجزيرة
المتحف البيئي من أبرز الوجهات السياحية في منتزه توبقال الوطني (الجزيرة)

متحف توبقال

وبعد كيلومترات قليلة متجاوزين المنحدرات بين ويركان وإمليل، مررنا بالمتحف البيئي لمنتزه توبقال الوطني الذي يعد من أبرز الوجهات السياحية للمهتمين باكتشاف بيئة وجغرافية جبال الأطلس ومكوناتها البيولوجية في المنطقة.

لم يكشف المظهر الخارجي للمتحف مدى الضرر الذي لحق به، ليوضح مصدر مسؤول عن رعايته -للجزيرة نت- أن الأشياء المعروضة داخل المتحف لم تتضرر بشكل كبير، غير أن السقف والجدران تعرضا لدمار كبير.

ويؤكد أن المتحف بحاجة إلى عناية فائقة خلال عمليات الترميم التي تحتاج إلى وقت طويل قبل فتحه من جديد أمام حركة الزوار.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *