قال الصحفي الأميركي المعروف فريد زكريا إن الناخبين الهنود “قصوا أجنحة” رئيس وزرائهم ناريندرا مودي، واصفا ذلك بالأمر الجيد للبلاد.
وأضاف، في معرض تعليقه على نتائج الانتخابات التي جرت مؤخرا في الهند، أن معين المحللين الهنود قد نضب من النعوت التي درجوا على إطلاقها لوصف نتائج الانتخابات في أكبر ديمقراطية في العالم بأنها جاءت “مفاجئة، وصادمة، ومذهلة”.
وكتب في عموده بصحيفة واشنطن بوست، أن النتائج تباينت بشكل حاد عن معظم التوقعات. ففي حين توقع مودي أن حزبه بهاراتيا جاناتا سيحصل على 370 مقعدا وأن ائتلافه سيحصد 400 مقعد، إلا أن الحزب حاز على 240 مقعدا، وائتلافه على 292 مقعدا.
وتساءل زكريا -وهو صحفي ومؤلف ومقدم برنامج أسبوعي شهير على شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأميركية- لماذا خسر مودي الكثير من الأصوات؟
وأجاب بأن أحد الأسباب المهمة أن مجموعة من أحزاب المعارضة تحالفت مع بعضها وقدمت مرشحا مشتركا واحدا في الدوائر الانتخابية؛ فجعلت الأصوات المناهضة لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم تتوحد ولم تنقسم.
وأعرب عن اعتقاده أن الناخبين أرادوا من ذلك أيضا توبيخ رئيس الوزراء شخصيا وانتقاده، مشيرا إلى أن ما لا يقل عن 20 وزيرا في حكومته خسروا مقاعدهم في البرلمان. أما مودي نفسه فقد فاز “بشق الأنفس” في دائرته الانتخابية.
بل إن حزب بهاراتيا جاناتا خسر في أيوديا، المدينة التي بنى فيها مودي معبدا جديدا ضخما على أنقاض مسجد تاريخي، وافتتحه وسط ضجة كبيرة قبل أشهر من الانتخابات، وفق المقال.
ولفت زكريا إلى أن الحزب الحاكم أنفق أموالا طائلة أكبر بكثير مما صرفته أحزاب المعارضة، مستخدما نظام تمويل انتخابي من جانب واحد بشكل صارخ لدرجة أن المحاكم الهندية، “المطواعة في أغلب الأحيان”، أوقفت العمل به في نهاية المطاف.
وزعم الكاتب أن الهيئة المكلفة بالترويج لسياسات الحكومة أنفقت الملايين من الأموال على إعلانات تحمل وجه رئيس الوزراء، لتذكير الهنود بـ”ضمانات مودي” بأن الاقتصاد سوف يرتفع وأن حياتهم سوف تتحسن.
وفي إطار السعي لتحقيق فوز كاسح في الانتخابات، أقدمت سلطات الضرائب في الهند على التحقيق مع سياسيين مناوئين، كما عُزل زعيم المعارضة من مقعده في البرلمان، وسُجن رئيسا وزراء ولايتين هنديتين، وجُمِّدت أموال أحزاب المعارضة لكي يستحيل عليها فعليا سفر زعمائها وتصريف أعمالهم، بحسب مقال واشنطن بوست.
وأردف زكريا أن مودي خاض حملته بمظاهر بذخ وأبهة ومراسم ملكية، حتى إنه ادعى أن ولادته لم تكن حدثا بيولوجيا طبيعيا، موحيا بذلك أنه من أصول مقدسة، إلا أن الناخبين الهنود “ذكَّروه بأنه مجرد إنسان”.
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات كانت تشير إلى فوز عريض لرئيس الوزراء وحزبه، فإن زكريا يعتقد أن العديد من الناخبين كذبوا على منظمي تلك الاستطلاعات خشية أن يتعرضوا للانتقام، كما يقول الصحفي الأميركي.
وخلص إلى أن العديد من المراقبين المتمرسين في العالم غالبا ما يشيدون بالزعماء الأقوياء الذين يحكمون البلدان الأكثر فقرا، والقادرين على تشييد الطرق وإنجاز الأمور بسرعة.
لكنه يرى أن الناخب الهندي يفهم بالفطرة على ما يبدو أن التعددية والتعاون والتنوع هي السمات المميزة للهند وعنصر تفوقها الدائم.