رام الله- قال السفير عمر عوض الله مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لشؤون الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة في مقابلة مع الجزيرة نت إن مجموع الدول التي تعترف بفلسطين أصبح 147 دولة، مضيفا أن ردود الفعل الإسرائيلية على اعتراف 3 دول أوروبية بدولة فلسطين مؤخرا يعبر عن “هستيريا إسرائيلية”، وأن الاحتلال يقابل الإجراءات القانونية بجرائم كسرقة الأموال الفلسطينية.
وكانت كل من إسبانيا والنرويج وأيرلندا قد أعلنت أمس الأربعاء اعترافها رسميا بدولة فلسطين، في حين أعلنت سلوفينيا ومالطا استعدادهما للاعتراف، وسبق أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 مايو/أيار الحالي قرارا بأحقية دولة فلسطين للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وصوتت لصالحه 143 دولة، وامتنعت 25 عن التصويت، في حين رفضت القرار 9 دول.
وسبق ذلك استخدام الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” في 18 أبريل/نيسان الماضي، مما حال دون اعتماد مجلس الأمن مشروع قرار يوصي بقبول دولة فلسطين عضوة في الأمم المتحدة.
من جهتها، ردت إسرائيل على اعتراف الدول الثلاث بإجراءات على الأرض، تمثل أولها بإلغاء ما يسمى قانون فك الارتباط في شمال الضفة الغربية المحتلة، سامحة بذلك بعودة المستوطنين إلى 3 مستوطنات، وإعلان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش رفضه تحويل عائدات الضرائب (المقاصة) إلى السلطة الفلسطينية، ومطالبته بإقرار حزمة عقوبات عليها، واقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى ومهاجمته الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام من صدور قرارات من المحكمة الجنائية الدولية تدين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان المستمر على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفيما يلي نص المقابلة مع المسؤول الفلسطيني:
-
ما أهمية اعتراف إسبانيا والنرويج وأيرلندا بالدولة الفلسطينية؟
تنبع أهمية اعتراف هذه الدول الثلاث كونها دولا أوروبية وبعضها أعضاء في الاتحاد الأوروبي الذي يملك دورا كبيرا في العمل على حماية الشعب الفلسطيني، وصيانة حل الدولتين القائم على إنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، وإنجاز حق تقرير المصير لأبناء الشعب الفلسطيني.
لذلك، نحن لا ننظر أن هناك 3 دول اعترفت بالمعنى الرقمي المجرد، بل نقول إن هناك ديمقراطيات ودولا تقف مع القانون الدولي ومع حقوق الشعوب، خاصة الشعب الفلسطيني في أن تكون له حقوق متساوية كغيره، وعليه فإن هناك مئات الآلاف والملايين من الأفراد يقفون مع أبناء شعبنا.
كما أن هذه 3 دول لها وزنها من ناحية مواقفها القانونية والأخلاقية الداعمة للحفاظ على المنظومة الدولية المتعددة الأطراف القائمة على القانون الدولي.
-
ماذا تفيد تلك الاعترافات فلسطين؟ وكيف يمكن الاستفادة منها وتوظيفها سياسيا؟
يعد الاعتراف في هذا الوقت بالذات الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني لحرب إنكار للوجود وإلى إبادة جماعية أمرا مهما جدا، وهو عبارة عن رسالة بأن الشعب الفلسطيني يجب أن يحصل على حقوقه غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الاستقلال في دولته وإنهاء هذا الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي.
كما أن هذا الاعتراف يفيد كثيرا، من حيث أن هذه الدول عندما تعترف بدولة فلسطين فإنها تساهم في دعم حقوق الشعب الفلسطيني وتساهم في حمايته، وفي أن تكون هناك آلية واضحة لإنهاء الاحتلال.
كذلك فإن المنظومة الإدارية والقانونية في هذه الدول -وبما أنها تتعامل مع المنظومة الإدارية في دولة فلسطين- بإمكانها المساهمة بالمساءلة عن جرائم الاحتلال والجرائم التي يرتكبها على المستوى القانوني الدولي، وعلى المستوى القضائي المحلي لهذه الدول بشكل عام.
لذلك، فإن هذه الدول تساهم في أن يكون حل الدولتين حلا ممكنا وفاعلا، وهذا هو الشكل الفعلي لتنفيذ حل الدولتين من خلال الاعتراف بدولة فلسطين.
-
ما أبرز الدول المتوقع أن تعترف قريبا بدولة فلسطين؟
هناك العديد من الدول الجاهزة للاعتراف، وتنظر بأهمية إلى الاعتراف بدولة فلسطين من أجل حماية حل الدولتين، فالاعتراف قضية سيادية للدول على المستوى الثنائي.
ولقد شهدنا أن هناك العديد من الدول التي صوتت لصالح قرار رفع مكانة دولة فلسطين في الأمم المتحدة وأحقيتها في العضوية، وكان بينها عدد من الدول الأوروبية وغير الأوروبية التي صوتت لصالح هذا القرار، ومن المتوقع أن تعترف في أقرب وقت ممكن بدولة فلسطين، لكن لا نريد أن نقول ما هي تلك الدول حاليا.
نحن نريد من كل الدول أن تعترف بدولة فلسطين، لأنه حق تاريخي وطبيعي وقانوني للشعب الفلسطيني، خاصة أن هذا الحق قد طال أمده على مدار أكثر من 76 عاما منذ قرار الأمم المتحدة 181 المتعلق بالتقسيم، والذي تحدث عن وجود دولة عربية فلسطينية على أرض فلسطين التاريخية إلى جانب دولة إسرائيل.
ومن المهم أن تعترف كل الدول بفلسطين، لكن الدول التي ما زالت تربط اعترافها بقبول إسرائيل من الواضح أنها منفصلة عن الواقع، لأنها تريد أن تعطي فيتو للجانب الإسرائيلي على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وهذا أمر غير مقبول.
في حقيقة الأمر ننظر باستغراب واستهجان لهذه الدول التي تربط حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني أو استقلال دولته وإنهاء الاحتلال بموافقة حكومة فاشية -كالحكومة الإسرائيلية الحالية- على هذه القضية.
بن غفير مهاجما الدول الأوروبية التي أعلنت الاعتراف بدولة #فلسطين: تمنح جائزة لقوة النخبة وللقتلة ولن نسمح بذلك#حرب_غزة pic.twitter.com/wBAQfBjrfB
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 23, 2024
-
ما تعليقكم على جملة الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل ردا على اعتراف الدول الثلاث بفلسطين؟
بالنسبة للتصريحات والإجراءات الإسرائيلية من الواضح أن الهستيريا الإسرائيلية التي جاءت ضد القيادة والشعب الفلسطيني مكررة وحقيقية، ولقد سمعناها عندما انضممنا إلى المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المؤسسات الدولية، حيث حاول الاحتلال أن يعاقب الشعب الفلسطيني وقيادته من خلال منع إرسال أموالنا.
تلك الإجراءات برسم المجتمع الدولي إن كان سيقبل أن تواجه الخطوات القانونية التي تقوم بها دولة فلسطين من أجل حصولها على حقوقها بجرائم، مثل جريمة سرقة أموال الشعب الفلسطيني في المقاصة (عائدات الضرائب)، أو جريمة الاستيطان الاستعماري التي تنظر فيها المحكمة الجنائية الدولية.
تواجه إسرائيل المسار القانوني والإيجابي الفلسطيني بجرائم حرب، ونعتقد أنه -عاجلا أم آجلا- ستُجلب القيادة الإسرائيلية إلى المحاكم الدولية وتُساءل وتحاسب عليها.
الشعب الفلسطيني موحد في مواجهة هذا الاحتلال الاستعماري، ومواجهة جميع الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل بمعاقبته وقيادته على اتخاذ الخطوات القانونية التي تحفظ حقوقه.
-
إلى أين وصلت التحركات بخصوص الاعتراف بفلسطين على صعيد مجلس الأمن والمؤسسات الدولية؟
التحركات على المستوى الدولي ما زالت قائمة، سواء إن كانت في مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو مجلس حقوق الإنسان، أو في المحاكم الدولية كالمحكمة الجنائية أو محكمة العدل الدولية.
كل هذا العمل المؤسسي الدولي والعمل مع المنظومة الدولية مستمر من أجل مواجهة الاحتلال على جرائمه التي يرتكبها ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
لذلك، سيستمر هذا الحراك وسيستمر الاعتراف وسيستمر العمل حتى وقف هذا العدوان الإسرائيلي على أبناء الشعب الفلسطيني، والعمل حتى تتم مواجهة منظومة الاستعمار، ومعاقبتها على الجرائم التي ترتكبها ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
لكن الضرورة والأولوية الآن هي لوقف العدوان ووقف إطلاق النار، وحماية الشعب الفلسطيني من التهجير القسري، والعمل على أن تتخذ الدول مجموعة من العواقب والعقوبات ضد إسرائيل، وهذا ملخص الحراك الذي تقوم به القيادة الفلسطينية من أجل مواجهة الجرائم التي ترتكب ضد أبناء الشعب الفلسطيني.