مسؤول أممي: تدمير المنازل جريمة ضد الإنسانية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

في مدينة جباليا شمالي قطاع غزة، كان هناك بيت صغير مفعم بالحب وعشق الحياة، أسسه شاب بعرق جبينه ينشد الاستقرار لعائلته. لقد كان بمثابة مملكة عزيزة على ساكنيها؛ تأسرك بدفئها ما إن تدلف إليها، وكل زاوية فيها تحمل ذكرى، وكل بلاطة تحكي قصة.

تقول يقين بكر إنها كانت حاكمة تلك المملكة؛ “كان قصري وملجئي قبل أن يستحيل ركاما تحت وابل الضربات الجوية الإسرائيلية في غزة”.

وتضيف: “تنتابني نوبة بكاء كلما أحاول أن أتذكر كل ما تركته خلفي عندما أُجبرنا على المغادرة”. وأرسلت يقين صورا تلخص مأساتها إلى صحيفة “نيويورك تايمز”، وأرفقت معها تعليقاتها عليها.

وتصدرت تلك الصور والتعليقات مقالا بالصحيفة الأميركية نفسها كتبه المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنِي بالحق في السكن اللائق، بالاكريشنان راجاغوبال، تطرق فيه إلى الدمار الشامل الذي لحق بالمباني السكنية في قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل منذ قرابة 4 أشهر.

أثر عميق للخسارة في وجدان الناس

ويعتقد المسؤول الأممي أن التدمير الواسع النطاق أو المنهجي للمنازل لطالما كان إحدى سمات الحرب الحديثة، مضيفا أن ما يغيب في كثير من الأحيان في صور الأنقاض وإحصاءات المباني المدمرة هو الأثر العميق لهذه الخسارة بوجدان الناس.

والمنزل هو أكثر من مجرد بناء؛ “إنه مستودع التجارب الماضية وأحلام المستقبل، وذكريات الولادات والوفيات والزيجات واللحظات الحميمة مع أحبائنا، وبين الجيران ووسط بيئة مألوفة”.

ولهذا السبب -يقول راجاغوبال- فإن تسوية أحياء سكنية بأكملها بالأرض بطريقة منهجية وعشوائية باستخدام المتفجرات -مثلما حدث في حلب السورية، وماريبول الأوكرانية، وغروزني عاصمة الشيشان في روسيا، وبلدات في ميانمار، أو بشكل أشد حدة في قطاع غزة- ينبغي اعتبارها جريمة ضد الإنسانية، وهو رأي يحظى بموافقة عدد متزايد من خبراء القانون وغيرهم من العلماء.

إن هذا النمط من الفعل، يُسمى تدميرا متعمدا للمنازل، حسبما ما ورد في المقال.

استخدام مفهوم التدمير المتعمد

ووفقا للمقال، فإن العلماء استخدموا مفهوم التدمير المتعمد في سياق مشاريع السدود التي أدت إلى نزوح الناس في كندا، وفي سوريا بسبب الحرب. كما استُخدم للفت الانتباه إلى ما تقوم به إسرائيل من هدم منهجي لمنازل الفلسطينيين وحرمانهم من تصاريح بناء مساكن جديدة في الضفة الغربية.

وأعرب عن اعتقاده، بصفته خبيرا مستقلا مكلفا من قبل الأمم المتحدة بتعزيز وحماية الحق في السكن الملائم، بأن “جريمة التدمير المتعمد للمنازل” يجب أن تُدرج نصا في القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي لكي يتسنى محاسبة الحكومات والجماعات المسلحة.

وفي عالم يزداد فيه التوسع العمراني، وأصبحت المدن المكتظة بالسكان ساحات للمعارك، فإن الحاجة ماسة لإدراج مثل هذا النص، على حد تعبير راجاغوبال.

مثل الجرائم ضد الإنسانية وغيرها

وقال “نحن جميعنا ندرك أن القتل يمكن أن يعد جريمة، أو جريمة حرب، أو جريمة ضد الإنسانية، أو عملا من أعمال الإبادة الجماعية، استنادا إلى خطورة الفعل أو نيته. ويجب أن ينطبق الشيء نفسه على تدمير المنازل”.

ووصف ما يحدث في غزة بأنه دمار هائل من حيث حجمه وتأثيره، بل أسوأ مما حدث في مدينة درسدن الألمانية وروتردام الهولندية إبان الحرب العالمية الثانية.

وأضاف أن أكثر من 70 ألف وحدة سكنية طالها الدمار، وتضرر ما يربو على 290 ألفا أخرى جزئيا في قطاع غزة.

ضراوة الهجمات بغزة لا مثيل لها

وزاد أن ضراوة الهجمات لم يسبق لها مثيل؛ فقد أفادت التقارير بأن إسرائيل أسقطت بالفعل متفجرات تعادل القنبلة النووية التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما اليابانية مرتين تقريبا.

وبحسب راجاغوبال، فقد تضررت منشآت البنية التحتية أيضا، إلا أن ما حدث للمنازل وأرواح الناس في غزة “يشكل جريمة قائمة بذاتها، “لأنها تُعد تدميرا متعمدا”.

وقد لا يكون من قبيل المبالغة -وفق المسؤول الأممي في مقاله- أن نقول إن قسما كبيرا من قطاع غزة أصبح غير صالح للسكن، كما تقول شكوى جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية، وهو ما تنفيه إسرائيل.

وشدد على ضرورة أن تتحمل إسرائيل والدول التي شاركت في هذا الدمار -بما في ذلك الولايات المتحدة– التكاليف الباهظة لإعادة إعمار قطاع غزة وبقية المناطق الفلسطينية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *