مدير مستشفى شهداء الأقصى: إسرائيل استخدمت أسلحة جديدة وخطرة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

غزة – حذّر الدكتور إياد أبو زاهر المدير العام لمستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، من خطورة الصعوبات التي تواجههم في ظل العدوان الإسرائيلي، وقال في حوار خاص مع الجزيرة نت إن وضع المستشفى “كارثي” مشيراً إلى أنهم لا يبحثون عن “جودة الخدمة بقدر الحفاظ على الأرواح”.

وذكر أبو زاهر أنهم يضطرون لاستخدام أسلوب “المفاضلة” في اختيار الجرحى الذين سيدخلون غرف العمليات، وهو ما يؤدي إلى وفاة بعضهم خلال انتظار دورهم، ولفت إلى أن تهجير سكان شمال القطاع ضاعف أعداد متلقي الخدمة من المستشفى، وهو ما أثّر بشكل كبير على سير العمل.

وأوضح  المدير أن السعة السريرية بالمستشفى زات بنسبة 1000% بسبب الأعداد الكبيرة من المصابين، رغم قلة الأدوية وإنهاك الطواقم الطبية، وقال إن المساعدات التي دخلت من معبر رفح لا تكفي المشفى “يوما أو يومين” مشيراً إلى أن الكثير من الجرحى بحاجة ماسة للسفر للخارج.

وفيما يلي نص الحوار:

مستشفى شهداء الأقصى استقبل حتى الآن 2102 شهيد وما يزيد على 5 آلاف جريح (الجزيرة)
  • كيف أثّر توافد أعداد كبيرة من النازحين إلى وسط غزة وزاد من الضغوط الواقعة عليكم؟

مستشفى شهداء الأقصى، في مدينة دير البلح، هو المشفى الرئيسي في المحافظة الوسطى من قطاع غزة، ويخدم بالأساس حوالي 330 ألف نسمة. وبعد تهجير أهلنا من الشمال، أصبح عدد متلقي الخدمة مُضاعفا، حيث ارتفع إلى ما بين 650 إلى 700 ألف شخص، وهو ما أثّر بشكل كبير علينا، من حيث الطاقة الاستيعابية وأعداد الطواقم الطبية، والأدوية والمستهلكات الطبية.

وعلى سبيل المثال، كان قسم غسل الكلى قبل العدوان يخدم 143 مريضا. أما الآن، فيخدم 312 مريضا منهم 12 طفلا، وإنّ عدم تقديم هذه الخدمة لهم في الوقت المناسب سيؤدي للوفاة.

ومنذ بداية العدوان، استقبل المستشفى 2102 شهيد، وما يزيد على 5 آلاف جريح، 70% منهم أطفال ونساء، علماً بأن الاحتلال يدّعي أن جنوب وادي غزة والذي يشمل المحافظة الوسطى منطقة آمنة، لكنّ الاستهدافات لا تستثني أحدا.

ومن ناحية أخرى، انقطعت المياه العذبة عن قسم غسل الكلى قبل 3 أيام بشكل مفاجئ، وعندما بحثنا عن السبب وجدنا أنه بسبب استهلاك وتعبئة المياه العذبة من قبل السكان بسبب قطعها من قبل الاحتلال، ونحن لدينا بئر واحدة مع وحدة تحلية وتنقية، لكن السحب منها أكثر بكثير من قدرتها، والنازحون زادوا من الضغط على المشفى، وهذا يلحق الضرر بالمرضى.

  • كيف تتعاملون مع هذا العدد الكبير من الجرحى والإصابات الخطيرة، في ظل قلة غرف العمليات والطواقم الطبية؟

التحدي الأكبر يكمن في أن الإصابات تصلنا بأعداد كبيرة مرة واحدة، وطبيعة ما يصلنا من إصابات، وآخرها كان مجزرة مخيم المغازي اليوم فجراً، الأمر الذي يزيد من إنهاك الطاقم الطبي، كما أن السعة السريرية للمشفى كانت قبل العدوان 200 سرير، مقسمة على الجراحة والنساء والولادة والخدّج والكلى والباطنية، أما عدد الأسرّة في قسم الجراحة فيبلغ 48 سريراً.

ولكن بعد العدوان وسعنا السعة السريرية لتصبح 431 سريرا، وهذا وضعنا أمام مأزق وتحد، من حيث خدمة هذه التوسعة التي تبلغ نحو 1000%، لذا فهي تحتاج إلى خدمة كبيرة وطواقم، وهذا ما نفتقده حالياً، حيث إن الأدوية والمستهلكات الطبية نفدت تقريباً، ووزارة الصحة أعلنت الانهيار أمام هذه الأعداد الكبيرة.

وكما ترون، هناك الكثير من الجرحى في باحات المستشفى والممرات، نحن لا نبحث عن جودة الخدمة بقدر محاولة الحفاظ على الأرواح، وللأسف الشديد اضطررنا لاستخدام أسلوب المفاضلة، فمن نستطيع إنقاذ حياته نُدخله إلى غرف العمليات، والبقية ينتظرون، وهذا أدى -للأسف- إلى أن بعض الجرحى قضوا نحبهم بسبب هذه الطريقة التي اُضطررنا إليها.

وأما بخصوص معاناة الطاقم الطبي، فحدث ولا حرج، فهو يبذل ما بوسعه، لكن ما يتعرض له من أمور إنسانية أمرٌ مفجع، فأفراد الطواقم الطبية يتفاجؤون بأفراد أسرهم شهداء وجرحى داخل المستشفى، وهذا يثقل كاهلهم، ومن يُقدم الخدمة الطبية أصبح يحتاج الى خدمة، كما أننا نُبقي الطواقم التي لا يمكن أن نستغني عنها في المستشفيات، بعضهم لم يغادر منذ شهر كامل، لأننا نحتاجهم في أي لحظة.

  • هل لاحظتم إصابات غير تقليدية جراء استخدام أسلحة جديدة؟

نعم، إن طبيعة الجروح معقّدة، فعلى ما يبدو أن الأسلحة المستخدمة من قبل إسرائيل جديدة وغريبة. على سبيل المثال، وصل المستشفى من مخيم المغازي فجر اليوم أطفال شهداء، منهم طفلة لا يبدو عليها أي علامات للجروح والشظايا، بل تهتك لجميع أنسجة البطن والأعضاء الداخلية.

أيضاً هناك إصابات حروق تصلنا لم نشهدها من قبل، حروق مُعقدة تُذيب أعضاء الأطفال، أستطيع القول إن الوضع في المستشفى كارثي، نعم نحن نستقبل الجرحى، لكن نوعية الخدمة ضئيلة أمام هذا الاحتياج الكبير.

ولدينا الكثير من الجرحى بحاجة ماسة للسفر للخارج، لدينا جروح معقّدة وكسور معقدة، وتحتاج لتدخلات من أكثر من تخصص في لحظة واحدة؛ الآن هناك 4 طواقم طبية تدخل غرفة العمليات لإجراء عملية لجريح واحد، طواقم جراحة أعصاب وصدرية وباطنة وأوعية دموية وعظام لإنقاذ حياة مريض واحد.

  • هل أثّر العدوان على الخدمات الأخرى التي تقدمونها للمرضى من غير الجرحى؟

بالتأكيد، فمرضى غسل الكلى، على سبيل المثال، نحن نخدمهم على حساب الكادر والفلاتر، فالأصل أن لكل مريض فلترا، لكننا نضطر إلى تعقيم الفلاتر التي لا يجوز تعقيمها بعد استخدامها لمرضى آخرين.

أما بخصوص قسم النساء والولادة، فقد اضطررنا إلى إغلاقه ونقله إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات، كي نستوعب الجرحى فيه بعد زيادة السعة السريرية. وبالمناسبة، تسبب العدوان بحالات ولادة مبكرة بسبب الرعب والخوف، وهناك حالات ولادة في المنازل.

وهناك مشكلة أخرى في حضانات الأطفال الخدّج من حيث القدرة الاستيعابية، فهناك يضعون في كل حضانة أكثر من طفل، ويشربون حليباً مصنوعاً من مياه غير صالحة للشرب، وهذا سينعكس مستقبلاً على صحة هؤلاء الأطفال بعد انتهاء الحرب.

ونحن نعاني من شح كبير في المستلزمات الطبية، وكما تعلمون فإن الصحافة رصدت إجراء عمليات لأطفال بدون تخدير، وما دخل من مساعدات طبية من معبر رفح لا يكفي يوما أو يومين، إنها نقطة في محيط، ونحن نحتاج كميات أكثر بكثير. وهناك مشكلة أخرى، وهي أن ما يدخل من مساعدات بشكل عام لا نحتاجه، لكننا نستقبل ما يأتينا ونحاول أن نستثمره، لكن الاحتياج مُغاير لما يصلنا.

فلسطينيون يودعون أقاربهم الشهداء أمام ثلاجات الموتى في مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع- تصوير ياسر البنا
الشهداء أمام ثلاجات الموتى بمستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع (الجزيرة)
  • تعد مشكلة نقص الوقود من أبرز المشاكل التي تواجه المشافي بشكل خاص فما خطورة نفاده وكيف يؤثر ؟

مشكلة الوقود لدينا مركبّة، فقد يتوقف عمل المولدات ليس فقط جراء نفاد الوقود، بل لأن لدينا مولدَين، أحدهما متهالك، والآخر يعمل بأعجوبة. نحن الآن نقنن من قدرات المولدين كي نحافظ عليها، ونقتصد في كميات الوقود القليلة المتبقية قدر المستطاع، فنحن لا نستطيع قطع الكهرباء عن بعض الأقسام كالعناية المركزة، والعمليات، وغسل الكلى، ففي النهار نستخدم المولد المتهالك، ونشغّل المولد الأفضل حالاً في الليل.

وسيارات الإسعاف تحتاج للوقود، وكما ترون يتم في أحيان كثيرة إحضار الجرحى على وسائل بدائية، كالعربات التي تجرها الحيوانات، وتواجه سيارات الإسعاف صعوبات كثيرة في الوصول إلى أماكن القصف، بسبب قطع الاتصالات من قبل الاحتلال.

وليس خفياً أن وزارة الصحة حيّدت 28 سيارة إسعاف بشكل كامل جراء الاعتداءات الإسرائيلية، كما أن سيارات الإسعاف لا تستطيع الوصول بسهولة إلى المخيمات، مع أن محافظتنا (الوسطى) أغلبها مخيمات لاجئين، وشوارعها في الأساس ضيقة، فما بالك بعد القصف والهدم، كل هذا يُصعّب الوصول إلى الجرحى.

وختم الدكتور أبو زاهر حديثه للجزيرة نت بقوله: يتم استهداف سيارات الإسعاف من قبل الاحتلال بشكل مباشر، وهذا حدث على شارع البحر (الرشيد) وشرق مخيم البريج وفي مدينة الزهراء، فلا تستطيع الوصول إلى الجرحى، ويتم إطلاق النار عليها بشكل مباشر.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *