واشنطن- في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل لهجوم كبير على قطاع غزة، قد يشمل عملية برية واسعة النطاق قد تستغرق عدة أسابيع أو أشهر، ويمكن أن تؤدي إلى تصعيد إقليمي، تعهدت إدارة الرئيس جو بايدن بتقديم ما تحتاجه إسرائيل من عتاد وأسلحة وموارد إضافية.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تحريك قطع بحرية عسكرية ضخمة إلى شرق البحر المتوسط تحسبا لأي سيناريوهات مستقبلية تستدعي تدخلا سريعا لإجلاء الرعايا الأميركيين.
وجاء ذلك في الوقت الذي قال فيه مسؤول أميركي رفيع للصحفيين إن حزمة المساعدات الأولية لا تحتاج إلى موافقة الكونغرس، لكن إدارة بايدن قلقة من أن الفوضى بين الجمهوريين في مجلس النواب قد تعرقل الموافقة على مزيد من المساعدات المستقبلية.
المتطلبات الإسرائيلية والأوكرانية
وقال وزير الدفاع لويد أوستن -في بيان للبنتاغون- إن الولايات المتحدة ستزود الجيش الإسرائيلي بسرعة بمعدات وموارد إضافية، بما في ذلك الذخائر، وأضاف أن أول مساعدة أمنية ستبدأ بالتحرك اليوم، وتصل خلال الأيام المقبلة.
وفي إفادة صحفية منفصلة، قال مسؤولان أميركيان إن وزارة الدفاع الإسرائيلية قدمت بالفعل للبنتاغون قائمة أولية بالأسلحة التي يحتاجونها، والتي تشمل ذخائر للطائرات المقاتلة.
وعبّر بعض المراقبين عن تخوفهم من نقص المخزون العسكري الأميركي للذخائر المتقدمة بسبب إمدادات حرب أوكرانيا.
وأكد ديفيد دي روش، المسؤول السابق بالبنتاغون والمحاضر بكلية الدفاع الوطني بواشنطن، للجزيرة نت، أنه لا يعتقد أن المعدات التي قد يحتاجها الجيش الإسرائيلي هي نفسها التي قد تحتاجها أوكرانيا.
وأضاف دي روش أن لدى الجيش الإسرائيلي مقاتلات أميركية متقدمة، وسوف تحتاج إلى ذخائر أميركية موجهة بدقة، معتبرا أن القتال الإسرائيلي سيدار على مدى جغرافي صغير نسبيا، وذلك على العكس من ساحة القتال في أوكرانيا، كما أن أوكرانيا ليست لديها المقاتلات الأميركية المتطورة، وإن ما تحتاج إليه أوكرانيا هو الصواريخ البعيدة المدى (مثل هيمارس) والمدفعية التقليدية، التي من غير المرجح أن تطلقها إسرائيل كثيرا في هذا الصراع.
ولا يعتقد دي روش أن تكون هناك حاجة إلى جسر جوي ضخم إلى إسرائيل، كما كانت الحال خلال معارك الدبابات الملحمية في حرب عام 1973. ولا يرى أيضا وجود صدام بين المتطلبات الإسرائيلية والأوكرانية، موضحا أن هذا قد يحدث في حال حاجة كل من إسرائيل وأوكرانيا إلى كثير من المال مع استمرار انهماك الكونغرس في مشاحناته الداخلية.
الوجود العسكري شرق المتوسط
وتبحث الولايات المتحدة أيضا في خيارات لإجلاء محتمل للأميركيين من إسرائيل، في حين لم يتم اتخاذ أي قرار في هذا الشأن، وينطوي أحد خياراتها على وضع بعض الأميركيين على متن سفن البحرية.
وفي حديثه للجزيرة نت، أشار دي روش إلى اعتقاده أن خطوة تعزيز الوجود العسكري الأميركي شرق المتوسط رمزية، وهي إلى حد كبير رد فعل طبيعي في أي صراع من هذا النوع، خاصة عندما تكون هناك أعداد كبيرة من المواطنين الأميركيين في منطقة الصراع.
ولفت دي روش -في حديثه- إلى التقارير التي تفيد بأن بعض الرهائن لدى تنظيم حماس من الأميركيين، متوقعا تحركا عسكريا لتحريرهم، مع إمكانية إجراء عملية لإخراج الأميركيين إذا تدهور الوضع.
واعتبر المتحدث ذاته أن الاستعدادات الأميركية طبيعية، وتتخذ في أي منطقة صراع، كي تكون لديها القدرة على حماية مصالحها.
وكان وزير الدفاع أوستن قد قال إنه وجه إلى عدة خطوات لتعزيز موقف وزارة الدفاع في المنطقة لتعزيز جهود الردع الإقليمية. ويشمل ذلك حركة مجموعة حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” إلى شرق البحر المتوسط، إضافة إلى طراد صواريخ موجهة من فئة “تيكوندروغا”، و4 مدمرات صواريخ موجهة من طراز “آرلي بيرك”.
وأضاف وزير الدفاع الأميركي “لقد اتخذنا أيضا خطوات لزيادة أسراب الطائرات المقاتلة من طراز إف-35، وإف-16، وإف-15، وإيه-10 التابعة للقوات الجوية في المنطقة، وعلينا الاحتفاظ بقوات جاهزة لزيادة تعزيز موقف الردع هذا إذا لزم الأمر”.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك، الذي سبق له العمل مساعدا لوزير الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، كما سبق له العمل في سفارة بلاده بالقدس، ويعمل حاليا خبيرا بالمعهد الأطلسي بواشنطن، إلى أن ما تتخذه واشنطن يقع في إطار الاحتياطات العادية، وإنه إلى جانب التواصل الدبلوماسي من قبل بايدن وبلينكن وأوستن ومسؤولين آخرين، تستعد الولايات المتحدة لمجموعة واسعة من التحركات العسكرية والسياسية.
مخزون أميركي
وتشير دراسة أصدرها مركز خدمة أبحاث الكونغرس إلى أنه، أوائل ثمانينيات القرن الماضي، سعى القادة الإسرائيليون لتوسيع ما سموه “تعاونهم الإستراتيجي” مع الجيش الأميركي من خلال دعوة واشنطن لتخزين أسلحة ومعدات في الأراضي الإسرائيلية كي يستخدمها الجيش الأميركي في حالة الحرب.
وبالفعل بدأت الولايات المتحدة في تخزين معدات عسكرية في إسرائيل منذ 1984، وفي عام 1989 سمحت إدارة جورج بوش الأب للجيش الإسرائيلي بالوصول إلى المخزون الأميركي في حالات الطوارئ. وبالفعل طلبت إسرائيل الوصول إلى المخزون في مناسبتين على الأقل، على النحو التالي:
- خلال حرب صيف عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله، حين طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة الإسراع في تسليم الذخائر الموجهة بدقة إلى إسرائيل.
- يوليو/تموز 2014، خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد تنظيم حماس في قطاع غزة، وسمحت واشنطن لوزارة الدفاع لإسرائيل بالسحب من المخزون، لتجديد قذائف الدبابات من عيار 120 ملم وقذائف الإضاءة من عيار 40 ملم التي تطلق من قاذفات القنابل اليدوية.
ولا يُستبعد إطلاقا أن تعتبر إدارة جو بايدن ما تشهده إسرائيل “حالة طوارئ” بما يسمح لها باللجوء سريعا للمخزون العسكري الأميركي لتعويض أي نقص في الذخيرة وقاذفات القنابل التي قد تحتاجها إسرائيل قريبا.