يعتقد محللون سياسيون تحدثوا لبرنامج “غزة.. ماذا بعد؟” أن الإدارة الأميركية باتت على قناعة أن المقاربة العسكرية التي تعتمدها إسرائيل لن تنجح في القضاء على المقاومة الفلسطينية، وأن الاستمرار في الحرب يضر بمصالح الولايات المتحدة وحليفتها.
وفي هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة أن الولايات المتحدة اقتنعت أن القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هو هدف غير واقعي، وما أشار إليه تقرير للاستخبارات الأميركية عرض جزء منه على الكونغرس، الذي أوضح أيضا أنه في حال أصرت إسرائيل على استخدام القوة العسكرية فيما تسميه القضاء على حماس فسيستغرق الأمر سنوات ويكلفها ثمنا باهضا.
وتحذر الإدارة الأميركية الاحتلال الإسرائيلي -يضيف المتحدث- من أن الاستمرار في مسار القوة العسكرية وقتل الفلسطينيين وارتكاب الإبادة الجماعية بحقهم سيؤدي إلى تآكل مصداقية وصورة إسرائيل والولايات المتحدة في الوقت نفسه أمام شعبيهما وأمام المحافل الدولية، ولذلك تحاول واشنطن إقناع الإسرائيليين بتعديل سلوكهم والتوقف عن فكرة القضاء على حركة حماس والمقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة.
ومن جهته، يؤكد الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن واشنطن باتت تعتقد أن المقاربة العسكرية التي تعتمدها إسرائيل لا يمكن أن تحقق هدفها في القضاء على حركة حماس، مشيرا إلى وجود تصعيد تدريجي وبطيء في السياسة الأميركية اتجاه إسرائيل، وهو ما ظهر في فرض عقوبات على مستوطنين والدعوة لانتخابات في إسرائيل.
وبحسب القناة 13 الإسرائيلية، فإن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال أمام مجلس الحرب الإسرائيلي، فيما بدا قطعا لأي حجة بخصوص عملية رفح، إن حماس ستبقى حتى إذا هاجمتم رفح.
وقد أصبح لدى الولايات المتحدة قناعة بأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة باتت تضر بمصالحها وبمصالح حليفتها تل أبيب، من ناحية تداعياتها الإقليمية والدولية.
وفي مقابل المقاربة الأميركية الرافضة أيضا لاجتياح رفح جنوبي قطاع غزة، يصّر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو -يضيف الأكاديمي والخبير- على المضي قدما في خطته بالهجوم العسكري على رفح، لأن هذه العملية بالنسبة له تمثل مسألة حياة أو موت، كما يقول مهند مصطفى.
الحرب على المدنيين
وفي السياق، يقر المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية وليام لورانس أن الإدارة الأميركية شريكة ومتواطئة فيما يجري في غزة، ولكنها بدأت تفهم أنها ساعدت في التسبب بما يحصل في القطاع، وأن نتنياهو يعمل ضد مصالح إسرائيل، وهو ما ورد على لسان مسؤولين أميركيين، منهم السيناتور الأميركي وزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر الذي قال إن نتنياهو عقبة أمام السلام.
وخلص إلى أن “الإدارة الأميركية استنتجت أن إسرائيل تشن الحرب على المدنيين الفلسطينيين وليس على حركة حماس”.
وبشأن المساعدات الأميركية لإسرائيل، قال لورانس إن قطعها لن يكون سهلا وبسرعة قبل إنهاء الحرب، موضحا أن الكونغرس الأميركي سيهدد ببدء قطع الأسلحة عن تل أبيب ويضغط على البيت الأبيض في هذا الصدد.
ومن جهة أخرى، يطرح الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني الحيلة تساؤلات حول ما يجري في قطاع غزة، ويقول إن هناك مفاوضات متعثرة تجري بسبب تمسك الاحتلال باللاءات نفسها، وفي الوقت ذاته هناك تحضيرات للهجوم على رفح، وهناك إجراءات عسكرية وتغييرات تحدث في قطاع غزة باتجاه الممر المائي وطرح السلطة البديلة في القطاع.
وأعرب الحيلة عن اعتقاده بأن الأميركيين والإسرائيليين يحاولون خلق سياسة أمر واقع تفضي إلى أن يدار قطاع غزة بشكل مختلف عن الواقع الحالي، ولم يستبعد أن يكون هناك ضغط أميركي على إسرائيل لطرح مقاربة سياسية في هذا السياق.
ويذكر أن المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، تتواصل في العاصمة القطرية الدوحة، بالتزامن مع المعارك الدائرة في أرجاء قطاع غزة، والضغوط المتواصلة على رئيس الوزراء الإسرائيلي لإنجاز صفقة تبادل.