اتفق خبراء سياسيون وقانونيون على أن ضغوط إسرائيل على المحكمة الجنائية الدولية وتجسسها عليها بشكل مستمر -بحسب صحيفة الغارديان البريطانية- يحوّلها إلى دولة مارقة منبوذة معزولة، وتبدو كأنها مركب يغرق يحاول الكل الهروب منه.
وفي معرض تعليقه على تحقيق الصحيفة البريطانية، وصف الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى، “الموساد” بأنه جهاز سياسي لخدمة إسرائيل ولا ينحصر دوره بمنع التهديدات الأمنية فحسب بل بالتجسس السياسي على خصومها ومنع أي محاولة نقد لممارساتها العسكرية.
وأضاف مصطفى في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، أن إسرائيل تمارس أسوأ الأعمال الاستخبارية من خلال التجسس وتهديد رجال قانون وسياسيين والضغط عليهم.
وأشار إلى أن إسرائيل تشعر بأنها مهددة دوليا وتلجأ للتجسس بغية تحصيل معلومات قبل إصدارها بهدف منع أي خطوات ضدها، لافتا إلى أن تل أبيب عندما تسند مهمة قضائية إلى الموساد “يظهر ضعفها داخليا، ويؤكد أنها خائفة وهشة بعد ارتكابها جرائم حرب في غزة”.
وتبدو إسرائيل حساسة للغاية لأي عملية نقد أو مواجهة مع سياساتها وسرديتها -وفق مصطفى- الذي قال إنها أكبر مشجع لمعاداة السامية بتصديها لأي نقد، وممارسة ضغوط على أوروبا لتجريم أي محاولة نقد للصهيونية.
ويعتقد أن التعويل الإسرائيلي حاليا على ضغوط أميركية لكي لا تصدر المحكمة الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، مشددا على أن نتنياهو أخفق إستراتيجيا على المستوى الدولي والأخلاقي والعسكري وقدرته على إدارة إسرائيل.
ورغم إقراره بأن إسرائيل تصطف بشكل موحد ضد أي تحرك دولي ضدها، يبين مصطفى أن هذا الأمر يخلق نقاشا داخليا حول الإخفاق الإستراتيجي.
بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور خليل العناني، وجود إستراتيجية إسرائيلية أميركية ترتكز على الطعن بأهلية الجنائية الدولية بالتحقيق في تورط إسرائيليين أو أميركيين بجرائم حرب عبر استخدام كل أنواع الضغوط والتهديدات والتجسس والابتزاز والتشويه والتشهير ومحاولة التجنيد.
ويؤكد العناني أن إسرائيل تعيش حالة رعب وارتباك بشأن تداعيات ما سيحدث على صورتها الدولية، خاصة تبعات حرب غزة وملاحقتها بتهمة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية.
ويضيف أن هناك خوفا من أن تصبح مذكرات التوقيف سابقة تاريخية في إسرائيل و”قد تأتي لاحقا على محاولة محاكمة مسؤولين أميركيين”، قبل أن يصف الولايات المتحدة بأنها دولة ليست أخلاقية ولا يهمها ذلك لأنها متورطة بحرب شعواء في غزة.
وبشأن الصورة الرئيسية لإسرائيل، يقول إنها باتت دولة منبوذة ومكروهة ومعزولة ومارقة بعد تعرضها لـ3 ضربات بالأسابيع الأخيرة بطلب إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، إضافة للاعتراف الثلاثي من إسبانيا والنرويج وأيرلندا بدولة فلسطين، وصولا إلى قرار محكمة العدل وقف الحرب على رفح.
وخلص العناني إلى أن الشعور العام في الغرب حول إسرائيل بأنها “مركب يغرق والكل يهرب منه”، مشيرا إلى أنها باتت تمثل عبئا أخلاقيا على حلفائها.
إعاقة تحقيق العدالة
من جانبه، لم يكن أستاذ القانون الدولي في جامعة أوهايو الدكتور جون كويغلي، مستغربا أو متفاجئا من قيام إسرائيل بالتجسس ضد المدعين العامين للجنائية الدولية بسبب تاريخها الطويل في قصف غزة والاستيطان بالضفة الغربية وحتى منعها عودة اللاجئين لديارهم.
وبحسب كويغلي، تعتبر هذه القضايا جرائم ضد الإنسانية، ولذلك “لدى إسرائيل الكثير لتخسره وستتعرض لتساؤلات كثيرة حول ممارساتها وتجاوزها المؤسسات الدولية”.
ويضيف أن ممارسات إسرائيل تقوّض نظام المؤسسات الدولية وتقوم بانتهاك واضح لقواعدها، وهو ما يشكل عملا إجراميا يعيق تحقيق العدالة.
وخلص إلى أن ما يحدث يشكل إحراجا كبيرا للولايات المتحدة التي لديها أيضا سجل حافل بفرض ضغوط على الجنائية الدولية.