ما دلالات تعيين أحد أبناء الطوارق حاكما لكيدال شمال مالي؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

بعد 11 عاما من إعلان الحركة الوطنية لتحرير أزواد في السادس من أبريل/نيسان 2012 الاستقلال وتأسيس دولة في الشمال المالي والاستيلاء على عدد من المدن والمحافظات، وصل الحاكم الجديد المعين من قبل الحكومة المالية الجنرال الحاج آغ غامو إلى عاصمة إقليم كيدال يوم 14ديسمبر/كانون الأول الجاري.

ويعتبر غامو الحاكم الأول الذي تعينه الحكومة منذ عام 2012 وتراهن عليه في استعادة الأمن والاستقرار، وهو يراكم خبرات كبيرة في إدارة الصراعات، ولديه معرفة بالقبائل والوجهاء والشخصيات المؤثرة، لكنه سيواجه بتحديات تتمثل في غياب عوامل الاستقرار، وسيادة منطق الأعراق والقبائل، وانتشار الحركات المسلّحة.

وقد أرسلت مالي في 10 من ديسمبر/كانون الأول الجاري كتيبة “المجموعة التكتيكية المشتركة” التابعة للقوات المسلحة إلى مدينة كيدال من أجل استعادة الأمن والمحافظة على الهدوء وحماية المواطنين ومملكاتهم.

وكانت منطقة كيدال الواقعة شمال شرق الدولة قد شهدت الشهر الماضي معارك ضارية بالتزامن مع الخروج النهائي لبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام (مينوسما).

استعادة المدينة

وبعد أسابيع من المعارك الدامية وتبادل البيانات بين القوات المالية وحركات أزواد، أعلن الرئيس المالي العقيد آسيمي غويتا يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي استعادة الجيش مدينة كيدال التي سيطر عليها المتمرّدون منذ سنة 2012.

وحسب بيانات الإطار الإستراتيجي لحركات أزواد فإن الجيش المالي استعان في معركته بقوات فاغنر الروسية التي لعبت دورا بارزا في حسم المعركة، لكن الرئيس المالي في كلمة له بمناسبة السيطرة على عاصمة الإقليم نفى ذلك ضمنا، وقال إن شجاعة القوات المسلحة وضرباتها هي التي مكنت من استعادة المدينة.

وتحظى مدينة كيدال بأهمية كبيرة لموقعها الإستراتيجي، فهي تقع شمال شرق جمهورية مالي، ويحدها من الغرب منطقة تمبكتو، ومن الجنوب منطقة كاو، ومن الشرق النيجر، ومن الشمال الجزائر، وتمتد منطقة كيدال بشكل عام على مساحة قدرها 151 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الصحراوية.

ويقول الإعلامي المختص في الشؤون الأفريقية ومدير إذاعة الصحراء الدولية محمد سيد أحمد للجزيرة نت إن مدينة كيدال منطقة في غاية الأهمية إذ تشكل نقطة عبور لكل أنواع الممنوعات، وهي بوابة للهجرة السرية نحو دول المغرب العربي، ومنها إلى أوروبا.

وقد اتخذها المهربون محطة لتفريغ طائرات الكوكايين الكوبية، لتوزع عبر عدة محطات برية حتى تدخل السوق الأوروبي.

ويضيف سيد أحمد أن منطقة شمال مالي اكتسبت شهرتها بفعل خطورتها إذ تصنَف مكانا للجريمة العابرة للقارات، لذلك فإن سعي الحكومة العسكرية الحالية هو السيطرة عليها من أجل كسب الرهان في حربها ضد “الإرهاب” وحركات “التمرد”.

الجنرال غامو من أبرز العسكريين الطوارق في الجيش المالي (الفرنسية)

تعيين حاكم

وفور دخول الجيش المالي للمدينة ورفع راية النصر فيها، أصدر العقيد غويتا مرسوما بتعيين الجنرال الحاج آغ غامو محافظا لإقليم كيدال.

واللافت أن غامو ينحدر من الطوارق من قبيلة إمغاد المنتشرة في مناطق الشمال المالي بكثرة، وسبق أن كانت جزءا من الصراع المحلّي.

ويعتبر الجنرال غامو من أبرز العسكريين الطوارق في الجيش المالي، ويتمتع بتجربة كبيرة في ميادين الحرب والقتال، ومحاربة الجماعات المسلحة وحركات التمرد على المستوى الصحراوي والساحلي.

وكان يشغل منصب المفتش العام للجيوش في مالي، قبل أن يقال عام 2021 ليتم تعيينه محافظا لكيدال بعد استعادتها يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ويرى الباحث أن تعيين غامو في كيدال يأتي بمثابة اعتراف من الحكومة المالية بدوره المهم في حفظ السلام من جهة، وطمأنة للسكان من جهة أخرى إذ من يتولى شأنهم واحد من الذين استطاعوا قيادة قبيلة إمغاد ووفق في ذلك.

مستقبل الإقليم

وفي حديثه للجزيرة نت قال مدير إذاعة الصحراء الدولية إن حظوظ الجنرال غامو في نجاح مهمته تعتمد على مدى التكامل والتعاون بين القوات الحكومية، والمجتمع المحلّي والأطراف الإقليمية.

وأضاف المتحدث أن الحكومة المالية لا بدّ أن تسعى إلى عقد مصالحة، ومصالحة وطنية بين جميع الأطراف في المنطقة من أجل ضمان استقرار بعيد الأمد.

وحتى تقلع المجتمعات عن الحروب ومآسيها لا بد من إيجاد فرص اقتصادية، والعمل على إحياء التعليم بالتنسيق بين الحكومة المركزية والمنظمات الدولية.

اتفاق الجزائر

وبموجب السيطرة على إقليم أزواد من طرف الحكومة، يكون اتفاق الجزائر الذي أبرم أول مارس/آذار عام 2015 لإنهاء الحرب قد انتهى.

وقد نصّ الاتفاق على اندماج الحركات الأزوادية المسلّحة في الجيش واستمرار الحكومة في دعم الجماعات المحلية، وتخصيص بنود من الميزانية لها.

ومع خروج قوات حفظ السلام، والقوّات الفرنسية، من شمال مالي زادت الحركات المسلّحة من هجماتها على المدن الشمالية وتوسيع نطاق تحركها، وهو ما دفع المجلس العسكري مدعوما بقوات فاغنر إلى شن ضربات قوية حتى تمكّن الجيش من دخول المدينة.

وقد تعهّد العقيد غويتا بمواصلة السير حتى بسط السيطرة على جميع التراب الوطني، وذلك ما يعني مواصلة المعارك في المستقبل مع الحركات الأزوادية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *