استبعد كُتاب ومحللون سياسيون التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى في قطاع غزة، رغم موافقة مجلس الأمن على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة، ويرتكز على مقترح الرئيس جو بايدن نهاية الشهر الماضي.
وخلال حديثه لبرنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، قال الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، إنه لا وقف إطلاق نار بالمدى المنظور لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يريد وقفا للحرب أو الذهاب لصفقة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وأشار مصطفى إلى أن نتنياهو في مفترق طرق وأن أمامه خيارين لا ثالث لهما؛ فإما الذهاب لصفقة وفق مقترح بايدن ومن ثم سقوط حكومته اليمينية، أو معارضة المقترح والحفاظ عليها، مؤكدا أنه بات في موقف أصعب بعد استقالة بيني غانتس من مجلس الحرب.
وحسب الخبير بالشأن الإسرائيلي، قد يلجأ نتنياهو إلى حل الكنيست (البرلمان)، ورئاسة حكومة انتقالية لـ3 أشهر، مما سيزيل عنه عبء المسؤولية عن الحرب وإبرام الصفقة، ومن ثم بناء شعبيته مجددا حيث يتعرض المشهد السياسي الإسرائيلي لتحولات كبيرة.
بدوره، يعتقد الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي، أن حماس متنبهة لألاعيب واشنطن، حيث رحبت بقرار مجلس الأمن ودعت لمفاوضات تستند للمفاهيم الإيجابية فيه.
ويؤكد عرابي، أن حماس ترفض إجراء مفاوضات من أجل استمرار الحرب والتدمير الممنهج لمقومات الحياة بغزة، مشيرا إلى أنها تدرك أن الميزان مختل “لذلك تعتمد على مناورات بعضها يتعلق بالميدان والقتال، وأخرى بتمسكها بالثوابت التفاوضية”.
ونبه إلى أن الحركة تستحضر أيضا تاريخ المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وأسلوب إسرائيل في المراوغة بالدخول إلى عملية تفاوضية لا أفق لها، حيث تريد الأخيرة نقل تجربتها التفاوضية السابقة إلى حماس.
وأكد أن صمود المقاومة حمل إسرائيل والولايات المتحدة على تقديم مقترح لوقف إطلاق النار لم يكن ليقدموه منذ بداية الحرب، ولكنه يتضمن فخاخا، داعيا الحركة لضرورة الحذر والتحفظ من النوايا الأميركية، وقدرة الإسرائيليين على إنجاز قدر محدود من الصفقة وهو المرحلة الأولى منها.
من جانبه، يعتقد المسؤول السابق في الخارجية الأميركية وليام لورانس أن طرفي الصراع في الحرب قريبان من وقف إطلاق نار ثانٍ منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، رغم أن إسرائيل ليست راغبة بوقف الحرب.
وطالب لورانس بدفع الطرفين نحو بدء مفاوضات حول تفاصيل الصفقة، مشددا على أن وقف إطلاق النار قريب ولكنه يرتبط بالمفاوضات التي لم تبدأ بعد.
موقف واشنطن
ووصف مصطفى موقف واشنطن بالغريب في ظل إصرارها على قبول إسرائيل لمقترح بايدن، رغم تصريحات وزراء حكومة نتنياهو الرافضة بوضوح، مؤكدا أن نتنياهو سيتحول لمعارض علني لمقترح الرئيس الأميركي.
كما أن موافقة إسرائيل على مقترح بايدن يبدو غريبا للمجتمع الإسرائيلي، الذي يضغط على نتنياهو لقبول المقترح والذهاب نحو صفقة تبادل، وفق الخبير بالشأن الإسرائيلي.
أما الكاتب ساري عرابي، فقد وصف الولايات المتحدة بأنها تنصب نفسها ناطقا كاذبا للإدارة الإسرائيلية، مستدلا بمشاركة واشنطن بعملية استعادة الأسرى الإسرائيليين بمخيم النصيرات، والتي أدت إلى استشهاد وجرح نحو 1000 فلسطيني.
وأكد أن الجميع شاهد على جملة من التناقضات الأميركية “فإدارة بايدن منخرطة بالحرب، وتبنت الخطاب الإسرائيلي منذ بدايتها، ومنعت كثيرا محاولات وقف إطلاق النار عبر مجلس الأمن”.
وخلص إلى أن إدارة بايدن تريد ابتزاز حركة حماس والضغط عليها، وتوفير الغطاء الدولي والقانوني لاستمرار الحرب، كما أنها تريد أن تحقق للإسرائيليين عبر ميدان الدبلوماسية ما لم يحققوه في الميدان.
بدوره، قال المسؤول السابق في الخارجية الأميركية إن واشنطن تريد للحرب أن تنتهي، ولكنها لا تريد أن يكون وقف إطلاق النار ضد اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، وضد رغبات إسرائيل.
وأقر بأن الترحيب الدولي الواسع في مجلس الأمن بقرار وقف إطلاق النار يضع عبئا إضافيا على واشنطن، مؤكدا في الوقت عينه أن الأخيرة الوحيدة التي يمكن أن تساعد في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وموقفها بدأ يتغير.
ووصف لورانس، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأنه ليس مفاوضا جيدا، وقال إن لديه إستراتيجية منحازة للإسرائيليين تقوم على وضع اللوم دائما على حماس.