ماهر شبايطة: تعرضنا للاعتداء والعرموشي قُتل بطريقة إسرائيلية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 12 دقيقة للقراءة

عين الحلوة- ذهبنا إلى أمين سر حركة فتح في منطقة صيدا اللواء ماهر شبايطة مدججين بكم كبير من الاتهامات التي وجهت إلى الحركة، سواء من الحليف أو الشريك أو الخصم، ومحملين بطلبات كثيرة وعتب من سكان بمخيم عين الحلوة.

يستقبلنا الرجل في بيته المتواضع على أطراف حي حطين داخل المخيم الفلسطيني الأشهر على الأراضي اللبنانية، ويخبرنا أن الديوانية المتواضعة -التي جلسنا فيها خارج منزله- شهدت عددا كبيرا من الاجتماعات لوقف إطلاق النار والاشتباكات الدموية الأخيرة في المخيم.

يجلس شبايطة وسط غابة من الصور له مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والحالي محمود عباس وعدد من قادة حركة فتح، يرفع هاتفه الخلوي قديم الطراز ويقول لنا “بهذا الهاتف استطعنا وقف كل الهجمات الإعلامية ضدنا وفندنا الإشاعات التي كانت تستهدفنا وكشفنا زيف ادعاءات المجموعات الإرهابية”.

الرصاصة الأولى

نسأله عمن أطلق الرصاصة الأولى في هذه الاشتباكات الأعنف بتاريخ المخيم الممتد منذ عام 1948 فيقول “تعرضنا لكمين محكم من قبل مجموعات متطرفة مرتبطة بأجندات خارجية، والتي قامت باغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه في 30 يوليو/تموز الماضي”.

ويتابع أنه “قبل عملية اغتيال العرموشي بليلة قتل شاب من عائلة فرهود، وبعدها بـ 10 دقائق استنفر الإرهابيون في المناطق التي لهم فيها نفوذ -خاصة منطقة التعمير- واستولوا على مدارس الأونروا، وهذه ليست المرة الأولى، فمنذ 20 عاما وعند كل حدث أمني يتسللون إلى المدارس، وكانت لنا اتصالات في تلك المرحلة مع كل القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية والمشايخ، وقلنا للجميع: هؤلاء دخلوا إلى المدارس، وما حصل كان إشكالا فرديا، ودخولهم إلى المدارس يعني أنهم سيهاجمون مواقعنا ولن يكتفوا بالرد على من قتل الفرهود، ويومها تبلغ أبو أشرف العرموشي أنهم دخلوا إلى المدارس الساعة 12:30 بعد منتصف الليل، وعندما كان الأخير يحاول حل الإشكال الساعة 12:30 بعد الظهر اغتيل بطريقة إسرائيلية”.

وردا على الاتهامات بأن حركة فتح وسعت رقعة الاشتباكات ينفي هذا الأمر ويقول “هم (الشباب المسلم) من افتعلوا المشاكل، وكان هناك تسجيل صوتي لمسؤولهم في منطقة “الطوارئ-التعمير” طالب فيه كل العناصر بإطلاق النار علينا من كافة الاتجاهات وكل المناطق، وكنا مجبرين على الرد على مصادر النيران في 3 محاور: الصفصاف مباشرة بعد اغتيال فرهود، ثم في حطين وبعدها بالطوارئ، هم الذين اعتدوا علينا ولسنا نحن المعتدين”.

وأوضح “نحن لا نتعاطى لا بقضية ثأر ولا انتقام، هناك جريمة ومجزرة حصلت باغتيال العرموشي ورفاقه، وبعد الاغتيال هوجمت مواقعنا بشكل مباشر، وكانت هناك محاولة لضرب المخيم والاستقرار فيه، والدليل على ذلك أنهم بعد الاغتيال هاجموا مواقعنا وحاولوا التقدم باتجاهها، ونحن اكتفينا بالرد على مصادر النيران، وحتى الآن نقول نحن مع تسليم هؤلاء القتلة للعدالة اللبنانية تنفيذا لمحاكمتهم، نحن لسنا قتلة بل مقاتلون ولسنا طلاب ثأر، يجب محاسبة المجموعة التي ارتكبت الجريمة أمام القضاء اللبناني لأننا موجودون على أرض لبنانية”.

ماهر شبايطة: حركة فتح لم تستخدم الصواريخ في اشتباكات عين الحلوة (الجزيرة)

من أين لهم الأموال؟

يسترسل شبايطة بالشرح “نعتبر هؤلاء امتدادا لمجموعات إرهابية عام 1990 تتبع صبري البنا (أبو نضال)، في عام 1991 (بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية) انتشر الجيش في المناطق اللبنانية ووضع نقاطا حول المخيم، وبقي حي التعمير- الطوارئ الذي لم يدخله الجيش، وكذلك نحن من البداية لم تكن لدينا مواقع فيه، بدأ هؤلاء يعشعشون هناك، هؤلاء بندقية للإيجار بغض النظر عن الاسم، يتلقون تمويلا ويشاركون بكل الأحداث التي جرت في العالم من أفغانستان إلى العراق ثم سوريا، وصولا إلى المشاكل الداخلية في لبنان”.

وأضاف “هاجموا نقاطا للجيش اللبناني، وشاركوا إلى جانب الشيخ أحمد الأسير في معارك “عبرا” (عام 2013)، وجنسيات هذه المجموعة هي الفلسطيني واللبناني والسوري، ولا أعلم كيف استطاعوا الدخول إلى المخيم لأن كل شخص يريد الدخول أو الخروج للمخيم عليه إبراز بطاقة هويته عند المداخل، وهناك تدقيق أمني، منهم من أبناء المخيم، وهم القاعدة الأساسية للإرهاب في المخيم واستقبلوا المجموعات المتطرفة في مناطق نفوذهم”.

وتابع أنه “منذ البداية كانت هناك لجنة تحقيق ثبتت أنهم القتلة، لأن شائعات كثيرة انتشرت لتغيير الحقائق وتعميتها، وكان أحد أبرز المطالب الاتفاقات التي حصلت تعزيز القوة الفلسطينية المشتركة، والتي تضم كافة الفصائل الفلسطينية، والتي من المفترض أن تعمل على جلب القتلة وتسليمهم للعدالة”.

ويعبر عن شكوكه “حول مدى التزامهم (الشباب المسلم) بتطبيق هذا البند، نحن نريد تسليمهم للدولة اللبنانية لتحقق معهم وتعرف من الجهات التي تمولهم وتكشف المعلومات للرأي العام الفلسطيني واللبناني، فمنذ نهاية شهر يوليو/تموز لم تنفد ذخيرتهم، فمن أين يأتون بهذه الأموال؟ ومن هي الجهات الكبرى التي تمولهم؟ الأكيد أنه ليس -كما يدّعون- من بيع القهوة والعطور”.

حق العودة يضيع".. صوت يتردد صداه في مخيم عين الحلوة
الجولة الأخيرة من الاشتباكات خلفت دمارا كبيرا في مخيم عين الحلوة (الجزيرة)

صواريخ وتدمير

نواجه شبايطة باتهامات لحركة فتح بأنها استخدمت صواريخ “غراد” في الاشتباكات، وهذا الذي سبب الدمار الكبير في عين الحلوة، لكنه ينفي التهم ويقول “غير صحيح، عام 1991 عندما دخل الجيش إلى المناطق اللبنانية ووضع النقاط حول المخيم سلّم السلاح الثقيل كله للدولة اللبنانية، والموجود في المخيم هو السلاح الخفيف والمتوسط، وفي الأساس نحن لا نملك هذه الصواريخ أو غيرها، في الجهة المقابلة استخدم المتطرفون سلاح الهاون (82)، لأن هناك قذائف لم تنفجر بحوزتنا، واستخدموا أيضا صواريخ “107” (نوع من غراد)، وهم من قاموا بالتدمير وإطلاق القذائف بشكل متعمد باتجاه الجيش اللبناني والمناطق اللبنانية لاستجلاب التدخل اللبناني في الاشتباكات، وهذا ما تعلمه السلطات اللبنانية لأنه قبل اغتيال العرموشي اتصل بي مدير مخابرات منطقة الجنوب وأبلغني أن هناك إطلاق نار يستهدف مراكز الجيش ومستشفى (الدلاعة) وقتلت بسببه امرأة”.

تباينات وليست انقسامات

وعلى صعيد آخر، يشدد شبايطة على أنه “لا توجد انقسامات بفتح، بل وجهات نظر متباينة، هناك مناطق أطلق النار عليها من قبل الإرهابيين ورددنا على مصادر النيران، وهناك مناطق أخرى لم يطلق النار علينا منها فلم نرد، ولهذا كانت هناك 3 محاور: إطلاق النار من منطقة التعمير باتجاه بستان القدس، وفي منطقة حطين باتجاه حاجز ومناطق الأمن الوطني، وهذا دفع الأخيرة للاستيلاء على مبان عدة لمنع المسلحين من التسلل وضرب مواقعنا، ومن منطقة الصفصاف باتجاه الطوارئ”.

كما نفى شبايطة ما تردد عن قيام فتح بفصل بعض قادتها وعناصرها بسبب امتناعهم عن المشاركة في الاشتباكات.

قتلة العرموشي أم القرار الفلسطيني؟

ننقل له ما سمعناه بأن هدف الاشتباكات الأخيرة ليس إلقاء القبض على قتلة العرموشي، بل الإمساك بالقرار الفلسطيني داخل المخيم، لأن حركة فتح تعلم علم اليقين أن “الشباب المسلم” لن يسلم أيا من عناصره.

يغير شبايطة طريقة جلوسه ونبرة صوته، ويقول لنا” نحن لم نتراجع أي خطوة للخلف، ونحن ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني شاء من شاء وأبى من أبى، وهذه المنظمة لها مكتبها وسفارتها ويعترف بها كل العالم، ولكن في لبنان هناك وضع استثنائي، وطرح الرئيس نبيه بري (رئيس مجلس النواب اللبناني) مبادرة لتشكيل لجنة عمل فلسطيني مشترك تضم القوى الأخرى غير المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، وهي قوى التحالف، وفي عين الحلوة هناك القوى الإسلامية، ولهذا شكّل هذا الإطار، ولكن منظمة التحرير هي المسؤولة عن الشعب الفلسطيني في كل العالم، وفي مخيمات لبنان نتعاطى منذ 4 سنوات بهيئة العمل الفلسطيني المؤقتة لحل المشاكل”.

تحجيم فتح وكسر هيبتها

وماذا عن محاولة تحجيم فتح في مخيم عين الحلوة؟ يجيب شبايطة بأن “اغتيال العرموشي والهجمات المتتالية هدفها إضعاف الحركة، ولكن لن يستطيعوا كسر هيبتها في مخيم عين الحلوة، لأن هذه الحركة لا تزال تقود النضال الفلسطيني منذ عام 1965، وتعرضنا لمؤامرات عدة، وخلقوا لنا صبري البنا وفتح الانتفاضة وفتح الإسلام وجند الشام والنصرة وداعش والقاعدة، كلها أسماء لبندقية للإيجار، والمطلوب من كل هذه التسميات ضرب مشروع منظمة التحرير والاستقرار الفلسطيني بلبنان وضرب المخيمات، والشاهد على ذلك أن هم هؤلاء كانوا السبب في تدمير مخيمي نهر البارد واليرموك، واليوم الذي يحصل هو تكملة هذا المشروع وشطب مخيم عين الحلوة وتهجير أهله وضرب حق العودة وتشتيت الشعب الفلسطيني، ونحن باقون هنا، دافعنا وسندافع عن المخيم ونتمسك بعاصمة الشتات الفلسطيني”.

خسائر جسيمة

عشرات القتلى والجرحى أعلنت عنهم حركة فتح، أي أن خسائرها كبيرة ولم تحقق أي تقدم أو تسيطر على أي منطقة من مناطق نفوذ “الشباب المسلم” أو تلقي القبض على أي من المشتبه بهم بقتل العرموشي، فما رأي “أبو الطاهر” بهذا الاتهامات؟

يجيب قائلا إن “الطرف الآخر أيضا لديه عدد كبير من القتلى، وأعلن عن البعض الذين لديهم عائلات وعشيرة في المخيم، وهؤلاء لا يستطيعون إخفاء أسمائهم، وهناك قتلى من خارج المخيم سقطوا ولم يعلن عنهم ودفنوا في مناطق القتال، نحن شيعنا شهداءنا ولم نخجل من هذا لأنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم ومخيمهم، ولم نتخذ أي قرار بالدخول إلى أي منطقة خاضعة للطرف الآخر، نحن كحركة فتح نلتزم بقرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك، ولن ندخل بأي معركة لجلب هؤلاء القتلة”.

حماس وعصبة الأنصار ودور الوسيط

يشير اللواء شبايطة إلى أن “حركة حماس فصيل ينضوي تحت التحالف الفلسطيني، وعصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة ضمن القوى الإسلامية، هذان إطاران إضافة إلى منظمة التحرير، وسميت هذه الأطر الثلاثة “هيئة العمل الفلسطيني المشترك”، أما المتطرفون فهم خارج النسيج الفلسطيني، والمعركة التي تدور في المخيم هي بين الشعب الفلسطيني والإرهاب الدولي والمتطرفين، لا نقبل بحرب فلسطينية كما يقول البعض، حركة حماس وعصبة الأنصار على تواصل مع المتطرفين لمحاولة حل القضايا السابقة، والعصبة لعبت دور الوسيط لردعهم عن العبث بالأمن في المخيم”.

وشدد على أن “شعارنا أن كل شخص حر في رأيه، ولكن لا تقترب من الأمن وتخريبه في المخيم ولبنان، فهؤلاء مثلا يرفضون الصلاة خلف إمام من عصبة الأنصار، ومشكلتهم مع كل الشعب الفلسطيني وليس مع فتح فقط”.

مستقبل التسوية

وفي نهاية مقابلتنا يخلص “أبو الطاهر” إلى القول “نحن نضع أنفسنا بتصرف العمل الفلسطيني المشترك، اتفقنا على تعزيز القوة المشتركة ونشرها في المناطق الحساسة، نحن نلتزم بقرار القيادة، وعندما يسلم القتلة للدولة اللبنانية سيسحب صاعق التفجير وتعود الحياة الطبيعية للمخيم ويعود النازحون منه إلى منازلهم، فالعودة إلى فلسطين ليست بيدنا، ولهذا يجب العودة إلى عاصمة الشتات وحاضنتنا تمهيدا للعودة إلى فلسطين”.

وختم “نحن تنظيم فلسطيني نتبع لدولة فلسطين ونحترم القرارات، وهؤلاء تاريخيا يتحركون حسب الأجندات والمكالمات، هؤلاء تابعون وغير منضبطين، نحن قرارنا فلسطيني، وقرارهم إرهابي دولي، ولا يمكن أن نأخذ أي كلمة صدق أو عهدا منهم لأنهم متطرفون”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *