بيروت- على طول الحدود الفاصلة بين لبنان وشمال فلسطين، تنتشر قوات حفظ السلام الدولية “يونيفيل” في الجنوب، وهي قوة طوارئ مؤقتة تابعة للأمم المتحدة، وبموجب قرارين صادرين عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ 19 مارس/آذار 1978، وصل أصحاب القبعات الزرقاء إلى لبنان.
46 عاما مضت منذ وجود اليونيفيل في الجنوب اللبناني. وبعد انتهاء حرب يوليو/تموز 2006، عززت انتشارها في المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني بأكملها حتى الحدود مع إسرائيل وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1701) الذي صادقت فيه على زيادة حجم القوات إلى 15 ألف جندي موزعين على 40 جنسية مختلفة ليعود وينخفض إلى 10 آلاف.
وتتمثل أبرز مهام قوات اليونيفيل في:
- تأمين مراقبة الخط الأزرق على مدى الساعات الـ24 يوميا بواسطة 46 موقعا و46 مركز مراقبة ثابتا، و225 دورية يومية ليلا ونهارا، إلى جانب الدوريات اليومية بواسطة الطوّافات على طول هذا الخط.
- مساعدة الجيش اللبناني في ضبط الأسلحة والذخائر غير الشرعية.
- مقاومة أي اعتداء وردعه، وحماية عديدها ومعداتها، وتأمين سلامة تنقلاتهم وسلامة المدنيين في المنطقة.
- توفير تدريبات للجيش اللبناني.
- تقديم مساعدات للمجتمع المحلي في مجالات التنمية، والرعاية الصحية، والمشاركة الاجتماعية.
اليوم، في ظل التصعيد العسكري في الجنوب ارتباطا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية “طوفان الأقصى”، يوصف الوضع الراهن بأنه متوتر قابل للاشتعال والتمدد عند أي لحظة.
يقول المتحدث الرسمي باسم قوات اليونيفيل أندريا تيننتي “نشهد يوميا تبادلا لإطلاق النار على طول الخط الأزرق باستخدام الأسلحة الثقيلة من قبل الجانبين. وقد تعرضت عدة قرى قريبة من الخط لأضرار جسيمة، كما أُصيب وقُتل عشرات المدنيين ونزح آلاف اللبنانيين.
وأضاف تيننتي، للجزيرة نت “بوصفنا قوات حفظ سلام، نشعر بالقلق تجاه الوضع الراهن واحتمال التصعيد الذي يمكن أن ينشأ أيضا نتيجة لسوء التقدير، وهو أمر صعب التنبؤ به”.
وحول دورهم الحالي في جنوب لبنان، يوضح تيننتي أن القوات الدولية ما تزال تنفذ مهامها بنفس الروح التي بدأت بها منذ اليوم الأول، وأن هذه المهام أصبحت أكثر إلحاحا الآن، ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس.
وقال “عدّلنا أنشطتنا الميدانية للتركيز بشكل أكبر على الدوريات وتعزيز التواصل مع الأطراف المعنية، بالإضافة إلى دعم الجيش اللبناني والمجتمعات المحلية في قرى جنوب لبنان، وأنشطة متنوعة مثل مشاريع توزيع مولدات الكهرباء ومضخات المياه، والدعم الطبي بما فيه الأطباء البيطريون وأطباء الأسنان”.
وتابع المتحدث باسم اليونيفيل “كل هذا يتواصل بشكل يومي تقريبا، ويستمر دعم السكان المحليين والجيش اللبناني من حيث التدريب، مع مراعاة السلامة والأمان في هذه الفترة الزمنية الحساسة”.
تهدئة
ويؤكد تيننتي أن جميع الجهود الراهنة تتم بهدف تهدئة الوضع واستعادة الاستقرار. كما يعمل رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء آرولدو لاثارو، منذ بداية الأزمة للحفاظ على قنوات اتصال فعّالة بين الأطراف المعنية، وهي السلطة والجيش اللبنانيين والجيش الإسرائيلي.
ويشير إلى أن اليونيفيل تمثل الوكالة الوحيدة التي تمتلك القدرة الفعلية على التنسيق والتحاور مع الطرفين في منطقة لم تحدد فيها الحدود بوضوح. ويقول “نسعى جاهدين لتهدئة الأوضاع، وتعزيز التواصل، وإرسال الرسائل بين الأطراف لمنع أي سوء فهم خطير”.
ويضيف أن الجهات المعنية أعربت عن عدم رغبتها في تصاعد الصراع، مع الإشارة إلى وجود احتمالية دائمة للتصعيد وحدوث سوء تقدير في ظل المستجدات التي مرت بها المنطقة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.
ودعا المتحدث جميع الأطراف إلى الالتزام الفعلي بأحكام القرار (1701)، “ليس فقط بالتصريحات اللفظية، ولكن عبر اتخاذ إجراءات فعّالة لوقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات للعمل على إيجاد حل سياسي ودبلوماسي”.
ولم تسلم قوات اليونيفيل من العدوان الإسرائيلي المتواصل على مختلف القرى والبلدات الحدودية، وأبرزها إصابة برج المراقبة التابع للوحدة الإسبانية في القطاع الشرقي بقذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية، في التاسع من يناير/كانون الأول 2023، ولم تسفر عن إصابات، بعدما كانت نيران إسرائيلية أصابت آلية دورية تابعة لليونيفيل في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
يقول تيننتي “تعرض مقرنا في الناقورة ومواقع أخرى في جنوب لبنان للهجوم بإطلاق النار والمتفجرات أكثر من 20 مرة. وتعرض 3 من أفراد حفظة السلام لإصابات لم تكن خطيرة. نؤكد باستمرار لجميع الأطراف أن استهداف مواقع الأمم المتحدة أو استخدام المناطق القريبة من مواقعنا لشن هجمات عبر الخط الأزرق أمر غير مقبول ويشكل انتهاكا للقرار 1701″.
وتابع “بما أن معظم مواقعنا -أكثر من 50 موقعا- تقع قرب الخط الأزرق، يُعد ما نقوم به ذا أهمية كبيرة ويتطلب تأمين سلامة وأمان كافة مكوناتنا”.
تحديات
من جهته، قال رئيس بلدية الخيام عدنان عليان، إن قوات اليونيفيل مكلّفة بحفظ السلام وحماية المدنيين، ولكنها “تواجه تحديات كبيرة في مواجهة الاختراق اليومي من قبل العدو الصهيوني دون أي ردع”.
وأضاف عليان للجزيرة نت “حاليا، تجد القوات صعوبة في تنفيذ مهامها الأساسية في الحفاظ على السلام وضمان سلامة المدنيين بسبب الوضع المتوتر، حيث تعرّض برج مراقبة في نقطة استطلاع بالوزاني للقصف”.
وأوضح أن هذه القوات تقدم المساعدات بشكل سنوي، وأحيانا، تقدم الدول المشاركة فيها هِبات وخدمات طبية وزراعية. وأكد أن اهتمامها الرئيسي يتمثل في تجنب قصف المدنيين والامتثال للقوانين الدولية التي تحظر مثل هذه التصرفات.
ودعا عليان إلى وقف الحرب في غزة “لأنها سبب رئيسي لكل التوترات”. وأكد أنه عندما يتم إيقافها، “ستعود الأمور إلى طبيعتها كما كانت سابقا في جنوب لبنان”.
بدوره، يصف حسن حمود نائب رئيس اتحاد بلديات قضاء صور، للجزيرة نت، دور قوات اليونيفيل خلال فترات التصعيد في الجنوب اللبناني بأنه “روتيني” و”ينصب بشكل رئيسي على الرصد والمراقبة”.
وقال إن دورها الأساسي “يتمثل في مساندة الدفاع المدني والهيئات الصحية والكشفية لإنقاذ المدنيين أو سحب الشهداء جراء القصف الإسرائيلي”.
ووفق حمود “تقدم جميع القوات مساعدات للسكان المحليين في مجالات التنمية، والرعاية الصحية، والمساهمات الاجتماعية، بما فيها هبات للسيدات وتحسينات المدارس والتعاون مع الجيش اللبناني”.