ماجد الزير: القضية الفلسطينية تحقق نجاحات في أوروبا رغم التضييق

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

تحدّث الرئيس التنفيذي لـ”المجلس الأوروبي- الفلسطيني للعلاقات السياسية” ماجد الزير، عن اختراق كبير تحققه القضية الفلسطينية داخل المجتمعات الأوروبية مؤخرا.

وأرجع ماجد الزير، في مقابلة مع الجزيرة نت، هذا الاختراق إلى المظاهرات الواسعة لمؤيدي الحق الفلسطيني، إلى جانب الاستخدام القوي لشبكات التواصل الاجتماعي، والتركيز على البُعد الحقوقي لإيصال الصوت الفلسطيني، فضلا عن إبداع طرق للتضامن مع غزة؛ ومنها: حملة “أطفئوا الأنوار”.

وأكد أن سياسيين كُثر في أوروبا “بدؤوا يأخذون مواقف لصالح الضمير الإنساني بالانتصار للشعب الفلسطيني”، ونبّه إلى أن هذا يجري “رغم التضييق الواسع الذي يتعرض له مناصرو القضية الفلسطينية”.

ورغم ذلك، قال ماجد، إن التضامن مستمر حتى في الدول الحريصة على علاقات قوية مع إسرائيل، مبرزا أن إصرار الداعمين لغزة على التظاهر، دفع بالسلطات في أكثر من بلد إلى التوقف عن حظر المظاهرات.

  • كيف ترى تفاعل الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية في أوروبا مع ما يجري في غزة؟

الموقف السياسي الرسمي الأوروبي الجَمْعي منحاز لدولة الاحتلال، ويعطيها الحق بالدفاع عن النفس دون أي رادع أو حساب للأرواح التي تُزهق. ونحن عندما نقول: الموقف الرسمي، نستثني بعض الدول المتقدمة في موقفها إزاء المنظومة الأوروبية، ونذكر إسبانيا وإيرلندا، ومن خارج الاتحاد الأوروبي توجد كذلك النرويج.

إلا أن الموقف الشعبي، بمختلف طبقاته الأوروبية، يدعم القضية الفلسطينية على نحو متنامٍ، وينوع في أدواته، وأصبح الرأي العام منحازا للقضية الفلسطينية، وهناك شواهد كثيرة في دول عدة.

شعبيا، المظاهرات عمّت بشكل يومي القارة الأوروبية في كل الدول منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومن تلك المظاهرات في مالمو السويدية، وبروكسل البلجيكية، وهناك مظاهرات حتى في ألمانيا رغم التحدي الأمني، ويوم السبت الماضي، شهدت ألمانيا 29 مظاهرة في 25 مدينة.

هذه المظاهرات يشارك فيها المتضامنون الأوروبيون، ومسلمون وعرب وفلسطينيون في أوروبا. وهناك شيء من التنسيق الميداني المؤسساتي في بعضها، وفي أخرى يكون الخروج عفويا للتعبير عن الغضب.

مظاهرة تضامن مع فلسطين أمام مقر الحكومة في لندن (مواقع التواصل)
  • هل هناك أشكال أخرى لدعم غزة غير التظاهر؟

الملاحظ وجود إبداع كبير في دعم القضية الفلسطينية، ومن ذلك التميز في الضغط على السياسيين. هذا الأسبوع، أُسقط قرار كان سيرفع علم دولة الاحتلال في المجلس البلدي بكوبنهاغن الدانماركية، والسبب الرئيس هو دعم الجالية العربية والمسلمة للحق الفلسطيني وتواصلها مع النواب، ما أدى في نهاية الأمر للتصويت ضد هذا القرار.

هناك نشاط كذلك على شبكات التواصل الاجتماعي، والشباب المناصرون للقضية الفلسطينية الذين ولدوا ونشأوا هنا يتواصلون مع الإعلام ومع صناع الرأي العام، وفي كل قُطر أوروبي هناك شبكات من مئات الشباب الذين يتفاعلون مع القضية.

كما انخرطت قطاعات عديدة من فنانين وإعلاميين ونقابيين وسياسيين وفاعلين في كل المجالات. وفي المجال الحقوقي مثلا، أُنشئت شبكات من الحقوقيين العرب والفلسطينيين، وحتى الأجانب، فيما يعرف بـ”تحالف الحقوقيين في أوروبا”، لأجل إرسال عرائض إلى السياسيين والمؤثرين في مواقع القرار، والتعريف بما يجري من إبادة جماعية بحق شعبنا.

وبدورهم التجار يتضامنون أيضا؛ فالعاصمة الألمانية برلين شهدت السبت الماضي، إضرابا تجاريا شارك فيه أكثر من 200 محل تجاري. كذلك هناك اعتصام لأصحاب المعاطف البيضاء، أي الأطباء الذين خرجوا للاحتجاج بمعاطفهم دعما للطواقم الطبية في مستشفيات غزة التي تقصف. وهناك كذلك حملة “أطفئوا الأضواء”، التي تفاعلت مع قطع الكهرباء عن غزة.

  • بخصوص حملة “أطفئوا الأضواء”، هل يمكن أن تقنع الأوروبيين بجسامة ما يجري في غزة من انتهاكات، خاصة قطع الكهرباء منذ بدء العدوان؟

المأساة في غزة متنوعة، تشمل قطع الكهرباء، ووقف إدخال الوقود، وقصف المستشفيات وتدمير البيوت والحصار. لذا، فمثل هذه الوسائل التضامنية؛ كإطفاء أضواء المنازل، وإشعال الشموع، ونشر صور التفاعل تعطي ثمارها.

لدينا الآن سلاح الإنترنت ومواقع التواصل، وهي المعركة التي فزنا فيها بتفوق كبير. لقد أضحى كل متضامن بحد ذاته وسيلة إعلامية، يبث المعلومات على مدار الساعة، وصارت فلسطين حاضرة بقوة في مواقع التواصل.

  • هل تنجح وسائل التواصل الاجتماعي في تقديم رواية مضادة للرواية الإسرائيلية للأوروبيين، خاصة الفئات غير المطلعة على القضية الفلسطينية؟

نعم، والهدف من هذا العمل هو تكوين مساحة من الوعي بالقضية لدى الجمهور الأوروبي، وكذلك الجمهور العربي والأجيال الجديدة التي نشأت بعيدا عن فلسطين والمنطقة العربية. يمكننا القول، إن مدرسة جديدة نشأت منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، للتعريف بالقضية من جذورها، ومنذ نكبة 1948 خاصة وما قبلها، وهذا ما يعطي أفقا إستراتيجيا للقضية الفلسطينية في طريقة استعادة الحقوق.

ومؤخرا، بِتنا نلاحظ أن كثيرا من السياسيين بدؤوا يأخذون مواقف لصالح الضمير الإنساني، بالانتصار للشعب الفلسطيني، والاستمرار في هذا العمل سيشكل فارقا في طريق استعادة الحقوق رغم التضحيات والألم.

  • دول أوروبية عدة انحازت لإسرائيل ودعمت ما تسميه “حقها في الدفاع عن نفسها”، ورأينا حظر العديد من المظاهرات المناصرة لغزة فيها. برأيك لماذا لجأت هذه الدول إلى كل هذا الحظر للمظاهرات الفلسطينية؟

هناك أسباب متعددة منها:

  • صعود اليمين في هذه الدول وارتباطه الوثيق بدولة الاحتلال.
  • النشاط الكبير “للوبيات” الصهيونية.
  • هناك بعض العلاقات الخاصة، وتحديدا ألمانيا، فمذابح اليهود على يد النازية لا تزال تعشش في العقل السياسي الألماني، وتؤثر في القرار السياسي.
  • التنافس الحزبي الداخلي لأجل تحقيق أهداف انتخابية.
    كل هذه العوامل تخلق هستيريا أوروبية في دعم دولة الاحتلال دون تحفظ، وتؤدي إلى عدم النظر إلى ما يجري من إبادة جماعية.
  • هل تقصد أن بعض الأحزاب تتنافس على التقرب من إسرائيل لأهداف انتخابية؟

صحيح. وهذا ما نجده في بريطانيا مثلا، حزب العمال بقيادته أضحى يتماهى مع حزب المحافظين في دعم دولة الاحتلال، كذلك الأمر في ألمانيا وفي فرنسا، حيث الرئيس إيمانويل ماكرون أضحى يغازل اليمين المتطرف المعروف بدعمه الكبير لدولة الاحتلال.

  • يدفع المناصرون للقضية الفلسطينية في أوروبا، ضريبة تصل إلى التضييق وحتى الطرد من العمل، ومن الهيئات المهنية والسياسية. ألا يؤثر هذا في نشاطهم؟

هذا ليس جديدا، لكنه ازداد حدة في السنوات الأخيرة. لكن يمكن تحدي هذا التضييق من خلال القانون، وهذا أمر إيجابي بحكم أنه يمكنك أن ترفع دعاوى في أوروبا ضد الدولة، وهناك قرارات صدرت ضدها. ويمكن للقوانين هنا أن تدعم المناصرين للقضية.

من مظاهر التضييق التي أصبحنا نراها؛ هي: منع السماعات في المظاهرات، ففي مظاهرة ببرلين يوم الأربعاء الماضي، مُنعت السماعات لأن المنظمين رفعوا شعارات تنتقد الصهيونية، فمن الواضح وجود محاسبة على كل كلمة يقولها المناصرون للقضية في المظاهرات.

لكن رغم كل هذا، المظاهرات لم تتراجع، وصرنا نرى الموقف الأوروبي، حتى الرسمي منه، يتغير شيئا فشيئا مع طول أمد العدوان، واتجه نحو السماح بالمظاهرات أكثر وأكثر.

  • ما السبب في تغير مواقف السلطات في هذه الدول الأوروبية؟

  • أولا هناك الإصرار الشعبي على التظاهر.
  • دخول شخصيات نوعية ومؤثرة في دعم القضية الفلسطينية على النطاق العالمي.
  • الدور الذي يفعله الشباب على مواقع التواصل من حشد للقضية.
  • اتساع حجم المجازر في غزة.
  • وبتنا نلاحظ أن عددا من أفراد الشرطة الذين يرافقون المظاهرات، يتحدثون بشكل خافت عن عدم رضاهم عن سياسة دولهم.
  • لكن، هناك من يتحدث عن ضريبة أخرى تؤديها القضية الفلسطينية، وهي تنامي “الإسلاموفوبيا”، إذ صرنا نشهد مجموعة من الرسائل العنصرية تجاه المسلمين، حتى في دول لم تعرف بتنامي هذا الخطاب.

الإسلاموفوبيا متجذرة ومتأصلة في العالم الغربي، والمسلمون والعرب تعايشوا مع العنصرية منذ فترة ليست بالقصيرة، حتى في قضايا لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية. لكن المهم أن القضية دفعت الجاليات المسلمة والعربية للوقوف في وجه هذه العنصرية، عبر التركيز على البعد الحقوقي.

وهناك نقطة غاية في الأهمية، أن كل الأطياف الإسلامية والعربية في أوروبا توحدت لمناصرة غزة، وذابت كل أشكال الاختلاف التي كنا نراها. ومن أعظم الدروس حاليا: أن فلسطين تجمع ولا تفرّق، وتوحّد ولا تفتّت.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *