قالت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية إن حزب الله في لبنان يقوم منذ الثمانينيات، بمساعدة من كوريا الشمالية، ببناء نظام دفاعي تحت الأرض تحسبا لغزو إسرائيلي، وبالفعل أنشأ شبكة عسكرية تحت الأرض أكثر تطورا من تلك الموجودة في قطاع غزة، يبلغ طولها مئات من الكيلومترات ولها تشعبات تصل إلى إسرائيل وربما تصل إلى سوريا.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم لورانس ديفرانو- أن حزب الله عندما أعلن دعمه لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مع بداية القصف الإسرائيلي لغزة، بث على منصة “إكس” مقطع فيديو يمثل كابوسا لإسرائيل، وهو عبارة عن هجوم وهمي في الجليل تنفذه وحدة النخبة “الرضوان” عبر نفق من لبنان.
وذكرت الصحيفة أن الجماعات الفلسطينية التي لجأت إلى لبنان في وقت مبكر من الستينيات، بدأت في الحفر عندما كانت تنفذ هجمات صاروخية وتوغلات في شمال إسرائيل، وأن حزب الله تولى المهمة من بعدها، حسب الجنرال أوليفيه باسو الباحث المساعد في معهد البحوث الإستراتيجية التابع للمدرسة العسكرية ورئيس الاتصال السابق لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
وأوضح الجنرال باسو أن الحفر في جنوب لبنان ليس مثل الحفر في الرمال ووضع الخرسانة كما فعلت حماس لإنشاء “مترو غزة”، الذي يقارب ألف كيلومتر من الأنفاق، بل إن الحفر في جنوب لبنان هو حفر الصخور يدويا بآلات ثقب أو آلات هيدروليكية، وتشير التقديرات إلى أن كل عامل يستطيع في المتوسط حوالي حفر 15 مترا شهريا.
خبرة كورية
ويقوم مركز أبحاث “ألما” في إسرائيل بالتحقيق اعتمادا على مصادر مفتوحة في ما سماه في تقرير نشره عام 2021 “أرض الأنفاق”، وحسب باحثيه، أنشأ حزب الله، بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، خطة دفاعية لمواجهة الغزو الإسرائيلي، تضم عشرات من مراكز العمليات المجهزة بشبكات تحت الأرض، وأنفاقا تربط المراكز المهمة في بيروت والبقاع والجنوب، الذي يصل الطول التراكمي للأنفاق فيه إلى عدة مئات من الكيلومترات.
وفي مقابلة أجرتها صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في يناير/كانون الثاني الماضي، أكد تال بيري، أحد مديري “ألما”، أن “هناك أدلة على أن كوريا الشمالية، التي تتمتع بخبرة تاريخية في حفر الأنفاق في المناطق الجبلية والصخرية، ساعدت حزب الله في لبنان”، كما أن الحزب أنشأ شركات مدنية يقال إنها تحفر الأنفاق، وبالفعل فرضت الولايات المتحدة عقوبات على المنظمة غير الحكومية البيئية اللبنانية “خضر بلا حدود” بتهمة التستر على بناء مستودعات تحت الأرض وأنفاق تخزين الذخيرة.
أنشأ حزب الله، بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، خطة دفاعية لمواجهة الغزو الإسرائيلي، تضم عشرات من مراكز العمليات المجهزة بشبكات تحت الأرض، وأنفاقا تربط المراكز المهمة في بيروت والبقاع والجنوب، الذي يصل الطول التراكمي للأنفاق فيه إلى عدة مئات من الكيلومترات.
وقد حدد باحثون إسرائيليون -حسب الصحيفة- وجود “أنفاق قريبة” عبارة عن ممرات بسيطة تسمح لقوات حزب الله بتنفيذ هجمات على المعسكرات الإسرائيلية، و”أنفاق تكتيكية” أوسع مصممة للسماح بإطلاق صواريخ باليستية من تحت الأرض، كما أشار “ألما” إلى وجود “أنفاق متفجرة” تحت نقاط إستراتيجية، وهي مليئة بالمتفجرات التي يمكن إشعالها في اللحظة المناسبة لإحداث زلزال وانهيارات أرضية.
وكانت إسرائيل قد أعلنت عام 2018 أنها اكتشفت 6 “أنفاق هجومية” بعمق حوالي 40 مترا تحت الخط الأزرق الذي يمثل الحدود مع لبنان، بطول مئات من الأمتار ولم تصل بعد إلى السطح، يقول أوليفيه باسو “أعتقد أنه تم تحديد موقعها بواسطة أجهزة الاستشعار الصوتية. إن حفرها يتطلب عملا معقدا للغاية على مدى عدة أسابيع”.
وأكد الباحث جان لوب سمعان، في مقال نشر له عام 2015، أن “حزب الله والإيرانيين قاموا على مدى العامين الماضيين ببناء أنفاق ومخابئ في المنطقة، يمكن أن تكون على المدى الطويل ذات قيمة كبيرة في حالة نشوب صراع جديد مع الجيش الإسرائيلي”.
تحديات تحت الأرض
وأشارت الصحيفة إلى أن الهجوم البري الإسرائيلي الذي يهدد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا لم تتوقف هجمات حزب الله الصاروخية على شمال إسرائيل، سوف يواجه -كما هي الحال في غزة- بجيش سري مجهز جيدا وبتهديد دائم وغير مرئي، وهذا ما يفسر معارضة العسكريين والاستخباراتيين والمتخصصين الإستراتيجيين في حكومة الطوارئ الإسرائيلية مثل هذا الهجوم.
وربطت ليبراسيون بين تأجيل الإنذار النهائي الذي أُعطي لحزب الله في يناير/كانون الثاني الماضي حتى نهاية فبراير/شباط الجاري، بتحديات القتال تحت الأرض، وما يتطلبه من المتخصصين في الهندسة ووحدات متخصصة، وغواصين عسكريين مدربين على الكهوف، يقدرون على إزالة الألغام في أماكن يصعب منها إجلاء المصابين.
وكما هو الحال في غزة، حيث أفادت التقارير بأن القوات الإسرائيلية دمرت جزءا صغيرا فقط من شبكة الأنفاق، فإن التدمير ربما لن يكون هدفا رئيسيا، بل إن اشتعال المتفجرات أو انتشار الغاز أو المياه من نفق إلى نفق على مسافة طويلة جدا يمكن أن يحيد هذه الأنفاق، أما “القنابل الإسفنجية” التي وعد بها الإسرائيليون القادرة على إطلاق كمية كبيرة من الرغوة المتوسعة دون انفجار، فهي موجودة فقط في رؤوس إستراتيجييهم، وفقما تختم الصحيفة.