لماذا تصر الحكومة الهندية على تمرير قانون الجنسية الجديد؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

نيودلهي- أصدرت الحكومة الهندية، الاثنين الماضي، لوائح تنفيذ قانون الجنسية المعدَّل الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2019 والذي لم يُنفَّذ حينها بسبب احتجاجات كبرى شملت البلاد وبسبب جائحة كورونا.

ولإسكات المعارضين، اهتدت الحكومة إلى تنفيذ الخطوة الأولى من هذا القانون بمنح الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين من غير المسلمين، تليها الخطوة الثانية بإجراء إحصاء في كل أنحاء البلاد لتقرير من هو مواطن هندي وفق وثائق سيُطلب من كل فرد إبرازها.

وسيُحرم المسلم الذي لا يملك تلك الأوراق من الجنسية، بينما سيحصل عليها غير المسلمين بادعائهم أنهم أتوا من باكستان أو أفغانستان أو بنغلاديش.

وتم رفع أكثر من 200 قضية في المحكمة العليا ضد هذا القانون، ولكن المحكمة لم تبدأ حتى النظر في شرعيته، ويقول معارضوه إنه يخالف المادتين 14 و26 من الدستور الهندي اللتين تحظران التفريق بين المواطنين على أساس الدين.

هل للتوقيت دخل في تنفيذ قانون الجنسية الآن؟

هناك سببان لإعلان تنفيذ قانون الجنسية الجديد الآن: الأول أنه تم ذلك قبل أيام من إعلان تاريخ الانتخابات العامة القادمة حيث لا يجوز للحكومة إعلان أو اتخاذ أي قرار كبير بعد إعلان الانتخابات.

أما السبب الثاني هو أن الحكومة الهندية وجدت نفسها في مأزق كبير -الاثنين الماضي- حين فُضح حزب الشعب الحاكم في قضية السندات الانتخابية التي بدأتها حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي سنة 2017 بضوابط “غريبة ومشبوهة” ومنها عدم كشف هوية المتبرعين للأحزاب السياسية.

وحصل الحزب الحاكم على مئات البلايين من الروبيات من شركات ورجال أعمال بهذا الأسلوب وتبرع ببعضها بعد أن داهمت أجهزة الدولة مكاتبه وبيوت مالكيه ومديريه.

ورُفعت قضايا ضد هذه السندات في المحكمة العليا التي قضت بعدم شرعيتها بسبب انعدام الشفافية فيها. وهذه من أكبر الفضائح التي لحقت بالحزب الحاكم حتى الآن ليتم الإعلان بسرعة عن تنفيذ قانون الجنسية في اليوم نفسه ليطغى خبره على خبر السندات.

هل هناك خطوات أخرى لقانون الجنسية؟

تقول الحكومة الهندية -في بياناتها- إن هذا القانون ليس ضد المسلمين. ولكن ذلك يخالف الحقيقة لأن الجزء الذي تم تنفيذه يعطي الجنسية للمهاجرين الشرعيين غير المسلمين الموجودين بالفعل في الهند بينما يمنعها عن المسلمين منهم.

ولكن الخطر الأكبر قادم بعد الانتخابات المرتقبة في مايو/أيار القادم لو فاز فيها حزب الشعب. حيث يقضي الجزء التالي من هذا القانون بإجراء مسح عام في كل أنحاء الهند لمعرفة من هو مواطن هندي ومن هو “متسلل”.

وحين يتم تنفيذه، سيُطلب من كل مواطن تقديم أوراق معينة لا تتوفر عادة عند كل الهنود مثل شهادة ميلاد رسمية أو شهادة التخرج من مدرسة ثانوية أو أوراق تملّك أراضٍ، وبالتالي سيتم حرمان ملايين المسلمين من الجنسية الهندية.

وبعد إعلان تنفيذ الجزء الأول بقليل، قالت وزارة الداخلية الهندية -في بيان لها- إن قانون الجنسية “ليس ضد المسلمين وإنما يخدم الإسلام الذي يتم تلطيخ سمعته بسبب الإساءة إلى غير المسلمين في بعض البلاد الإسلامية”.

وبعد أن أثيرت تساؤلات “ساخرة” حول هذا البيان جرى حذفه بسرعة من موقع الوزارة.

هناك مخاوف من أن تستغل الحكومة القانون لسحب الجنسية من مسلمين لا يملكون وثائق ببعض الولايات الحدودية (رويترز)

كيف قوبل إعلان تنفيذ قانون الجنسية؟

بعد إعلان الخطوة الأولى منه، بدأت الاحتجاجات في أماكن عديدة وفي بعض الجامعات خاصة في ولاية آسام لأن الآساميين يرفضون البنغاليين سواء كانوا مسلمين أم هندوسا، ويرون أن الحكومة -بهذا الأسلوب- تعطي الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين من البنغاليين الهندوس وهو أمر مرفوض لديهم.

وأعلنت عدة ولايات مثل بنغال الغربية وتاميل نادو أنها لن تنفذ قانون الجنسية الجديد في حدودها باعتباره لعبة سياسية لحزب الشعب لكسب الناخب الهندوسي عشية الانتخابات. وندد به كبير وزراء ولاية دلهي أرويند كيجريوال.

من جهتها، أصدرت المنظمات والشخصيات الإسلامية الكبرى في الهند بيانا يندد بتنفيذ القانون واعتبرته اعتداء على مبادئ المساواة والعدل ومتصادما مع روح الدستور الهندي.

كما عارضت جهات دولية كثيرة هذا القانون بما فيها الولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة التي قالت إنه قانون يفرق بين المواطنين على أساس ديني ويعارض المبادئ القانونية والمواثيق الدولية التي وقعت عليها الحكومة الهندية.

كيف سيتم تطبيق قانون الجنسية؟

سيتم تطبيقه على 3 مراحل: الأولى بالسماح للمهاجرين غير الشرعيين من غير المسلمين -الذين دخلوا الهند حتى نهاية سنة 2014- بتقديم أوراق سهلٌ الحصول عليها. وتشمل المرحلة الثانية إجراء مسح على كل بيت -في كل أرجاء الهند- يُطلب خلالها من كل فرد وأسرة تقديم أوراق معينة صعبٌ الحصول عليها لإثبات الجنسية، ومن لا يستطيع تقديمها ستُنزع منه الجنسية.

أما المرحلة الثالثة فسيُنشر خلالها السجل القومي للسكان والذي يحتوي أسماء كل المواطنين الهنود ومن لا يرد اسمه في السجل، سيُعتبر مقيما بصورة غير شرعية أو “متسللا”، وسيتم القبض عليه وإيداعه في معسكرات الاعتقال؛ حيث لا يمكن ترحيله إلى أية دولة لأن كل دول الجوار ترفض استقبال أي شخص من هذا النوع.

احتجاجات ضد قانون "معاد للمسلمين" حول الجنسية في الهند
الآلاف خرجوا احتجاجا على مشروع قانون الجنسية المعدّل في 2019 (الفرنسية)

ما تبعات نزع الجنسية؟

لنزع الجنسية من شخص ما تبعات خطيرة لا تتحملها الهند، إذ لو نُزعت من 1% فقط من السكان فذلك يعني أن 13 مليون مواطن سيفقدونها. ولكن يُعتقد أن النسبة ستزيد عن هذا بكثير. وبما أن الدول المجاورة لن تقبل هؤلاء، أقامت الحكومة معسكرات اعتقال لهم في ولاية آسام ويجرى إنشاؤها في ولايات أخرى.

ما هدف حزب الشعب الهندي من تفعيل قانون الجنسية؟

تهدف حكومة مودي إلى إحداث استقطاب قبيل الانتخابات لإرسال رسالة إلى الناخبين الهندوس بأن الحكومة تعمل من أجلهم وتعاقب المسلمين ليصوّتوا لصالح حزب الشعب الذي تؤجج كوادره الاضطرابات الطائفية وتعتدي على المساجد وتهدم بيوت المسلمين ومقابرهم.

هل يحل القانون الجديد مشكلة الأقليات في الدول المجاورة؟

يسمح القانون المعدَّل للنازحين، الذين دخلوا الهند حتى نهاية سنة 2014، بالتقدم للجنسية بحجة أنهم فروا من بلادهم بسبب الاضطهاد الديني. كما يتجاهل القانون دولا مجاورة للهند مثل سريلانكا وبورما وبوتان التي تعاني أقلياتها بسبب سوء معاملة حكومات تلك البلدان لهم.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *