لماذا أثار تمثال “قوة الحجاب” الجدل في بريطانيا؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

لندن- رغم عدم اكتمال ملامح تمثال “قوة الحجاب” الذي أُميط اللثام عن شكله الأوّلي في مدينة بيرمنغهام البريطانية، فإنه فجّر جدلا واسعا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيدين للفكرة الأولى من نوعها في العالم التي تحتفي بالحجاب عبر منحوتات، وبين معارضين لها، بل تطور الأمر إلى هجوم عنصري على الحجاب والمحجبات.

ويعكف الفنان البريطاني الشهير لوك بيري، على إتمام هذه المنحوتة البالغ طولها 6 أمتار ووزنها حوالي طن من الحديد، ومن المتوقع أن تظهر بشكلها النهائي في أكتوبر/تشرين الأول القادم.

وتظهر الصور الأوّلية لهذا العمل مجسما لسيدة محجبة مع رسالة كُتب عليها، “من حق أي امرأة أن تكون محبوبة ومحترمة، بغض الطرف عن الزيّ الذي اختارت أن ترتديه، فقوّتها الحقيقية في قلبها وعقلها”.

وقال الفنان البريطاني لوك بيري، “إن تمثال قوة الحجاب يمثّل النساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب، وهن شريحة موجودة في مجتمعنا، لكنها لا تحظى بالتمثيل الكافي رغم أنها جزء مهم”، مضيفا بأن “النساء المحجبات بحاجة لأن يصبحن أكثر ظهورا وحضورا، وهذا أمر مهم للغاية”.

وتوقع الفنان البريطاني أن يثير هذا التمثال الجدل، غير أنه يرى أن ما يقوله المنتقدون “غير صحيح، فهناك كثير من الأشخاص الذين يعترضون على الاختلافات الموجودة في مجتمعاتنا، ويودون أن نكون أكثر انقساما”.

وتبنّت هذا المشروع جمعية خيرية تهتم بالاحتفاء بالأقليات في بريطانيا تُدعى “تراث غرب الأراضي المتوسطة” (Legacy West Midlands)، وسيُوضع في مدينة بيرمنغهام ثاني أكبر مدينة في بريطانية، والمعروفة بوجود كثافة سكانية مهمة للأقلية المسلمة.

هجوم عنصري

لكن هذا التمثال لم يمرّ مرور الكرام عند أنصار اليمين المتطرف واليمين المحافظ، الذين شنوا هجوما على المنحوتة ورأوه “رِدّة على قيم الحرية في بريطانيا”، بل أن الهجوم وصل إلى الفنان البريطاني صاحب المنحوتة، والمشهور بكونه من أهم الفنانين الذين يخلدون ذكرى الأقليات في بريطانيا من خلال أعماله.

وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بهجوم عنصري، وكان من بين المنتقدين سياسيون وإعلاميون وناشطون كلهم يحملون أفكار اليمين القومي. ولم يخلُ الهجوم من عنصرية تجاه المسلمين، ومن بين المعلّقين كان زعيم حزب “بريطانيا أولا” بول غولدن، بقوله، إنه “يجب علينا أن نسأل نساء إيران عن قوة الحجاب”.

وهو الطرح نفسه الذي تبنته البرلمانية السابقة عن حزب “البريكست” اليمين القومي كرستينا جوردن، التي غردت بالقول، إن “النظام الإيراني سيكون سعيدا بتمثال قوة الحجاب”، وأرفقت تغريدتها برابط عن احتجاجات النساء في إيران حول الحجاب.

والمثير أن أغلب التغريدات تعمّدت قصدا اختزال الاحتفاء بالنساء البريطانيات اللاتي يرتدين الحجاب، بما حدث في إيران خلال العام الماضي، بعد وفاة الشابة مهسا أميني.

وذهب المدير التنفيذي لمؤسسة “مجتمع العلمانية الوطنية” (NSS) إلى القول، “هذه المنحوتة صدمتني وهي تمثيل للرجعية في الفن، خاصة أنها تتصادف مع الذكرى الأولى لوفاة مهسا أميني”.

والمؤسسة البريطانية التي تعلن أنها تدافع عن قيم العلمانية، قالت في بيان لها، إن هذه “المنحوتة يمكن توقع مشاهدتها في شوارع أفغانستان أو إيران، وليس في إحدى المدن البريطانية”.

درس لفرنسا

في المقابل، ذهب فريق آخر للاحتفاء بهذا التمثال في اتجاهين:

  • الأول، بالثناء على احترام التنوع في بريطانيا، وكذلك محاولة إعادة الاعتبار للمرأة المحجبة التي تتعرض لهجمات كراهية كثيرة في هذه البلاد، بسبب اختيارها ارتداء الحجاب.
  • أما الاتجاه الثاني، فقارن بين الوضع في بريطانيا حيث تُدشّن أول منحوتة من نوعها في العالم لسيدة محجبة، وما يحدث في فرنسا من تضييق على الحجاب، ومنع لارتداء العباءة في المدارس.

وعبّرت الناشطة الحقوقية والإعلامية البريطانية بشرى الشيخ، عن سعادتها بهذه المنحوتة. وقالت في تغريدة لها، “أحب أننا لسنا مثل فرنسا، في التضامن مع أخواتنا المحجبات”، وذلك في إشارة لما تتعرض له النساء المحجبات في فرنسا.

بدورها انتقدت زامارد زاهيد، وهي الناشطة الحقوقية الأسكتلندية من أصول فلسطينية، ما سمّته: استعمال الحجاب سلاحا للتجييش ضد المرأة المسلمة. وقالت في تغريدة لها، “يُستخدم الحجاب سلاحا من الأنظمة الأبوية التي تسهم في نشر المعلومات المضللة فقط حول النساء المسلمات وكراهية الإسلام. إن إبراز النساء المحجبات يعني اتخاذ سياسات شاملة لمواجهة المعلومات الخاطئة وسوء الفهم”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *