“لعبة شطرنج معقّدة”.. ما ارتدادات إقالة مكارثي على الحزب الجمهوري؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

واشنطن- بعد أسبوع على إقالة رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي، وهو الحدث الذي لم تشهده الولايات المتحدة تاريخيا، سيجتمع الأعضاء الجمهوريون في المجلس لاختيار خليفة له، وهو الذي أكد عدم خوض هذه المنافسة مرة أخرى.

وقال القائم بأعمال رئيس مجلس النواب المؤقت النائب باتريك ماكهنري، لزملائه الجمهوريين إنه يخطط لإجراء مناظرة للمرشحين يوم الثلاثاء، مع التصويت لاختيار رئيس للمجلس يوم الأربعاء.

ولا يعني ذلك أن الحزب الجمهوري سيكون قادرا على علاج انقساماته المريرة والالتفاف حول رئيس جديد في مجلس النواب، ولا يعود ذلك إلى نقص المرشحين، فقد أعرب زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب ستيف سكاليس، وكذلك رئيس اللجنة القضائية النائب جيم جوردان، عن سعيهما للترشح للمنصب الذي يعد الثالث في قمة الهرم السياسي الأميركي، بعد الرئيس ونائبته.

ترميم البيت الجمهوري أولا

يحذّر عدد من الخبراء من التسرع في العثور على شخص مستعد للقبول بهذه المهمة في هذا التوقيت العصيب، قبل البدء بترميم البيت الجمهوري المتصدع.

ولا يزال مجلس النواب الأميركي مجمّدا في الوقت الحالي تقريبا، مع استمرار تبادل الاتهامات بين العديد من أعضائه، ومع وجود مخاوف من سيناريوهات ترجح استمرار حالة الشقاق لأسابيع حال فشل الحزب في الاتفاق على هوية الرئيس الجديد لمجلس النواب بطريقة تحفظ وحدة الحزب.

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر الخبير السياسي والإعلامي المحافظ تيم كونستانتين، أن “أزمة الجمهوريين تعود إلى يناير الماضي، عندما استغرق الأمر 15 جولة تصويتية لاختيار مكارثي رئيسا لمجلس النواب، وأشارت وصوّرت وسائل الإعلام الأمر على أنه أزمة لحد الانهيار، بينما لم يكن الأمر كذلك”.

ويفسر كونستانتين ذلك “لدينا عدد قليل من الجمهوريين الذين يقودون العملية، لكن الغالبية الجمهورية العظمى متحدة في توجهاتها، ولعل الأهم من ذلك، إذا تم اختيار محافظ يتحدث جيدا مثل جيم جوردان كرئيس جديد لمجلس النواب، فإن الحزب ككل سيستفيد على المدى الطويل”.

ولا يخفى على المراقبين وجود توتر بين بعض المشرّعين الذين يريدون إجراء انتخابات لاختيار رئيس المجلس، وبين المطالبين بضرورة الالتفاف حول شخص يمكنه جمع جميع الفصائل الجمهورية معا وتجنب كارثة محرجة أخرى في قاعات مجلس النواب من خلال جولات متعددة من الاقتراع كما حدث في يناير/كانون الثاني الماضي، وهو ما اعتبر فضيحة سياسية لوحدة الحزب الجمهوري في بداية موسم انتخابي ساخن.

محللة سياسية: قد يندم بعض الجمهوريين عند تعيين رئيس جديد للمجلس لا يقدم نفس التنازلات التي قدمها مكارثي (رويترز)

وقال نائب رئيس التجمع الديمقراطي في مجلس النواب والنائب عن ولاية كاليفورنيا تيد ليو، لمجلة تايم، مباشرة بعد التصويت على رئاسة المجلس “هذه هي الحرب الأهلية للجمهوريين ولم يظهروا أنهم يستطيعون الحكم، نأمل أن يتمكن الجمهوريون من تقديم شخص لا يخالف كلمتهم، وسنرى ما سيحدث”.

وأقرت مديرة برنامج التحليلات السياسية التطبيقية بجامعة ولاية ميريلاند، البروفيسورة كانديس توريتو، في حديث للجزيرة نت، بأن “الحزب الجمهوري لا يزال مثالاً للفوضى، ولا يدري أحد ما سيحدث بعد ذلك”، وأضافت “لست متأكدة من أن أي شخص يُطلب بقوة لمنصب رئيس مجلس النواب في هذه المرحلة، لذا ستكون المفاوضات بين الجمهوريين مثيرة للاهتمام، خاصة تلك المفاوضات مع هؤلاء الأعضاء اليمينيين المتشددين”.

وأضافت توريتو “لا أتوقع أن أرى نفس النوع من الاهتمام كالذي قدمه لهم مكارثي، انظروا ماذا حصل في النهاية، وربما يندم هؤلاء الأعضاء اليمينيون المتطرفون عندما يحين الوقت الذي يتم فيه تعيين رئيس جديد للمجلس لا يقدم لهم نفس المستوى من التنازلات التي قدمها مكارثي”.

تياران جمهوريان

يمثل المرشحان الأبرز سكاليس وجوردان، أهم تيارات الحزب الجمهوري حاليا، فسكاليس ينتمي للتيار التقليدي منذ انتخابه عام 2008، ويحظى باحترام واسع بين الجمهوريين التقليديين في مجلس النواب، ويروّج لنفسه كمرشح موحد للجمهوريين ضد الديمقراطيين.

أما جوردان فهو أحد الأعضاء المؤسسين لتجمع الحرية المتشدد بالمجلس، وشغل منصب أول رئيس للمجموعة، ومثّل قوة دافعة للتيار اليميني بالحزب منذ انتخابه في عام 2006، وأصبح أحد أقوى المدافعين عن الرئيس السابق ترامب في الكونغرس.

وأعترف الكاتب والمحلل السياسي، والعضو بالحزب الجمهوري، بيتر روف، في حديثه للجزيرة نت، بمرور “الحزب الجمهوري بأزمة وجودية تشق وحدته في هذه المرحلة، وستقرر هذه الأزمة ما يجب أن يكون عليه الحزب، وأي الناخبين أكثر أهمية له”.

وأضاف روف “لقد سحب ترامب الحزب الجمهوري في اتجاه شعبوي بعيدا عن المواقف التقليدية التي حددتها فترتا رئاسة جورج بوش، ويترك الصراع بين الشعبويين وأنصار قطاع الأعمال والشركات مجالا للريغانية (سياسة ريغان) لتصبح التيار المهيمن على الحزب مرة أخرى، بما تتضمنه من مبادئ دعم الدور المحدود للحكومة، والحرية الشخصية القصوى، والسياسات الدفاعية القوية، والقيم الاجتماعية التقليدية، هذه صيغة انتخابية رابحة”.

ترامب الحاضر الغائب

لا يزال الرئيس السابق دونالد ترامب أكثر الجمهوريين شعبية في اللحظة الراهنة، ويظهر ذلك بوضوح في تقدمه الواسع والمستمر في كل استطلاعات الرأي ضد منافسيه الجمهوريين الآخرين، الساعيين للحصول على بطاقة الترشح الجمهورية لانتخابات 2024.

واستبعد المحلل روف في حديثه أن يكون “ما حدث في مجلس النواب يوم الثلاثاء له أي علاقة تذكر بترامب”، إلا أن قرب النائب مات غايتز الذي قاد الحملة ضد مكارثي، من الرئيس السابق ترامب، دفع بالشكوك لدور الأخير من وراء الستار فيما جرى.

وهاجم روف النائب مات غايتز، الذي اعتبره “سياسيا مزعجا يهدف لجمع مزيد من الأموال حتى يتمكن من الترشح لمنصب حاكم ولاية فلوريدا، أو ربما حتى منصب الرئيس ذاته، لكنه على العكس من ترامب، لم ينجز سوى القليل بالإطاحة بمكارثي، ومن المرجح أن يتم نسيانه بمجرد خروجه من منصبه”.

كما شككت البروفيسورة توريتو في وجود “تأثير حقيقي لترامب على كل ما جرى، باستثناء كونه عاملا محفزا عاما لبعض الأعضاء في التيار اليميني للحزب”.

في حين اعتبر كونستانتين في حديثه للجزيرة نت أن “السؤال الأكبر المتعلق بترامب يدور حول دوره في اختيار بديل لمكارثي، فهناك العديد من الأعضاء الذين أعربوا عن اهتمامهم بمنصب رئيس مجلس النواب، بعضهم من أنصار ترامب المتشددين، ومن الواضح أنه إذا تم اختيار أحدهم، فإن ذلك يبشر بالخير لترامب، ولكن إذا تم رفضهم، فهل سيكون لذلك تأثير على حملة الرئيس السابق؟ إنه لعبة شطرنج سياسية معقدة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *