الكويت- تحديات كثيرة وقضايا طارئة أمام الحكومة في الكويت أهمها أزمة انقطاع الكهرباء نتيجة الأحمال الكهربائية الزائدة في فصل الصيف الحار للغاية، إضافة إلى كثرة الحرائق في الفترة الأخيرة وما تخلفه من خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وأرجعت وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة سبب انقطاع التيار الكهربائي -على أكثر من 40 منطقة من مناطق البلاد، الأربعاء الماضي- إلى عدم قدرة محطات توليد الطاقة الكهربائية على استيفاء الطلب المتزايد على الأحمال الكهربائية خلال فترة الذروة وارتفاع درجات الحرارة.
وأكدت الوزارة اتخاذها بعض الإجراءات الاحترازية، ومنها القطع المبرمج لمدد تتراوح ما بين الساعة والساعتين بحد أقصى لحماية استقرار المنظومة الكهربائية.
أزمة قديمة
وأكد رئيس جمعية المهندسين المهندس فيصل العتل أن الأزمة التي تشهدها الكويت في توفير التيار الكهربائي قديمة وتحتاج إلى جهد كبير واتخاذ قرارات سريعة لمواجهتها، مشيرا إلى أن هناك تحذيرات سابقة منذ عام 2009 بأن هناك أزمة قادمة ستستمر حتى 2030 لكن لم يتم الأخذ بالحلول والمقترحات التي طرحت حينها.
ودعا العتل إلى ضرورة تنفيذ حلول عاجلة لمواجهة الأزمة مثل:
- إعادة الوحدات الخارجة عن الخدمة وصيانتها وتأهيلها لتخفيف الانقطاعات وإبرام عقود الصيانة الدورية.
- تطوير شبكة النقل والتوزيع ودعم الكوادر الوطنية وتطوير مهاراتها لأداء المهام الموكلة إليها.
- قيام وزارة الكهرباء بحملة وطنية تشارك فيها الجهات الحكومية لترشيد الاستخدام خلال فترة الذروة.
- استخدام الأنظمة الذكية في المنشآت الحكومية وإغلاق المرافق غير المستغلة.
وشدد العتل -في حديث للجزيرة نت- على ضرورة وضع وتنفيذ إستراتيجية استثمار لإنتاج الطاقة المتجددة بالتعاون مع القطاع النفطي وبتمويل من الصناديق الكويتية، وطرح مشاريع استثمارية ورأسمالية عملاقة عبر الاستفادة من تنفيذ قانون تأسيس شركات بناء محطات قوى كهربائية وتحلية المياه وتعديلاته.
ودعا أيضا إلى إنشاء محطة “الجليعة” للكهرباء، وإعادة بناء وتشغيل محطة الشعيبة الشمالية المرحلتين الثانية والثالثة، وشمال الزور في المرحلتين رقمي 2 و3، وتطوير محطتي “الدوحة الشرقية” و”الشويخ” والسماح للمواطنين بتركيب محطات إنتاج طاقة متجددة وطرح الزائد من إنتاجهم إلى الشبكة العامة.
إخفاق حكومي
أما رئيس مركز دراسات التنمية المحلل السياسي ناصر العبدلي، فيعتقد أن الخلافات السياسية -خلال السنوات السابقة- كانت جزءا من الإخفاق الحكومي على صعيد الخدمات، لكن المسؤولية الأكبر تقع على الحكومة لأنها من يقود العمل السياسي والخدماتي.
ويرى العبدلي ضرورة أن تقوم الحكومة بإعادة النظر في الهياكل الموجودة حاليا بالوزارات، لافتا إلى أن أزمة انقطاع الكهرباء جزء من الإخفاقات الحكومية الحاصلة، إذ “إن هناك خططا وتحذيرات سابقة لكن الحكومة عاجزة عن تفعيل تلك الخطط للأسف”.
ويوضح العبدلي في حديثه للجزيرة نت أن “الحكومات السابقة كانت غير قادرة على العمل خاصة أننا في خضم تطور هائل على الصعيد التكنولوجي” مطالبا الحكومة الحالية بالبحث عن الأشخاص المتميزين في قطاعاتهم للحصول على الكوادر الملائمة، ووضع تصور لما يجب أن تكون عليه الكويت بعد 10 سنوات.
غياب المعالجة الحقيقية
ويرى الكاتب المتخصص بالشؤون الاقتصادية محمد البغلي أن الأزمات القائمة حاليا -مثل الكهرباء والحرائق المتكررة- ستؤثر سلبا على الاقتصاد، فالقطع المبرمج للتيار الكهربائي سيؤثر نسبيا على أعمال المزارع والمصانع المتعلقة بإنتاج الألبان وزراعة الخضار والفاكهة، فضلا عن السلع الاستهلاكية الأخرى.
ويضيف أن الأثر غير المباشر لذلك يتمثل في أن أزمة إنتاج الكهرباء ستنعكس سلبا، على المدى المتوسط، على التوسع العمراني والمدن الجديدة والأراضي المخصصة للقطاعات الصناعية، وهو ما سيحتاج إلى مضاعفة الإنتاج الكهربائي الحالي بكل تكاليفه المالية والاقتصادية المتعددة.
ويوضح البغلي -في حديث للجزيرة نت- أن هذه الأزمات تظهر التدهور الذي شهدته البلاد خلال العقود الأخيرة الماضية، وما ترتب عليه من الإهمال لأوضاع العمالة والخدمات الأساسية وما يتبعها من أزمات جانبية تابعة لأصل الأزمة الأولى.
ويعتقد أن البلاد تدفع الآن ثمن سنوات من عدم استيعاب العديد من دروس الأزمات السابقة، داعيا إلى وضع الخطط والإستراتيجيات التي تمنع من تعميق تلك الأزمات مستقبلا وتعمل على إيجاد الحلول لها.
يُذكر أن وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة قد أعلنت، الخميس الماضي، عن قطع مبرمج للتيار الكهربائي عن بعض المناطق عند الحاجة خلال فترة الذروة من 11 صباحا إلى 5 مساءً لمدة تتراوح بين ساعة واحدة واثنتين إذا استدعت الحاجة، كما اتخذت بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية بعض الإجراءات الإدارية لترشيد استهلاك الطاقة.