اعترف كاتب إسرائيلي بأن أهل غزة عاشوا في “مجزرة الطحين” التي شهدها دوار النابلسي بالقطاع الخميس الماضي ليلة موت وجوع، عندما استشهد ما لا يقل عن 118 شخصا وأصيب 760 آخرون، موضحا أن إسرائيل حاولت نفي مسؤوليتها التي لا يمكن إنكارها لأنها هي القوة المحتلة في القطاع.
ودحض غدعون ليفي في مقاله بصحيفة هآرتس رواية الجيش الإسرائيلي عن المجزرة، وأشار إلى أن من بين 176 جريحا الذين تم نقلهم إلى المستشفى، كان 142 مصابون بأعيرة نارية.
وأشار ليفي بتهكم إلى أن الشاحنات -حسب ما هو معروف- لا تطلق النار، وأن الادعاء بأن حراس أمن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هم الذين أطلقوا مثل هذه الكمية المجنونة من الذخيرة على الحشد لا يحمل من المصداقية إلا مثل مصداقية أن الفلسطينيين هم الذين أطلقوا النار على الصحفية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة في جنين عام 2022.
رواية كاذبة
وأوضح الكاتب أن مقاطع فيديو نشرت على منصة إنستغرام تبرز مئات الأشخاص يتجمعون حول النيران في محاولة للتخفيف من برد الشتاء، وهم ينتظرون الشاحنات، قبل أن تتجه قافلة شاحنات قادمة من مصر عبر نقطة التفتيش الإسرائيلية شمالا في شارع الرشيد.
ومع أن جيش الاحتلال يقول إن هناك 30 شاحنة، فإن شاهد عيان قال لقناة “بي بي سي” البريطانية إن هناك 18 شاحنة أحاطت بها حشود من الناس أثناء اقترابها من دوار النابلسي، ثم أظهرت مقاطع الفيديو التي بثها الجيش الإسرائيلي 4 شاحنات محاطة بالناس، بالإضافة إلى أشخاص ممددين على الطريق وسيارات الجيش متوقفة على الجانب.
وتابع أن قناة الجزيرة هي الأخرى عرضت مقطع فيديو صوّر جزئيا في الجزء الخلفي من القافلة حيث يمكن سماع دوي إطلاق نار ويمكن رؤية الناس وهم يزحفون إلى الشاحنات أو يحتمون خلفها، كما ذكر شهود عيان أن إطلاق النار جاء من اتجاه الآليات الإسرائيلية، بل أكثر من ذلك فإن الإسرائيليين منعوا الوصول إلى الجرحى.
إسرائيل منبوذة
ومع ذلك لو ثبت أن جنود جيش الاحتلال هم الذين أطلقوا النار على هذا التجمع وقتلوا وجرحوا المئات من السكان الجوعى، فلن ينزعج أحد في إسرائيل من ذلك -حسب غدعون ليفي- لأنها “حرب كما تعلمون: تذكروا السابع من أكتوبر”.
وقال ليفي “إن الحد الأدنى من التعاطف مع الفلسطينيين توقف تماما في إسرائيل يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول وكأننا في غيبوبة، نحن نشعر فقط بالتعاطف مع أنفسنا، وجنودنا ورهائننا، ويمكن لأي شخص آخر أن ينفجر”.
وبالفعل -يتابع ليفي- ينفجر الغزيون والعالم من الغضب، وقد أوشكت إسرائيل أن تكون منبوذة، إذ لم تتم إدانتها قط، ولم يتم التنديد بها أو إثارة مثل هذه الكراهية كما هي الحال اليوم، وسرعان ما سيحس بذلك كل إسرائيلي.
وتساءل الكاتب: ما الذي يجب أن يحدث لكي يستيقظ الإسرائيليون من شعورهم بالرضا عن الذات ويفعّلوا مجساتهم الأخلاقية إزاء ما يحدث منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول؟
وخلص إلى أن ليلة الموت والجوع التي حلت فيها أكياس الجثث محل أكياس الطعام في الشاحنات، واختلط فيها الدم بالدقيق، إذ لم تلهم إسرائيل مواجهة استمرار الحرب، فلن يوقفها شيء، ولو للتفكير في مصيرها، إن لم يكن بسبب الثمن المروع الذي يدفعه سكان غزة، فعلى الأقل للثمن الذي ستدفعه إسرائيل نفسها.