نشر موقع (ميدل إيست آي) الإخباري مقالا تضمن هجوما لاذعا على الغرب بسبب دعمه “الإبادة الجماعية” التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.
وجاء في المقال الذي كتبه الصحفي الإسرائيلي البريطاني جوناثان كوك، أن حملة التشهير “اليائسة” للدفاع عن جرائم إسرائيل تسلط الضوء على مزيج من “الأكاذيب الضارة” التي ظلت تشكل مرتكزا للنظام الديمقراطي الليبرالي لعقود من الزمن.
وذكر الكاتب مشهدا هزليا بريطانيا دارت أحداثه إبان الحرب العالمية الثانية، يلتفت فيه ضابط نازي بالقرب من الخطوط الأمامية إلى زميل له، وفي لحظة مفاجئة وكوميدية من عدم الثقة في النفس، يتساءل: “هل نحن الأشرار؟.
وقال كوك إننا وكثيرين منا “شعرنا وكأننا نعيش نفس تلك اللحظة، التي امتدت (بالنسبة لنا) لما يقرب من 3 أشهر رغم أنه ليس هناك ما يدعو للضحك”. وأضاف أن الزعماء الغربيين لم يكتفوا، في تصريحاتهم وخطبهم، بدعم حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة فحسب، بل قدموا الغطاء الدبلوماسي والأسلحة وغير ذلك من المساعدات العسكرية.
واعتبر الكاتب أن الغرب متواطئ بشكل كامل في “التطهير العرقي” لنحو مليوني فلسطيني، فضلا عن قتل أكثر من 20 ألفا وجرح عشرات الآلاف، غالبيتهم من النساء والأطفال.
ويصر السياسيون الغربيون على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” مع أنها دكت البنية التحتية في غزة، بما في ذلك المباني الحكومية، مما أدى إلى انهيار القطاع الصحي، وبدأت المجاعة والأمراض تفتك ببقية السكان.
أفعال دنيئة
ووفقا للمقال، ليس هناك مكان يفر إليه فلسطينيو غزة، ولا مخبأ يعصمهم من القنابل التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل. وإذا سُمح لهم بالفرار في نهاية المطاف فليس أمامهم من ملاذ سوى مصر المجاورة، التي ستكون “منفاهم” الدائم بعد عقود من النزوح من وطنهم.
وبينما تحاول العواصم الغربية تبرير ما يصفها بأفعال إسرائيل “الدنيئة” تلك، وذلك بإلقاء اللوم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يسمح القادة الإسرائيليون لجنودهم ومليشيات المستوطنين المدعومة من الدولة، باجتياح الضفة الغربية –”حيث لا توجد حركة حماس”- ليهاجموا ويقتلوا الفلسطينيين.
ويواصل كوك هجومه المحموم، ويقول إن إسرائيل تشن حربا “استعمارية بلا حياء” على النمط القديم ضد السكان الأصليين، من ذلك النوع الذي سبق القانون الدولي الإنساني، والقادة الغربيون يهللون لهم. ويتساءل: هل نحن على يقين بأننا لسنا الأشرار؟
ويقول إن الهجوم الإسرائيلي على غزة يثير اشمئزاز الكثيرين، ويكشف ما هو “بدائي وقبيح” في سلوك الغرب، الذي ظل محجوبا لأكثر من 70 عاما بمظاهر من التقدم خادعة، بالحديث عن تغليب حقوق الإنسان، وعن تطوير المؤسسات الدولية وقواعد الحرب، وعن ادعاءات الإنسانية.
نعم -يتابع كوك- لطالما كانت هذه الادعاءات “زائفة” دوما، وليس أدل على ذلك من الأكاذيب التي روجت للحروب في فيتنام وكوسوفو وأفغانستان والعراق وليبيا وأوكرانيا.
لقد كان الهدف الحقيقي للولايات المتحدة وشركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) هو “نهب” موارد الآخرين، والحفاظ على مكانة واشنطن زعيمة للعالم، وإثراء النخب الغربية، حسبما ورد في مقال الموقع البريطاني.
ولكن الأهم من ذلك -برأي الصحفي الإسرائيلي البريطاني- هو أن “الخداع” كان بسرد شامل جر العديد من الغربيين وراءه، بادعاء أن الحروب كانت تهدف إلى التصدي لتهديد الشيوعية السوفييتية، أو “الإرهاب” الإسلامي، أو النزعة الاستعمارية الروسية المتجددة. كما كانت ترمي -في محصلتها- إلى تحرير المرأة المضطهدة، وصون حقوق الإنسان، وتعزيز الديمقراطية.
حرب الإبادة الجماعية
ويعتقد الكاتب أن هذا الغطاء السردي من جانب الغرب لتبرير أفعاله لا يجدي نفعا هذه المرة…”فليس هناك إنسانية في قصف المدنيين المحاصرين في غزة، وتحويل سجنهم الصغير إلى أنقاض، يذكرنا بمناطق الكوارث الزلزالية، ولكن هذه المرة كارثة من صنع الإنسان وحده”.
ونفى أن تكون لحماس القدرة على إرسال أي نوع من الرؤوس الحربية إلى أوروبا، مضيفا أن قطاع غزة لم يكن يوما -حتى قبل تدميره- القلب لإمبراطورية إسلامية تتأهب للانقضاض على الغرب وتخضعه لأحكام الشريعة الإسلامية. كما أن من “شبه المستحيل أن تشكل حركة حماس -“التي تتألف من بضعة آلاف” من المقاتلين المتمركزين في غزة- تهديدا حقيقا لنمط الحياة في الغرب.
وبحسب المقال، فإن التشكيك في حق إسرائيل في إبادة الفلسطينيين في غزة، وترديد شعار يدعو الفلسطينيين للانعتاق من ربقة الاحتلال والحصار، ومطالبتهم بحقوق متساوية للجميع في المنطقة، كلها أمور ينظر إليها الغرب والإسرائيليون على أنها من قبيل معاداة السامية.
ولفت كوك إلى أن مجلس النواب البريطاني أصدر بأغلبية ساحقة قرارا يساوي بين معاداة الصهيونية –وتنطبق في هذه الحالة على من يعارض “حرب الإبادة الجماعية” التي تشنها إسرائيل على غزة- وبين معاداة السامية.
ووصف حملة التشهير الجماعية في الغرب بأنها “مطلقة العنان” بحيث بدأت النخب الغربية من تلقاء نفسها في لجم حرية التعبير والفكر في المؤسسات التي من المفترض أن تتمتع بحماية شديدة فيها.
وخلص إلى أن قطاع غزة ليس مجرد خط مواجهة في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني ، بل أيضا خط مواجهة في حرب النخب الغربية على “قدرتنا على التفكير النقدي من أجل تطوير أساليب عيش مستدامة، والمطالبة بمعاملة الآخرين بالكرامة والإنسانية التي نتوقعها لأنفسنا”. وختم كوكك قائلا: “نعم إن خطوط المعركة مرسومة، وكل من يرفض الوقوف إلى جانب الأشرار فهو العدو”.