فيديو.. كتب ورسائل دكتوراه وجبات ثمينة للنار في غزة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

غزة- تمسك عيدة أبو عمرة بأوراق مزقتها من كتب جامعية لأبنائها، وتلقيها وجبات للنار داخل فرن من الطين، تعد عليه الخبز والطعام، للتغلب على أزمة غاز الطهي الحادة في قطاع غزة.

وفي سبيل البقاء على قيد الحياة، اضطرت عيدة وغالبية الغزيين لإيقاد النار في قطع من الأثاث المنزلي، والملابس، والقرطاسية والكتب المدرسية والجامعية، وحتى في رسائل الدراسات العليا، بعدما أصبح العثور على الحطب مهمة شبه مستحيلة.

وتضاعفت أسعار الحطب مرات عدة، وبات شحيحا في الأسواق، بعد نحو شهرين من الاعتماد عليه، بديلا لغاز الطهي، وتمنع دولة الاحتلال توريده إلى القطاع، في إطار حصار مطبق تفرضه تزامن مع الحرب الضارية والمتصاعدة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتقول عيدة للجزيرة نت “الكتب والملابس ليست أغلى من الحياة، والله أعلم إذا كنا سنعود إلى حياتنا ومدارسنا وجامعاتنا بعد هذه الحرب أم لا”.

عيدة أبو عمرة توقد النار بكتب مدرسية وجامعية من أجل توفير الخبز لأطفالها (الجزيرة)

إصرار على البقاء

وسمحت إسرائيل، لأول مرة، بتوريد كميات محدودة من غاز الطهي، بموجب اتفاق الهدنة المؤقتة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وتقدر السلطات المحلية في غزة حاجة 2.3 مليون فلسطيني في القطاع من غاز الطهي بنحو 200 طن يوميا، في حين لا تسمح إسرائيل حاليا بمرور أكثر من شاحنتين محملتين بزهاء 40 طنا فقط.

ولجأت عيدة إلى فرن الطين، بعدما نفد غاز الطهي من منزلها في مدينة رفح جنوب القطاع، ولم يعد الحصول عليه سهلا، وتقول إنها اضطرت إلى إيقاد النار في ملابس وكتب وأحذية من أجل توفير “لقمة العيش” لأسرتها.

وبينما كانت تلقي بأوراق كتب لأبنائها الجامعيين في النار للحفاظ على بقائها مشتعلة أسفل أرغفة الخبز، تماسكت عيدة أمام لفحات نيران الفرن، وقالت بلهجة تحد وإصرار على الحياة “لازم نعيش غصبا عن الاحتلال والجميع، سنعيش ولن نشكو همنا إلا لله”.

دكتوراه تحت أرغفة الخبز

وجمعت أسرة يشتهر أفرادها بحرصهم على نيل شهادات عليا في تخصصات مختلفة، رسائل الدكتوراه من أجل إيقاد نار وإعداد الخبز، وكتبت الصحفية المقيمة في إسطنبول إسراء المدلل على صفحتها الرسمية على فيسبوك “رسالة الدكتوراه لأمي السيدة نعيمة ولأخي الدكتور عبدالله وأخي الدكتور محمد جمعوها هذا الصباح لإحراقها من أجل رغيف الخبز عوضا عن الحطب والخشب الذي نفد، من أجل كوب شاي ساخن ولقمة”.

وتقول إسراء “بعد أن خدمت أمي عمرها مع الأمم المتحدة كأول امرأة مديرة المنطقة التعليمية في رفح لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بعد أن فتحت بيوت علم، وربت أجيالا، وأسست نهجا تربويا هو الأول في الشرق الأوسط، تحرق كل رسائلها الماجستير والدكتوراه، كما إخوتي، بعد سياسة التجويع التي يطبقها العالم علينا، الكل مسؤول ومتخاذل ومشترك بالجريمة”.

وتعرض منزل هذه الأسرة لأضرار ودمار جزئي نتيجة غارة جوية نفذتها مقاتلات حربية إسرائيلية على منزل مجاور لها في منطقة “حي الزهور” شمال مدينة رفح.

قطع أشجار مقبرة

وخلقت ضراوة الحرب الإسرائيلية حالة كبيرة من الفوضى غابت معها الرقابة الرسمية، وتسببت في اندفاع الناس لسلوك كل وسيلة متاحة من أجل تدبير شؤون حياتهم اليومية.

وقال شاب ثلاثيني، فضل عدم الكشف عن اسمه، بينما كان يقطع بفأس شجرة وارفة في “مقبرة الشهداء” بحي الجنينة شرق مدينة رفح، إنه يقطعها من أجل بيعها كحطب للنار، ويوفر بمبلغها الزهيد الدقيق لأسرته.

وكان هذا الشاب يعمل سائقا بالأجرة على سيارة، توقفت عجلاتها عن الدوران منذ الأسبوع الأول للحرب، إثر نفاد الوقود من المحطات، وارتفاع ثمنه عدة أضعاف في السوق السوداء.

ومثلما حدث في هذه المقبرة، التي لم يعد للأشجار فيها أثر سوى بقايا جذوع تعتلي الأرض بقليل، نالت فؤوس أخرى من أشجار ظلية مزروعة في المدارس والشوارع العامة، ولم تسلم المقاعد الدراسية داخل المدارس من نيران يشعلها نازحون للتدفئة وطهو الطعام.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *