فيديو.. أزمة وثائق تطارد ناجين من زلزال المغرب

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

المغرب- أمام محكمة مراكش تقف أرملة سبعينية شاردة تائهة، لا تدري ماذا تفعل بعد أن فقدت أقاربها في الزلزال المدمر الذي ضرب قريتها بأمزميز.

وفي حديث للجزيرة نت، تقول المسنة زهرة العوف وآثار الحزن والألم بادية على وجهها، “فُجعت بموت 3 من حفدتي، لكني اليوم أصبحت دون هُوية بعدما فقدت كل أوراقي”.

وتضيف الحاجة زهرة بلغة دارجة مختلطة بلكنة أمازيغية، “أشعر بالتيه، ولا أجد من يساعدني، في ظل اقتراب موعد حصولي على تقاعد زوجي، ولا أدري كيف يمكنني استخلاصه، فهو المصدر الوحيد للمال الذي أرسله إلى ابني الطالب في مدينة الدار البيضاء”.

المسنة زهرة العوف فجعت بموت 3 من حفدتها وفقدت كل أوراقها الرسمية نتيجة الزلزال المدمر (الجزيرة)

وثائق مفقودة

فَقَد كثير من ضحايا الزلزال المدمر ذويهم، كما دُفنت وثائقهم، وأصول مستنداتهم، وأوراق التأمين الخاصة بسياراتهم وغيرها، ووجدوا عقب الفاجعة صعوبة في التعامل مع الإدارات الحكومية.

ويقول الباحث عبد الواحد أبو راش المتخصص في الشؤون الإدارية للجزيرة نت، “قد يكون الوقت غير مناسب للحديث عن أمر ثانوي مثل الأوراق الرسمية في ظل كارثة دُفن فيها الناس أحياء، وتحطمت المنازل، وترملت النساء، وتيتم الأطفال، لكن لا يمكن تجاهل ألم الشعور بفقدان الهُوية في مجتمع مرتبط بالأرض والأهل والأقارب”.

ويثير الباحث إلى إشكالية التأمين على الممتلكات، التي تتقيد بآجال قريبة قد لا تسعف الضحية، أو أحد أقاربها إن مات. ويوضح أن القانون المتعلق بالتعامل مع هذه الإشكالية في وقت الكوارث يعود إلى 3 سنوات فقط، لافتا إلى أن تجاوب الإدارة ومؤسسات التأمين لا يزال مرتبكا.

وفي دوار “أسلدا” قرب إمليل جماعة أسني ضواحي مراكش، يعود الشاب سمير الهايج بمساعدة صديق له بين الحين والآخر، للبحث عما تبقى من أوراق ومستندات رسمية.

ويتذكر بكثير من الأسى في حديث للجزيرة نت، اللحظات الأولى للزلزال، وكيف أحدث الرعب في النفوس، على وقع الصراخ المختلط بدوي الانهيارات وسط ظلام دامس بعد انقطاع الكهرباء”. ويضيف “فقدنا 21 من أبناء الدوار، وأصيب العشرات، في حين بادر الشباب إلى إخراج العالقين من تحت الأنقاض”.

وعن عودته إلى منزله للبحث عن أوراقه الثبوتية يتابع الهايج، “فقد الناس أصول وثائقهم الرسمية، ولا يعرفون إلى أي جهة رسمية يذهبون فالإدارة منشغلة الآن، وبعض الناس عاود البحث بين الركام عن الوثائق، فمنهم من وجدها والبقية أخفقوا في العثور عليها”.

بدوره، يواصل المواطن سعيد مداوم من منطقة دوار “تاسا” قرب مركز ويركان بضواحي مراكش البحث في بقايا منزله عن بطاقة بنكية تائهة، من أجل استخراج بعض المال لقضاء حاجاته الأساسية. ويجمع ما تبقى من أشياء يمكن بيعها في الأسواق.

ويقول للجزيرة نت، “تلقينا مساعدات غذائية وافرة، وتم إيواؤنا في خيمة للوقاية المدنية مؤقتا، لكني عدت إلى هنا من أجل البحث عن بطاقة أخي البنكية، وأوراق الأسرة، ويلزمنا حاليا دليل على هويتنا أمام الإدارة، فاضطررنا إلى البحث عنه تحت الأنقاض”.

عبد الغني بلوط/ دوار أسلدا قرب إمليل جماعة أسني ضواحي مراكش/ دور مهدمة جراء الزلزال
وثائق وأصول مستندات كثير من ضحايا الزلزال دفنت تحت الأنقاض (الجزيرة)

تسهيلات إدارية مطلوبة

ويتعرض المتضررون لإشكالات متنوعة بعد فقدان الوثائق الرسمية، فلا يدرون إلى أي جهة حكومية يتوجهون.

ويعلق الباحث عبد الواحد أبو راش خلال حديثه للجزيرة بالقول، “الأمر جديد في المغرب، ولا توجد مسطرة (إدارة) تسهل الحصول على الوثائق لمن فقدها في الكوارث، لكن النظام المعلوماتي الذي يعمل من خلاله عدد من الإدارات في المغرب، والبلاغ الذي أصدرته وزارة العدل يمكن أن يكون مفيدا في الموضوع”.

ويشير البلاغ المشار إليه، إلى عقد اجتماع تنسيقي مع الموثقين والعدول والنساخ والمفوضين القضائيين والمترجمين المقبولين لدى المحاكم، لتدارس أوجه الدعم القانوني الممكن تقديمها للفئات المتضررة نتيجة الفاجعة.

وينص البلاغ على تسهيل تحرير العقود والقيام بجميع الإجراءات الإدارية المرتبطة بهذه العملية من استخراج نسخ العقود، وشهادات الملكية، وإجراءات التسجيل والحفظ، وإنجاز جميع الرسوم والوثائق العدلية، وتضمين واستخراج نسخ الرسوم والوثائق العدلية.

ويؤكد البلاغ تسهيل ترجمة جميع الوثائق والمستندات، والتواصل مع فرق الإنقاذ الأجنبية، عن طريق توفير خدمة الترجمة الفورية إضافة إلى إنجاز محاضر المعاينات، ورصد الأضرار، والقيام بإجراءات تبليغ الاستدعاءات، والمقررات القضائية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *