قالت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية إن العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا تفيد واشنطن، وتعرّض المصالح الأميركية في جميع أنحاء العالم للخطر، وإن الوقت قد حان لإعادة تقييم جوهري لهذه العلاقة وجعلها طبيعية والتعامل مع تل أبيب بالطريقة نفسها التي ينبغي لواشنطن أن تتعامل بها مع أي دولة أجنبية أخرى.
ووصفت المجلة -في مقال للمحلل السياسي جون هوفمان- إسرائيل بأنها عبء إستراتيجي على الولايات المتحدة، معددة الأوجه الكثيرة لهذا العبء، مثل الدعم المالي والعسكري الأميركي الذي ظل عنصرا ثابتا في السياسة الأميركية منذ قيام إسرائيل عام 1948.
وأشارت المجلة إلى التأييد المطلق لإسرائيل من قبل الإدارات الأميركية المتعاقبة حتى الإدارة الحالية.
وأشار الكاتب إلى أن جوهر العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل هو المبلغ غير المسبوق من المساعدات التي تمنحها واشنطن لحليفتها، حيث تلقت منها أكثر من 300 مليار دولار (معدلة حسب التضخم) منذ الحرب العالمية الثانية، وتواصل واشنطن تزويدها بنحو 3.8 مليارات دولار سنويا، مع صفقات أسلحة ومزايا أمنية، كما تقدم مساعدات إلى دول مثل مصر والأردن مقابل الحفاظ على علاقات طبيعية مع إسرائيل.
وقال إذا كانت إسرائيل ومؤيدوها يتمتعون بنفوذ كبير في واشنطن ويستحوذون على الاهتمام من الحزبين من خلال أشكال مختلفة من الضغط والتأثير المباشر وغير المباشر فإن ما تحصل عليه الولايات المتحدة مقابل هذه العلاقة الأحادية الاتجاه لا يزال غير واضح.
تقويض مكانة واشنطن
وأنتقد هوفمان زعم المؤيدين القائلين إن الدعم الثابت لإسرائيل مهم لتعزيز المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، لأن إسرائيل تعتبر “عيون وآذان أميركا” في المنطقة حسب السيناتور ليندسي غراهام، قائلا إن احتضان واشنطن إسرائيل قد أدى في الأشهر الأخيرة إلى تقويض موقع واشنطن الإستراتيجي في المنطقة مع الإضرار بصورتها العالمية.
وأشار إلى القلق الأميركي الحالي من “العقاب الجماعي” الإسرائيلي في غزة، إلى درجة أن الحكومة الأميركية تحاول إلى جانب دول أخرى مثل فرنسا والأردن ومصر التخفيف منه، وتقوم الآن بنقل المساعدات جوا إلى القطاع لكسر الحصار الذي يرفض حليف أميركا رفعه مستخدما الأسلحة الأميركية.
ولتكثيف تصوير ثقل العبء الذي تمثله إسرائيل على أميركا، يقول الكاتب إن إدارة الرئيس جو بايدن تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة المتقدمة، بما في ذلك القنابل الذكية و”الغبية”، بالإضافة إلى ذخيرة الدبابات والمدفعية، وتتحايل على الكونغرس وتستخدم حق النقض في الأمم المتحدة مرات عدة، وتمنع وحدها صدور قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وتعارض خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لغزو رفح بلا جدوى في الوقت نفسه الذي تصرح فيه بأن الدفاع عن إسرائيل لا يزال أمرا بالغ الأهمية.
إعاقة المصالح الأميركية
واستمر هوفمان في الحديث عن العبء الذي تمثله إسرائيل على أميركا، قائلا يبدو إن الدعم الأميركي لحليفتها في حرب غزة له تداعيات إقليمية كارثية، مثل خلقه سلسلة من نقاط التوتر من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر، مما يهدد بجر المنطقة وأميركا إلى حرب واسعة النطاق وكارثية على كلتيهما.
وأوضح أن موقف واشنطن يسمح لإسرائيل بالتصرف مع الإفلات من العقاب، وتوجيه السياسة الخارجية الأميركية إلى تحقيق أهداف تتجاوز مصالح واشنطن، مشيرا إلى أن عبء العلاقة الخاصة مع إسرائيل أعاق قدرة واشنطن على المناورة الإستراتيجية، وأعاق قدرة القادة الأميركيين على التفكير بوضوح في الشرق الأوسط.
تقويض القيم التي تدعيها أميركا
وخلص المحلل السياسي إلى أن العلاقة الخاصة مع إسرائيل لا تفعل شيئا تقريبا للولايات المتحدة، بل تقوض بشكل فعال المصالح الإستراتيجية الأميركية، وغالبا ما تؤدي إلى العمل ضد القيم التي تدعي واشنطن أنها تدافع عنها.
ودعا إلى إعادة توجيه علاقة أميركا بإسرائيل على أساس المصالح الأميركية الملموسة بدلا من تمكين السياسة الإسرائيلية وحمايتها ودعمها، واضطرار أميركا إلى غض الطرف عن الإهانات الإسرائيلية للمصالح الأميركية.
وطالب بأن تضغط أميركا من أجل وضع نهاية سريعة للحرب الكارثية في غزة والتوصل إلى حل سياسي دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.