فورين أفيرز: الغرب يخطئ في تقدير قوة روسيا

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

نشرت مجلة فورين أفيرز مقالا يتحدث عن إخفاق الغرب في فهم طبيعة القوة العسكرية لروسيا، والأخطاء التي ارتكبها في سبر أغوار الجيش الروسي.

وورد في المقال أن إحدى أكبر مفاجآت الغزو الروسي لأوكرانيا في ربيع عام 2022 أنه فضح القوة العسكرية للقوات المسلحة الروسية.

وظن العديد من القادة والمحللين الغربيين، عندما بدأ الغزو، أن الجيش الروسي “العرمرم”، بما يمتلكه من قوة جوية ضاربة واحتياطات هائلة من الأسلحة الرئيسية، سيكتسح أوكرانيا سريعا، وفق المقال الذي كتبه زولتان باراني أستاذ إدارة الحكم بجامعة تكساس.

غير أن العدوان أثبت أن القوات البرية الروسية “غير منظمة، وسيئة التدريب، وتفتقر إلى خطوط إمداد حيوية، في حين فشلت الطائرات الروسية في السيطرة على المجال الجوي الأوكراني”.

ويقول باراني إن الأمر استغرق من الغرب أسابيع ليدرك تماما نقاط الضعف هذه، ويساعد أوكرانيا على استغلالها.

تقدم بارز

وفي الأسابيع التي أعقبت الهجوم المضاد “البطيء” الذي شنته أوكرانيا في يونيو/حزيران الماضي، أخطأ المعلقون الغربيون مرة أخرى في قراءة الأحداث. فقد أعرب البعض منهم عن تشاؤمهم إزاء قدرة أوكرانيا على اختراق الدفاعات الروسية مطلقا، في حين حذر آخرون من أن موسكو قد تعلن عن استنفار آخر لقوات الاحتياط، وهو الأمر الذي سيمكنها من حشد مئات الآلاف من المقاتلين الجدد في ساحات المعارك.

ولكن، بحلول أواخر أغسطس/آب الماضي، كانت أوكرانيا تحقق مكاسب قوية، مما حدا بإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للاعتراف بحدوث تقدم “بارز”، لا سيما في خط الدفاعات الروسية الثاني.

على أن كاتب المقال لا يرى جديدا في هذا النمط من قراءة الوقائع، فلطالما عمد المحللون وصناع السياسات الغربيون لعقود من الزمن إلى المبالغة في تقدير القوة العسكرية لموسكو.

ويعزو بعضٌ السبب في ذلك إلى الافتقار لمعلومات موثوقة. وعلى الرغم من أن روسيا (ومن قبلها الاتحاد السوفياتي) قد خاضت غمار العديد من الحروب، فإن هناك أمثلة قليلة تدل على أن موسكو واجهت أعداء ذوي عزم ومسلحين جيدا.

تقييمات كمية

ثمة عامل آخر لعله أكثر أهمية -برأي الأستاذ الجامعي في مقاله- هو أن الخبراء الأميركيين والغربيين الآخرين ظلوا يميلون إلى التركيز على التقييمات الكمية لأنظمة الأسلحة، مثل الطائرات والصواريخ والقوى العاملة الخام، بدلا من الخصائص النوعية والنفسية التي غالبا تحدد أداء الجيش في ساحة المعركة.

وتفتقر موسكو إلى نوعية الضباط المدربين تدريبا عاليا الذين ثبت ضرورة وجودهم في أفضل جيوش العالم. ويشير مقال فورين أفيرز إلى أن أعدادا كبيرة من العقول الشابة الروسية حاولوا تفادي الخدمة العسكرية أو فروا من البلاد.

ونظرا لأن روسيا تعاني من نظام حكم مستبد وفساد مستشرٍ، وفقا للكاتب، فإنها تجد صعوبة في استجلاب الابتكارات، والقدرة على إدارة التنوع والتكيف التي تفضي إلى أفضل النتائج في ساحات الوغى.

ويعتقد باراني أن المبالغة في تقييم القوة العسكرية الروسية تعود إلى منتصف القرن الــ20 على أقل تقدير. ولطالما عمد الخبراء عقب الحرب العالمية الثانية إلى تضخيم قدرة القوات السوفياتية، مما كان له عواقب وخيمة على سياسة الأمن القومي الأميركي، وما يتعلق منها بالإنفاق الدفاعي خصوصا.

وأقر معظم خبراء الأمن الغربيين بتراجع الجيش الروسي عقب فشل حرب السوفيات في أفغانستان وانهيار الاتحاد السوفياتي.

خطأ في الحسابات

ولكن بعد الإصلاحات التي أدخلتها موسكو على دفاعاتها، استنتج كثيرون أن الجيش الروسي قد تمكن من تطوير أسلحة جديدة ضاربة، وتحسين أساليب التدريب، وأصبح قوة قتالية فعالة يمكن أن تشكل تحديا خطيرا لأفضل جيوش العالم.

واعتبر كاتب المقال أن ذلك لا يعدو أن يكون خطأً في الحسابات قاد مباشرة -بجانب تقييمات أخرى على مدى العقد الماضي- إلى تقدير الغرب لاحتمال نجاح القوات المسلحة الروسية في أوكرانيا.

وبحلول عام 2022، اعتقد أغلب المحللين أن روسيا -بامتلاكها واحدا من أكبر الجيوش القائمة في العالم والمجهز بأحدث أنواع الأسلحة- ستكون لها ميزة طبيعية على قوات الدفاع الأوكرانية الأصغر حجما بكثير.

أربعة أسباب

وعدّد باراني 4 أسباب يرى أنها كفيلة بتفسير كل تلك الأحكام الخاطئة، أولها أن المراقبين العسكريين الغربيين يميلون إلى إسناد افتراضاتهم على أدلة معيبة. فعلى سبيل المثال، بدا أن الكثير منهم يفسرون ضم روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014 وتدخلها في سوريا في عام 2015 على أنهما من دلائل نجاح إصلاحاتها الدفاعية بعد عام 2008.

غير أنه لم يكن هناك قتال تقريبا في القرم، بل إن بعض سكان شبه الجزيرة المحليين كانوا مؤيدين لروسيا. وفي سوريا، تمكنت القوات الجوية الروسية من شن عمليات قصف واسعة النطاق في غياب دفاعات جوية فعلية.

وثاني تلك الأسباب أن المحللين الغربيين كانوا على استعداد لاستقاء المعلومات الخارجة من روسيا، وهي التي أقنعت العديد من خبراء الأمن بأن جيش موسكو قد حسّن بشكل كبير الخدمات اللوجيستية وأنظمة الاتصالات والدعم الجوي للعمليات الأرضية -وبشكل عام- العمليات المشتركة بين فروع مختلفة من القوات المسلحة.

والسبب الثالث يتعلق بطبيعة الاتصالات بين الخبراء العسكريين والأمن الروسيين وزملائهم في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) في السنوات التي سبقت الحرب.

وأخيرا -وهو سبب لا يقل أهمية- فقد ظل الخبراء العسكريون الأميركيون يولون منظومات الأسلحة والتكنولوجيا الحديثة التي بحوزة روسيا فلاديمير بوتين جلّ تركيزهم.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *