“طوفان الأقصى” يُشعل رفض المصريين للاحتلال الإسرائيلي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

القاهرة- ما إن انتهى الشوط الأول من مباراة كرة القدم الودية بين منتخبي مصر والجزائر، مساء الإثنين، حتى صاح غالبية الجالسين على مقهى بمنطقة فيصل غربي القاهرة، مطالبين بتغيير المحطة الرياضية إلى أخرى إخبارية، لمتابعة ما يحدث في قطاع غزة.

هاني المصري، كان واحدا من هؤلاء، حين تمتم بكلمات بالكاد مسموعة تدعو بالنصر لأهل غزة، وبالهلاك “للمعتدين” الإسرائيليين، ودعا إلى مواصلة دعم القضية الفلسطينية.

المصري، أربعيني يعمل مهندسَ كهرباء، قال للجزيرة نت، إنه كان متفرغا أثناء الشوط الأول من المباراة -التي لُعبت بمدينة العين الإماراتية- لمتابعة أخبار العدوان الإسرائيلي على القطاع. ولم يخفِ استنكاره لعدم رفع الجماهير هناك الأعلام الفلسطينية، وهي واقعة تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي.

هذا المشهد النادر في مقهى فيصل، يبدو معبرا عن نسبة معتبرة للجلسات الأسرية والعامة بمصر منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى”، وما تلاها من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، والتي تشهد متابعة وتضامنا شعبيا واسعا.

ورغم عقوبات “قانون التظاهر” التي تحول دون خروج مظاهرات في الشوارع والميادين، تمكّن مصريون من تجاوزها ونظموا وقفات واحتجاجات لم يتسن التأكد من حصولهم على تصريحات أمنية بتنظيمها أم لا.

على المستوى الرسمي، يبدو أن تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة، قد وضع القاهرة في موقف حساس ومعقد، بالنظر إلى ارتباطه بضوابط وحسابات الأمن القومي والعربي، إضافة إلى أهمية معبر رفح الحدودي كممر إنساني وحيد لأهل غزة، وتوجس السلطات المصرية من محاولة تصفية القضية الفلسطينية عبر نقل سكان القطاع إلى سيناء المجاورة.

دعم أزهري متواصل

منذ اليوم الأول لـ”طوفان الأقصى”، يسجل الأزهر مواقف داعمة للقضية الفلسطينية، يمكن رصد أبرزها في التالي:

  • تلقي شيخ الأزهر أحمد الطيب، مكالمة هاتفية من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أكد خلالها وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني.
  • تحذير الأزهر من أن ترك الفلسطينيين أرضهم يمثل “موتًا للقضية وزوالها إلى الأبد”، وطالب بإجراء تحقيق دولي في “جرائم الاحتلال”.
  • عقب صلاة الجمعة، نظم المصلون بالجامع الأزهر مظاهرة حاشدة دعمًا للقضية الفلسطينية، مرددين هتافات منها “بالروح بالدم نفديك يا أقصى”.
  • في اليوم العاشر من العملية، أطلق بيت الزكاة والصدقات التابع للأزهر حملة “أغيثوا غزة”، تحت شعار “جاهدوا بأموالكم.. وانصروا فلسطين”.

بدورها، أصدرت الكنيسة الأرثوذكسية بيانا في ثاني أيام “طوفان الأقصى”، أدانت فيه “استهداف المدنيين من الجانبين”، في حين أعلنت الطائفة الإنجيلية المشاركةَ في حملة المساعدات الإنسانية لغزة.

 

سلاح المقاطعة

ويؤشر على انخراط الشعب المصري بمختلف توجهاته مع الأحداث الجارية في فلسطين، سرعة الاستجابة الملحوظة لحملات المقاطعة، وهو ما يبدو في:

  • إظهار التضامن غير المحدود مع عمليات المقاومة وضحايا العدوان، الأمر الذي دفع منصات التواصل إلى التضييق على محتوى المستخدمين.
  • مع إعلان واشنطن ودول غربية وشركاتها العاملة في مصر دعمها الكامل لإسرائيل، أشهر المصريون سلاح المقاطعة، وهو الأمر الذي تكرر في أكثر من بلد عربي.
  • رصد الشركات الداعمة لإسرائيل، بهدف نشر الوعي بين المستهلكين، وشملت العديد من المنتجات الغربية الشهيرة التي لم يشفع لبعضها التبرؤ من دعم إسرائيل.

قوافل الإغاثة

وفجر الثلاثاء، انطلقت قوافل “التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي” (حكومي) محملة بكميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، تتضمن مواد غذائية وملابس وأدوية ومستلزمات طبية.

وكان التحالف قد دشن قبل أيام حملة “مسافة السكّة” لتلقي التبرعات العينية، لإعداد قافلة موحدة تتجه إلى معبر رفح الحدودي ومنها إلى غزة.

وتضمنت أعمال القافلة، مشاركة مؤسسات خيرية بمختلف محافظات مصر في حملة للتبرع بالدم تحت شعار “مبادرة دمنا واحد” لتقديم الدعم الطبي للمصابين والجرحى في قطاع غزة.

وتعقيبا على هذا الزخم الشعبي، قال المحلل السياسي والأكاديمي المصري حسن نافعة، إن الشعب المصري لم يتخل يوما عن القضية الفلسطينية، وظل داعما لها في كل الظروف، خاصة في الأوقات الصعبة.

وفي حديث للجزيرة نت، أضاف نافعة أن عملية “طوفان الاقصى” ذكرَّت المصريين بحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وبما تستطيع الشعوب أن تفعله حين تختار طريق المقاومة والدفاع عن العزة والكرامة.

 حراك نقابي

رغم التحسن الملحوظ في العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وتل أبيب في السنوات الأخيرة، تبقى النقابات في طليعة معارضي التطبيع، رغم تقييد دورها في السنوات الأخيرة.

وعلى غرار المصلين في الجامع الأزهر، تجاوز نقابيون حاجز قانون التظاهر، فعلى درج نقابة المحامين بالقاهرة احتشد العشرات، ظهر الإثنين، في وقفة تضامنية نظموا خلالها حملة للتبرع بالدم لصالح جرحى ومصابي غزة.

ورفع محامون لافتات تحمل شعارات “فلسطين عربية” و”تسقط إسرائيل، يسقط كل خائن وعميل”، مرددين هتافات “من القاهرة ألف تحية.. يا مقاومة يا فلسطينية”.

وخلال الوقفة، أعلن نقيب المحامين عبد الحليم علام، تبني النقابة تشكيل لجنة تقصي حقائق، لتوثيق جرائم الاحتلال، تمهيدًا لملاحقة المسؤولين عنها وتقديمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية.

كما تفاعلت نقابة الصحفيين المصريين مع الأحداث واكتست واجهتها الرئيسية بالعلمين المصري والفلسطيني، ونظمت يوما تضامنيا شمل حملة للتبرع بالدم، وأخرى لتوثيق وفضح “الحرب الوحشية”، إضافة إلى تشكيل لجنة نقابية لإغاثة ودعم فلسطين.

ونظمت النقابة مؤتمرا حول رصد “تجاوزات وأكاذيب الإعلام الغربي” خلال تغطيته للحرب وعمليات المقاومة، والممارسات “غير المهنية” لوسائل الإعلام الغربية.

انتفاضة كروية

لم تفوت جماهير النادي الأهلي الفرصة في إبراز التضامن مع غزة، رغم القوانين المشددة على الملاعب، ولاحقا أصدرت إدارة النادي بيانا بالتضامن.

وخلال مباراة فريقهم أمام نادي الإسماعيلي، في ثاني أيام “طوفان الأقصى”،ضمن منافسات دوري كرة القدم المحلي، هتفت جماهير الأهلي “بالروح بالدم نفديك يا فلسطين”.. “بالروح بالدم نفديك يا أقصى”، كما شهدت المدرجات أعلام فلسطين بكثافة.

وهذا المشهد تكرر داخل إحدى صالات كرة اليد بنادي الزمالك، إذ زينت الجماهير مباراة لفريقها بدوري كرة اليد بالعلم الفلسطيني، وهزت أرجاء الصالة بالهتافات المؤيدة لفلسطين خلال أحداث المباراة.

وبينما اكتفى لاعب المنتخب المصري وليفربول الإنجليزي محمد صلاح بالتبرع بمبلغ مالي لصالح ضحايا غزة بعد موجة عتاب جماهيري ضده، كان لآخرين السبق في إعلان دعمهم الكامل، وخاصة المنتسبين للدوريات الأوروبية التي يُعرف عنها معاقبة المتعاطفين مع فلسطين.

كان في مقدمة هؤلاء، أحمد حسن كوكا، لاعب المنتخب المصري ونادي “بينديك” التركي، الذي وثقَّ رسالة مؤثرة كشف فيها الجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على مدار عقود.

وإلى جانب كوكا، كان من أبرز المتضامنين مع فلسطين لاعب كرة القدم السابق محمد أبو تريكة، ولاعب المنتخب ونادي أرسنال الإنجليزي محمد النني، ولاعب الزمالك محمود شيكابالا، وزميله بالأهلي محمد مجدي أفشة، وغيرهم.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *