غزة- يُوصف أطباء غزة بأنهم “فدائيون بالرداء الأبيض”، لما يُظهرونه من بسالة على جبهة الإنسانية وهم يصلون الليل بالنهار لمداواة جرحى الحرب الإسرائيلية الضارية التي تكمل، الأحد، شهرها السادس على التوالي.
وتزداد قيمة عطاء أطباء غزة كونهم يعملون في ظروف بالغة التعقيد، خاصة مع الاستهداف الإسرائيلي المركز والممنهج للمستشفيات والمرافق الصحية، وخروج كثير منها عن الخدمة.
وعن تجربتها الأولى كمتطوعة في مستشفى أبو يوسف النجار بمدينة رفح، تقول الطبيبة الشابة داليا جمعة للجزيرة نت “إنها تجربة قاسية، لقد شاهدت إصابات لجرحى لا أعتقد أنني سأمر بأصعب منها في حياتي العملية”.
ومرت داليا بموقف إنساني صعب عندما استقبلت من تصفها بـ”صديقتها الصدوقة” وأفراد أسرتها شهداء، جراء غارة جوية إسرائيلية، وتصف هذه الطبيبة نفسها بقولها “كنت فتاة بقلب طفل، وقد شاخت روحي بسبب الحرب والمشاهد المؤلمة التي نمر بها يوميا، وربما سنحتاج لوقت طويل من أجل التداوي منها”.
ومثلها زميلتها الطبيبة أريج ضهير التي تؤثر فيها مشاهد الشهداء من الأطفال، الذين يأتي بهم المسعفون إلى المستشفى أشلاء ممزقة، وتقول للجزيرة نت “المشاهد المؤلمة كثيرة، تخيل أن تستقبل كطبيب أقاربك شهداء”.
واستنادا إلى تجربته خلال الأشهر الستة الماضية من عمر الحرب المستعرة على غزة، يصنف الطبيب إسماعيل الدرديسي هذه الحرب بأنها “إبادة جماعية”، ويقول للجزيرة نت “درست الطب بالخارج، ولم أتعرض لمثل ما تعرضت له في هذه الحرب من جروح، وجروح لا مثيل لها”، ووجّه رسالته إلى العالم متسائلاً “ماذا تنتظرون أكثر لوقف هذه الحرب؟!”.
وتقول الحكيمة المتطوعة إسلام حسن للجزيرة نت إن “كل يوم يمر علينا أسوأ من اليوم السابق”، وتضيف أن “رؤية طفل ينجو وحده وسيعيش وحيدا بقية حياته، وقد استشهدت كل أسرته، هو المشهد الأكثر مأساوية بالنسبة لي خلال هذه الحرب”.
وبحسب توثيق وزارة الصحة فإن 476 من الكوادر وأصحاب الاختصاص الطبي استشهدوا، وتعتقل قوات الاحتلال 310 آخرين، فيما استهدفت بالتدمير الكلي أو الجزئي 155 مؤسسة صحية، وأدى ذلك إلى إخراج 32 مستشفى و53 مركزا صحيا عن الخدمة، وتدمير أكثر من 126 سيارة إسعاف.