إريك بيانتوادي – أبيدجان
أوائل عام 2024، واجه الأمن الغذائي في ساحل العاج تهديدا خطيرا بسبب قرار حكومي إستراتيجي تم بموجبه تعليق صادرات المنتجات الغذائية الأساسية.
ويهدف هذا الإجراء إلى تعزيز الأمن الغذائي الوطني من خلال حظر تصدير المواد الغذائية الأساسية، مثل الكسافا واليام والأرز والأتيكي، التي تشكل ركائز النظام الغذائي الإيفواري.
وفي عام 2022، وصلت واردات الأرز إلى مستويات مثيرة للقلق، حيث تجاوزت 50إ مليار فرنك أفريقي (الدولار يعادل 614 فرنكا)، مما يجعلها واحدة من أكبر النفقات في البلاد.
وأنفقت الحكومة ما يقرب من 99 مليار فرنك أفريقي على واردات الأرز فقط في ذلك العام، مما يسلط الضوء على الاعتماد الوطني الحاسم على الواردات لتلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية.
وسلط ممثل شركة الحبوب في ساحل العاج أنجي بايمي الضوء على التحديات الكبيرة التي يواجهها هذا القطاع. وقال إن عواقب هذا الاعتماد يشعر بها المزارعون المحليون بشكل خاص، خاصة أولئك الذين يعملون في قطاع الأرز، الذين يكافحون من أجل الحصول على الدعم الكافي من السياسات العامة.
جشع التجار
وبدلا من دعم الإنتاج المحلي، يوضح أنجي بايمي، ممثل الحبوب في ساحل العاج، أن أصحاب المصلحة في الصناعة “غالبا ما يستغلون آليات السوق واللوائح التجارية لتحقيق أقصى قدر من الأرباح”.
واستجابة لهذه التحديات، تدعو جمعيات المجتمع المدني إلى الزراعة المستدامة التي تركز على صغار المزارعين. وتعمل هذه الجمعيات مع صغار المزارعين والمنظمات المحلية لتعزيز الاكتفاء الغذائي من خلال الممارسات الزراعية الصديقة للبيئة.
ولا يحمي هذا النهج البيئة باستخدام البذور التقليدية المقاومة لتغير المناخ فحسب، بل يمكّن المزارعين أيضا من الحفاظ على ملكية أراضيهم في مواجهة التهديدات المتزايدة للخصخصة.
بالنسبة لهذه الجمعيات، يعد الاكتفاء الغذائي أمرا بالغ الأهمية حتى يتمكن سكان ساحل العاج من اتخاذ قرار بشأن إمداداتهم الغذائية، بغض النظر عن التقلبات وطلبات السوق العالمية التي غالبا ما تكون مزعزعة للاستقرار.
وتقول جمعيات المجتمع المدني إن تشجيع المحاصيل المحلية، مثل الكسافا واليام والأرز، أمر ضروري لضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل والحد من التعرض للأزمات الاقتصادية والبيئية.
وفي أنياما، وهي إحدى المناطق الطرفية في ساحل العاج، أطلقت جمعية طوعية مشروعا تجريبيا بعنوان “مشروع تجريبي لتثمين العمالة المهاجرة في الزراعة الحضرية وشبه الحضرية في ساحل العاج” في الفترة من فبراير/شباط إلى أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ممارسات زراعية محلية
يهدف هذا المشروع إلى تعزيز مساهمات المهاجرين من خلال إدخال ممارسات زراعية مصممة خصيصا لواقعهم المحلي. وسلط ناديج جاهي، الممثل الزراعي لهذه الجمعية، الضوء على فوائد هذا المشروع للمهاجرين في أنياما.
وقال “لقد اخترنا الزراعة بدون تربة، مع التركيز على إنتاج الطماطم باستخدام التقنيات الزراعية الموائمة للبيئة. كما عزز المشروع قدرات المستفيدين، خاصة المهاجرين، من خلال تحسين وصولهم إلى الأراضي وضمان حماية حقوقهم، بدعم من المساعدة القانونية”.
وضمن هذا المشروع، تم إنشاء شركة استشارات قانونية لدعم المجتمعات المتضررة. في المجمل، شارك 60 مستفيدا في التدريب في أنياما، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين للمشاركة في برامج ادخار مدتها 9 أشهر تهدف إلى تأمين مستقبلهم.
في سينفرا، في وسط ساحل العاج، تعد زراعة الأرز نشاطا بالغ الأهمية يواجه عديدا من التحديات الرئيسية. ولا تعوق هذه العقبات الإنتاج المحلي فحسب، بل تعوق أيضا قدرة البلاد على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأرز، وهي قضية حيوية تتعلق بالاقتصاد والأمن الغذائي.
ويقول أنجي بايمي، ممثل شركة الحبوب في ساحل العاج، للجزيرة نت إن “توفر البذور العالية الجودة يعد أمرا ضروريا لتحسين الإنتاجية وتلبية الطلب المتزايد على هذا الغذاء الأساسي”.
وتشمل التحديات الأخرى إدارة المناطق المتقدمة وعدم كفاية الميكنة لعمليات الإنتاج، وهو أمر ضروري لزيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية في السوق.
واستجابة لهذه التحديات، تم اتخاذ عديد من المبادرات لتحسين الوضع. أولا، تم إطلاق برامج البحث والتطوير لاختيار وتطوير أصناف الأرز المتكيفة مع الظروف المحلية والمقاومة للأمراض والتغيرات المناخية. وتهدف هذه الجهود إلى زيادة الغلة مع تقليل الاعتماد على الواردات.
الاستثمارات الزراعية
علاوة على ذلك، يجري تنفيذ الاستثمارات في البنية التحتية الزراعية، بما في ذلك أنظمة الري والميكنة، لتحديث الممارسات الزراعية وتعزيز الكفاءة. ويشمل ذلك إدخال التقنيات الزراعية المتقدمة وتدريب المزارعين المحليين على استخدامها، بدعم من الشراكات مع المنظمات الدولية والجهات المانحة.
ويقول بول بوهوي نويل ليجوي، المتخصص في زراعة الأرز في ساحل العاج، للجزيرة نت إن “هذه المبادرات ضرورية لضمان إنتاج غذائي مستدام وآمن للسكان المحليين، مع المساهمة في الوقت نفسه في الاقتصاد الوطني”.
وأخيرا، هناك حاجة إلى سياسات عامة فعالة لدعم هذه الجهود الطويلة الأجل، وضمان وجود إطار تنظيمي مناسب وحوافز مناسبة للمزارعين. ويشمل ذلك تعزيز الممارسات الزراعية الصديقة للبيئة، وحماية حقوق الأراضي للمجتمعات المحلية، وتعزيز قدرات المزارعين من خلال التدريب المستمر والتعليم الزراعي.
في الختام، على الرغم من هذه التحديات، فإن الإمكانات الزراعية لساحل العاج لا يمكن إنكارها.
ومن خلال الإستراتيجيات المناسبة والالتزام المستمر، من الممكن تحويل هذه التحديات إلى فرص، وبالتالي ضمان الاكتفاء الغذائي المستدام الذي يحترم البيئة للأجيال القادمة. وكذلك تعزيز الزراعة المحلية التي تركز على الممارسات الزراعية الصديقة للبيئة ودعم المشاريع الصغيرة على أن يظل المزارعون والمجتمعات المحلية في قلب هذه الرؤية.