قال رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون إن “كابوس” الحرب المحتدمة في قطاع غزة، لا يزال مستمرا رغم مرور عام على طوفان الأقصى واحتجاز “الرهائن”.
وأضاف أن الحرب أزهقت أرواح أكثر من 40 ألف شخص بعد قصف إسرائيلي “لا هوادة فيه”، في حين تزداد رقعة الحرب اتساعا في منطقة الشرق الأوسط، حيث يبدو أن وقفا لإطلاق النار بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى.
ورغم هذه المقدمة المتشائمة التي استهل بها براون مقاله في صحيفة غارديان البريطانية، فإنه يؤكد أنه لا يزال يتعين البحث عن بوادر أمل في ركام الحرب وحطام أحلام السلام.
وأوضح أن هناك خطة مفصلة لحل الدولتين تقبع طي النسيان أو بالأحرى التجاهل، ويتطلب دفعها إلى الأمام جهدا عالميا منسقا، ليس بالقول فقط بل بالفعل، وبتكثيف الجهود والضغوط فورا لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين.
وقال: “في الوقت الذي تنفطر فيه القلوب اليوم، يجب أن يكون وعدنا بأننا سنبذل كل ما في وسعنا لدعم إعادة الإعمار وعدا لا تنفصم عراه”.
الدعم للأطفال
وشدد غوردون -الذي كان رئيسا لوزراء بريطانيا من عام 2007 إلى 2010- على ضرورة عدم التلكؤ في التخطيط والإعداد لتقديم الدعم غير المسبوق المطلوب لمليون طفل في غزة الذين لم يعرفوا سوى المعاناة.
وناشد المجتمع الدولي بقيادة مجموعة الـ20، التي تضم جميع الاقتصادات الكبرى، أن يعلن أنه سيمول برنامجا فريدا من نوعه للتعليم والصحة ورعاية الأطفال والدعم النفسي الأساسي لهؤلاء الأطفال الذين ولدوا في خضم الصراع، وهم الآن يعيشون على حد الكفاف وسط أنقاض منازلهم المدمرة. وتابع القول إن المدارس غالبا هي أول ما يُغلق، وعادة آخر ما يُفتح بعد أي أزمة.
وركز المسؤول البريطاني السابق -في مقاله- على الأطفال في سنوات عمرهم الأربع الأولي، وعدَّها أكثر أهمية لنمو دماغ الطفل من الـ48 سنة التي تليها.
وأشار إلى أنه في ظل الخطة المقترحة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، هناك فرصة لإظهار الفرق الذي يمكن أن يحدثه الاستثمار في السنوات الأولى. ويشكل الأطفال اليوم نصف السكان النازحين في غزة البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة، ولا يوجد سوى مخصصات زهيدة لحديثي الولادة والرضع والأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضعات.
نقص في كل شيء
وتعاني غزة اليوم نقصا في كل شيء، حيث يتوفر مرحاض واحد لكل 850 شخصا، بحسب براون، لافتا إلى أن 85% من الآباء والأمهات يؤكدون أن أطفالهم قضوا يوما كاملا على الأقل دون طعام.
ووفقا للمقال، يحتاج 346 ألف طفل دون الخامسة الآن إلى طعام ومغذيات، في حين يعاني ما لا يقل عن 50 ألف طفل من سوء التغذية الحاد.
ومضى براون إلى القول إن عديدا ممن يعانون من إصابات وبتر أطراف بسبب الحرب يحتاجون -بالإضافة للرعاية الطبية والجراحية الطارئة- إلى خدمات الصحة النفسية وبرامج القدرة على التكيف للتعامل مع الصدمة التي تعرضوا لها.
لا منطقة آمنة
وزاد أنه لا توجد منطقة آمنة في قطاع غزة في الوقت الحالي لتعليم الأطفال، مشيرا إلى أن الأمر لم يقف عند حد قتل 11 ألف طفل و411 معلما، وإصابة 15 ألفا و394 طالبا و2411 معلما، بل تعداه إلى إلحاق أضرار بجميع المدارس تقريبا والعديد من رياض الأطفال بشكل كبير أو تدميرها.
ولفت إلى أن تقريرا حديثا صادرا عن أكاديميين في جامعة كامبردج ومركز الدراسات اللبنانية كشف عن أن التلاميذ في غزة فقدوا -بسبب جائحة كورونا أولا والحرب الحالية ثانيا- ما يعادل عامين دراسيين تقريبا من التعليم المدرسي، وحدثت زيادة بمعدل 20% في نسبة الأطفال غير القادرين على قراءة نص أساسي في سن العاشرة، ولكن حتى هذا لا يأخذ في الحسبان آثار الصدمة والإعاقة والنزوح.
واقترح أنه، قبل البدء في إعادة الإعمار، تجب إقامة مراكز مؤقتة للطفولة المبكرة في جميع أنحاء غزة واعتبارها أماكن آمنة تقدم للأطفال والأمهات الحوامل التغذية والدعم النفسي والاجتماعي والرعاية والتعليم المبكر.