يرى رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” البريطاني ديفيد هيرست أن إصرار حكومة الحرب الإسرائيلية على احتلال رفح، حيث يلوذ بها 1.4 مليون فلسطيني طردوا قسرا من شمال ووسط غزة، يخفي شكوكا متزايدة حول ما سيحققونه عندما يصلون إلى هناك.
وأشار هيرست إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليس وحده الذي يصر على “سنفعل ذلك. سنسيطر على كتائب حماس الإرهابية المتبقية في رفح”. فهناك أيضا زعيم المعارضة بيني غانتس الذي يدفع إلى ذلك قائلا “لأولئك الذين يقولون إن الثمن باهظ للغاية، أقول بوضوح أمام حماس خيار واحد. يمكنهم الاستسلام وإطلاق سراح الرهائن ويمكن لسكان غزة الاحتفال بشهر رمضان”.
وعلق هيرست على ذلك بأنه مجرد تباه للاستهلاك المحلي، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي استغرق 4 أشهر لشق طريقه إلى قطعة أرض طولها 41 كيلومترا وعرضها 12 كيلومترا.
وفي المقابل استغرق الأمر أكثر من 5 أسابيع قبل أن يتمكن التحالف بقيادة الولايات المتحدة من الاستيلاء على بغداد في عام 2003. وقد استخدمت إسرائيل من الذخيرة في 4 أشهر نفس ما استخدمتها الولايات المتحدة في 7 سنوات في العراق.
ليسوا قوات خارقة
وأردف الكاتب أنه من الواضح أن شيئا ما قد حدث بشكل خاطئ. وهو أنه إما أن الجنود الإسرائيليين ليسوا قوات خارقة كما كانوا يظنون، أو أن مقاومة حماس والمقاتلين الآخرين كانت شديدة بشكل غير متوقع. لكن هناك شيئا واحدا مؤكدا، وهو أن القوات الإسرائيلية لم تقاتل بسهولة كبيرة.
ولفت هيرست إلى أن القصف الجوي والمدفعي والغارات بالمسيرات قصد منها ترويع المدنيين وتهيئة الظروف لنزوح جماعي. وقال إن الخسائر البشرية الجماعية والهجمات على البنية التحتية الحيوية هي أهداف حربية، وليست أضرارا جانبية، وهو ما أدركته محكمة العدل الدولية بوضوح عندما فرضت أمرا على إسرائيل بالامتثال لاتفاقية الإبادة الجماعية.
ومع ذلك يرى الكاتب أن هذا التبجح الإسرائيلي يخفي لمحات أكثر قتامة للحملة البرية، مشيرا إلى أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تعتقد أن حماس ستظل قائمة كمجموعة مسلحة قادرة على شن عمليات ضدها، وتقول إن “الدعم الحقيقي” لحماس لا يزال مرتفعا بين الفلسطينيين في غزة.
وذكرت الصحفية الإسرائيلي إيلانا ديان من القناة 12 أن هذه الاستنتاجات عرضها كبار ضباط الجيش ومسؤولي الشاباك وأعضاء مجلس الأمن القومي على القادة السياسيين قبل أسبوع. ورأت أنه “في هذا الصدد، على الأقل، لن يكون هناك نصر مطلق”.
حرب دينية
وعلق هيرست على حديث ديان بأن كثيرين خارج إسرائيل قد توصلوا لهذا الاستنتاج قبل 4 أشهر. وذكر أن هناك أسئلة أخرى ملحة بالقدر نفسه للقيادة العليا الإسرائيلية: هل لديهم القوات اللازمة لشن عملية كبرى في رفح وإعادة احتلال محور فيلادلفيا، دون الاضطرار إلى استدعاء المزيد من جنود الاحتياط؟.
وقال إن إعادة احتلال محور فيلادلفيا -المنطقة العازلة على طول الحدود بين مصر وغزة- سيكون خرقا لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 1979. وهناك عامل آخر يؤثر في الغزو البري الوشيك لرفح وهو واشنطن التي بيدها وقف أو تقييد تدفق الأسلحة لإسرائيل. ومع ذلك لم يمارس الرئيس جو بايدن هذا الضغط حتى الآن.
وأورد هيرست ما قاله المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس لصحيفة “فرانكفورتر ألغماينه” الألمانية عن كرهه الشديد لنتنياهو، إذ قال “إنه محتال. لكنه على حق في أن الحرب يجب أن تستمر حتى تُسحق حماس، لأننا أذعنا في كل أنحاء المنطقة أننا سنسحقها، وسيُنظر إلينا على أننا خاسرون إذا لم نكمل المهمة”.
ورد هيرست على موريس بأن إسرائيل “لن تنهي المهمة أبدا، وليس أمامها سوى خيارين: إما أن تحذو حذو إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش في سعيهما لتحويل الحرب على الأرض إلى حرب دينية، أو الجلوس مع قيادة يتمتع الفلسطينيون بحرية اختيارها لمناقشة طريقة تقاسم الأرض على قدم المساواة”.