يقول خبراء ومحللون إن العملية العسكرية الإسرائيلية المرتقبة في رفح جنوبي قطاع غزة مرتبطة بالدرجة الأولى بالموقفين الأميركي والمصري، معربين عن اعتقادهم بأن الولايات المتحدة لا ترفض هذه العملية كما تقول في بياناتها الرسمية.
ورغم إعلان البيت الأبيض رفضه أي عمل عسكري في المنطقة التي تضم أكثر من مليون نازح، فإن الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي يرى أن واشنطن أعطت الضوء الأخضر لارتكاب هذه المجزرة.
وقال البرغوثي -خلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”- إن وقف هذه العملية مرهون بحجم الضغوط الأميركية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “الذي يريد المضي قدما في حربه على الفلسطينيين حماية لنفسه”.
ومع ذلك، فإن البرغوثي يعرب اعتقاده بأن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن منح إسرائيل مباركة واشنطن لهذه العملية خلال زيارته الأخيرة لتل أبيب، مشيرا إلى أن كل زيارة لبلينكن حدث بعدها تصعيد إسرائيلي كبير في قطاع غزة.
التهجير هو الهدف
الرأي نفسه ذهب إليه الخبير العسكري اللواء فايز الدويري بقوله إن تهجير الفلسطينيين إلى خارج الأراضي المحتلة كان هدفا معلنا منذ أول الحرب، خاصة وأن حديث إسرائيل عن “سحق حركة المقاومة الإسلامية حماس” في رفح يحمل الكثير من المبالغة لأنهم فشلوا في تحقيق هذا الهدف جنوب ووسط القطاع.
إلى جانب ذلك، فإن العملية التي يجري الحديث عنها في رفح تنقسم إلى شقين يتعلق أحدهما بنقل النازحين من المنطقة، وهذا يطرح سؤالا أساسيا عن المكان الذي سينقل إليه النازحون، حسب الدويري.
وبالنظر إلى رفض إسرائيل عودة النازحين إلى بيوتهم شمالي القطاع وحديثها عن إنشاء منطقة آمنة هناك، فإن نقل النازحين لن يكون إلا باتجاه الأراضي المصرية، لأن خان يونس ما تزال تشهد معارك محتدمة، كما يقول الخبير العسكري.
مصر وأميركا
وبناء على هذه المعطيات، فإن العاملين المؤثرين في هذه العملية هما الموقفان المصري والأميركي لأنهما يمكان التأثير الفاعل -حسب رأي الدويري- الذي قال إن “واشنطن يمكنها وقف الدعم العسكري والسياسي فورا، في حين بإمكان مصر وقف هذه العملية لو اتخذت موقفا حازما”.
وفي السياق نفسه، يرى المحلل السياسي محمد هلسة أن نتنياهو ماض في طريقه غير مكترث بأي ضغوط داخلية أو خارجية، وأن الموقف الأميركي هو الوحيد القادر على وقف العملية المرتقبة في رفح، وهو “غير جاد” من وجهة نظره.
ومن هذا المنطلق، فإن وقف هذه العملية وفق هلسة “مرهون بقدرة المقاومة على إيقاع خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي تدفعه للتراجع، أو أن تعيد واشنطن النظر في موقفها، وهذا أمر مستبعد”.
وفيما يتعلق بالموقف المصري، قال البرغوثي إن القاهرة ترفض تماما تهجير سكان القطاع إليها وصولا إلى التهديد بتعليق اتفاقية “كامب ديفيد” مع إسرائيل، مضيفا “مصر تعلم تماما أن سيناء ستتحول إلى ميدان مواجهة في حال تهجير الغزيين إليها”.
لكن البرغوثي يرى ضرورة وجود موقف عربي أقوى لدعم مصر في هذه الأزمة لأن تهجير سكان غزة إلى سيناء سيتزامن معه تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلت عن مصادر أن مصر هددت إسرائيل بتعليق اتفاقية كامب ديفيد وحشد قوة عسكرية على الحدود مع غزة.
ويرى الدويري أن مصر لديها الكثير من الأوراق التي يمكن من خلالها وقف عملية رفح، مؤكدا أن “الأمر لا يتطلب حشدا عسكريا على الحدود وإنما مجرد اتخاذ قرار حاسم لن تستطيع إسرائيل تجاوزه”.
وخلص إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “يمكنه وقف هذه العمليات كلها دون الحاجة إلى قمم عربية طارئة أو قرارات يعرف الجميع أنها لن تنفذ”.
وعاد البرغوثي بالتأكيد على أن عدم تحرك إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف هذه العملية يعني أن رمضان المقبل سيكون “شهر الانفجار الأكبر” بالضفة وربما في عموم المنطقة، مؤكدا أن الولايات المتحدة وبريطانيا “شريكتان في هذا العدوان الثلاثي منذ لحظته الأولى”.