بيروت- بلغ التصعيد بين حزب الله وإسرائيل أشده على طرفي الحدود، اليوم الأربعاء، وذلك بعد شنّ مسيّرة إسرائيلية غارة جوية بعدة صواريخ، الثلاثاء، على منزل في بلدة جويا جنوبي لبنان مما أدى إلى مقتل 4 من عناصر الحزب، بينهم قائد عسكري.
وتُعتبر هذه الغارات الأولى التي تستهدف بها إسرائيل بلدة جويا في منطقة صور منذ بدء المواجهات منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي تقع على بعد نحو 15 كيلومترا من الحدود مع لبنان.
ومن جهته، رد حزب الله بقصف العمق الإسرائيلي، وأعلن أن ذلك يأتي “ردا على اغتيال 4 من عناصره”. ونعى في بيان له “الشهيد المجاهد القائد سامي طالب عبد الله، من مواليد عام 1969 من بلدة عدشيت في جنوب لبنان”.
أكبر استهداف عسكري
وقالت إذاعة جيش الاحتلال إن 150 صاروخا أُطلقت من جنوب لبنان على شمال فلسطين المحتلة. وأوضحت أن 160 قذيفة رُصدت منذ الصباح، منها 70 قذيفة استهدفت منطقة جبل الجرمق والجليل الغربي، وإنها المرة الأولى التي تدوّي فيها صفارات الإنذار في طبريا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتعليقا على هذه التطورات، قال الخبير بالشؤون الإسرائيلية علي حيدر للجزيرة نت إننا “أمام أكبر استهداف عسكري تعرض له حزب الله منذ بداية الحرب، إذ نجح جيش العدو في قتل أعلى قائد للجبهة حتى الآن وخارج النطاق الجغرافي للمواجهة العسكرية المباشرة”.
وتأتي عملية الاغتيال -برأيه- بعد سلسلة خيارات ورهانات فشلت في إخضاع الحزب أو دفعه إلى فك الارتباط مع قطاع غزة، وبعد سلسلة هجمات نوعية فاقمت الضغوط على الواقع الإسرائيلي، أمنيا وسياسيا وشعبيا.
ويضيف حيدر أنه نتج عن ذلك سلسلة مواقف من أعلى الرتب حول مُضي إسرائيل في اتخاذ قرارات عملياتية محددة. ولذلك، فإن عملية بهذا الحجم هي ترجمة لقرار يتصل بشخص “الشهيد سامي عبد الله ورفاقه على أعلى مستوى أمني وسياسي في كيان العدو”.
ويعتقد الخبير بإمكانية مراهنة الاحتلال -من خلال هذه الضربات- على كبح تقدم حزب الله في ضرباته وعدم استكمال مسارها التصاعدي ومحاولة إعادته إلى السقوف السابقة. إلا أن مؤشرات ردود الحزب انطوت على رسالة مُحدَّدة لقادة إسرائيل بأنه “ماضٍ في خياراته العسكرية وبمسارها التصاعدي”.
سقف مواجهة جديد
وعن ردود حزب الله، يقول الخبير حيدر إنها على أهداف عسكرية ولكنها تصاعدية، ويستبعد ذهاب المواجهة نحو حرب شاملة، “ولكن قد نشهد تصعيدا أعلى مما شهدناه فيما مضى”، وبذلك، يضيف، تم رسم سقف جديد للمواجهة العسكرية في جنوب لبنان، لكن ملامحه ستتبلور في الميدان ووفق ما سيخرجه الطرفان من أوراق وأدوات عسكرية، وطبيعة الأهداف التي سيتم استهدافها وضمن أي نطاق جغرافي.
أما العميد الركن هشام جابر، فيقول -للجزيرة نت- إن حزب الله فقد قائدا ميدانيا مهما، وكان مسؤولا عن مجال معين في القطاع الأوسط، “ولكن ليس بالضرورة أن يكون القائد العسكري الأعلى في الحزب”.
وبحسب جابر، سيردّ حزب الله بالتأكيد كما يفعل دائما على مقتل أفراده أو قادته، تماما مثلما رد في حالات اغتيال سابقة على غرار المسؤول العسكري البارز وسام الطويل وغيره. ولكن، يبقى السؤال -برأيه- حول مكان الرد وطريقته.
وأوضح أن حزب الله يمتلك مجموعة من الأهداف الكبيرة، سواء كانت في الجولان المحتل أو في المواقع العسكرية مثل مزارع شبعا وكفرشوبا، بالإضافة إلى المستوطنات الموجودة على طول خط الحدود، حيث تسمح له الجغرافيا بالإشراف على مناطق مثل سهل الحولة والجليل الأعلى والجليل الغربي.
رد قاسٍ
وأشار العميد جابر إلى أن الرد سيكون حتميا وأقسى من المناوشات العادية، لكنه لن يكون ردا تعتبره إسرائيل افتتاحا لجبهة واسعة، حيث تحرص المقاومة على عدم توسيع المواجهات إلى لبنان بأكمله، وهذا يعني أن لا أحد يريد حربا شاملة، لأنه يمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية.
ويضيف أن حزب الله -كما يعلم الإسرائيليون ويقولون- لم يظهر سوى 20% من أسلحته، ولم يستخدم أيا من الأسلحة المتبقية مثل الصواريخ الدقيقة أو صواريخ أرض-بحر، أو صواريخ أرض-جو، وظهر منها فقط عندما أسقط، الثلاثاء، مُسيّرة “هرمز”، وعندما أطلق صاروخين على الطائرات الحربية الإسرائيلية، الاثنين الماضي، وغادرت الأجواء اللبنانية.
وكان رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين قد شدد، خلال مراسم تشييع القائد الحاج سامي طالب عبد الله في باحة عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت، على أنه “إذا كانت نية الاحتلال من الاغتيالات هي النيل من عزيمتنا لثنينا عن نصرة المظلومين، فجوابنا أننا سنزيد عملياتنا شدة وبأسا وكمّا ونوعا”.
وأضاف صفي الدين “إذا كان العدو يصرخ ويئن مما أصابه في شمال فلسطين، فليجهز نفسه للبكاء والعويل”. كما أشار إلى أن عبد الله كان أحد أبطال حرب يوليو/تموز 2006، ومن بين الذين “هزموا الكيان الإسرائيلي وأذلوه”.