خبراء: أهداف إسرائيل في غزة تراجعت وتحرير الأسرى لن يتم دون صفقة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

يؤكد خبراء سياسيون وعسكريون أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يتمكن أبدا من إطلاق سراح الأسرى الموجودين في قبضة فصائل المقاومة الفلسطينية دون تقديم تنازلات، وإن واصل عملياته العسكرية لتحقيق مزيد من الضغط.

وبثت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -اليوم الاثنين- شريطا مصورا لثلاث من المحتجزات الإسرائيليات وجّهن فيه رسالة لنتنياهو، اتهمنه فيها بالإخفاق السياسي والعسكري، وحمّلنه مسؤولية أسْرهن وبقائهن فيه حتى الآن.

ووصف نتنياهو هذه الرسالة بأنها حرب نفسية قاسية من جانب حماس، لكنه في الوقت نفسه أكد مواصلة العمليات البرية؛ لأنها تدعم استعادة كل الأسرى، كما قال.

لكن الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، قال، إن العملية البرية لن تحرر الأسرى أبدا، في ظل ما تبديه المقاومة على الأرض، بدليل أن شكل وأهداف العملية نفسها قد تراجعا بشكل كبير.

وفي الوقفة التحليلية اليومية “غزة.. ماذا بعد؟”، قال الخبير العسكري، إن إسرائيل تراجعت عن أهدافها الأولى التي كانت تتحدث عن اجتياح كامل لقطاع غزة والقضاء على المقاومة، وتهجير السكان إلى شبه جزيرة سيناء، واكتفت حاليا بتوغلات محدودة، وحديث عن تحرير الأسرى.

وعزا فايز هذا التراجع من جانب إسرائيل إلى المواجهة القوية من جانب المقاومة، التي حالت دون توغل آليات الاحتلال إلى قلب القطاع، وإجبارها على العودة للتخوم، وكذلك نزولا على نصيحة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، والجنرال جيمس غلين “أسهمتا في تغيير شكل العملية البرية الواسعة والاكتفاء بتوغل محدود”.

ورغم تزايد الضغوط الداخلية والخارجية بشأن قضية استعادة الأسرى، يعتقد فايز الدويري أن نتنياهو سيواصل عملياته العسكرية، من أجل استعادة كرامة إسرائيل وهيبتها التي سكبت خلال عملية طوفان الأقصى ثم في عملية معبر بيت حانون (إيرز) أمس الأحد، ولتحقيق نجاح شخصي -أيضا- في ظل تحميله المسؤولية كاملة بشكل متزايد.

وبناء على ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي -برأي الخبير العسكري- يريد استعادة هيبته التي فرضها على الدول العربية لسبعة عقود، ثم انهارت في ساعات على يد المقاومة، لكنه في الوقت نفسه ليس قادرا على تحرير الأسرى من خلال عمل عسكري.

وحتى حديث نتنياهو عن تحرير رهينة بالقوة من غزة، فإنه -من وجهة نظر الخبير العسكري- يؤكد إخفاق خطته؛ لأنه يعني تحرير أسير واحد، وقتل 50 آخرين، وفق ما أعلنته حماس.

ومن ثم، يعتقد فايز أن نتنياهو سيحاول فصل الجزء الشمالي من قطاع غزة عن بقية القطاع بطرق عسكرية، لمزيد من الضغط على حماس، لكنه في نهاية الأمر لن يتمكن من تحرير الأسرى بالقوة، وإنما بالتفاوض.

تبادل جزئي وبأثمان مختلفة

وعن آلية تبادل الأسرى المتوقعة، قال فايز، إنها ستكون عملية جزئية، بحيث يُطلق سراح المدنيين مزدوجي الجنسية بمقابل، وإطلاق أحاديي الجنسية بمقابل آخر، وغالبا سيتعلق الأمر بالكهرباء والوقود والمساعدات.

أما عن الأسرى العسكريين، فلن يُحرروا -وفق الخبير- إلا من خلال صفقة تشمل كل الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وفي كل الحالات ستواصل إسرائيل عملياتها، برأي فايز.

بدوره، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى، إن رسالة المحتجزات الإسرائيليات أصابت أمرين، الأول أنه سيزيد الضغط الداخلي على نتنياهو -الذي لم يكن يعطي ملف الأسرى أي اهتمام، ثم أصبح الآن يضعه على رأس أولوياته-، والثاني هو تأكيد مسؤولية رئيس الحكومة عما حدث من إخفاق.

ولذا -يضيف مهند- فإن رسالة المحتجزات ستغذي النقاشات الداخلية والخارجية بشأن الأسرى، وهو ما يعني أن نتنياهو سيحاول فعل أي شيء لتحقيق مصالحه الخاصة.

ورغم وجود تناقض كبير داخل إسرائيل بشأن الرغبة في استعادة الأسرى جميعا، وفي الوقت نفسه تنفيذ عملية برية في غزة، فإن تصدّر ملف الأسرى للمشهد حاليا، وتحوله إلى هدف مركزي سيزيد من الضغط السياسي والعسكري على نتنياهو، الذي واجه اتهاما صريحا مباشرا بالمسؤولية عن الإخفاق.

وعن إمكانية مضي الجيش قدما في عملياته البرية من أجل تحرير الأسرى، قال مهند، إن الجميع داخل إسرائيل حاليا يعرف أن هؤلاء لن يعودوا إلا بصفقة، خاصة العائلات التي ستزيد من ضغطها على الحكومة بعد الرسالة الأخيرة، على الأرجح.

واستدل مهند على حديثه بأن حديث ذوي الأسرى عن قبول صفقة الجميع مقابل الجميع، هو الأول من نوعه في إسرائيل، وهذا يعكس حجم الخوف وعدم الثقة في استرداد الأسرى بأي طريق غير التبادل.

ويعتقد الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن أي حديث عن زيادة الحصار، وقطع كل شيء لحين استعادة الأسرى يبدو غير واقعي بالمرة.

الأمر نفسه ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، خليل العناني، بتأكيد أن ملف الأسرى جاء من آخر سلم الأولويات إلى أولها خلال أسبوع واحد؛ بسبب الضغوط الداخلية والخارجية.

لكن نتنياهو -برأي خليل- لا يزال يرى إمكانية تحرير هؤلاء دون تقديم أي تنازلت سياسية، أي من خلال اجتياح عملية نوعية بمساعدة قوات دلتا الأميركية، أو من خلال مزيد من الضغط العسكري على حماس.

وخلص خليل إلى أن نتنياهو حاليا مطالب بتقديم تنازلات لحماس بشأن إدخال المساعدات، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وتخفيف حدة العمليات، لكنه يحاول إيجاد آلية لأخذ كل شيء دون تقديم أي شيء.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *