غزة- يقف مؤيد في طابور لتعبئة المياه، غير مكترث إن كانت حلوة أو مالحة، سألناه “منذ كم ساعة تنتظر دورك؟”، ردّ علينا متأملا الناس حوله “من السادسة صباحا، أطلع قبل الضوء، حتى أقدر أعبّي مياه، ولا يهمني حلوة ولا مالحة، المهم نشرب”.
واسترسل مؤيد “منذ يومين لا يوجد في البيت قطرة ماء، فهي مقطوعة علينا، قبل يومين وصلت لنصف ساعة، ثم انقطعت، يدي تكسرت من رفع الماء على الدرج”.
أما أم يوسف بصل فعبّرت لنا عن معانتها للحصول على مياه قائلة “والله نعبّي المياه ونرفعها على أيدينا مسافات طويلة، أحيانا لا توجد مياه حلوة فنشرب المالحة، الأطفال والكبار وكلنا مرضنا”، وتتحدث عن أمنيتها في الوقوف أمام مغسلة المياه للوضوء، بدلا من إبريق لا يوجد فيه ما يكفي من الماء.
قصف مصادر المياه
قال مدير إدارة المياه في قطاع غزة المهندس منذر شبلاق في حديثه للجزيرة نت “منذ اليوم الأول للحرب على غزة، تعمد الاحتلال قصف كل ما هو على الأرض، فقصف خزانات المياه ومحطات الضخ والآبار، وقصف البنية التحتية والشبكات، التي من الواضح أنها اختفت بفعل القصف في مدينة غزة والشمال، إضافة لاستهداف الاحتلال لشبكات الصرف الصحي ومحطات التحلية”.
وأكد المهندس نفسه للجزيرة نت أنه تسلّم تقريرا من بلدية بيت لاهيا يفيد بتدمير الاحتلال جميع الآبار والمحطات ومخازن مياه البلدة، وأوضح أن الاحتلال قصف مخازن مياه الآبار الجوفية ومحطات المعالجة في مناطق جنوب قطاع غزة، وفي مدينة خان يونس أزالها بالكامل، وأصحبت الآن معطلة مدمرة، وقال، إن “هذه المحطات رُكّبت بدعم من الدول العربية والإسلامية قبل ذلك”.
وحول معاناة السكان في غزة أضاف منذر أن “توقف الكهرباء والاستمرار بالقصف وعدم إدخال السولار، يؤدي بالتأكيد إلى تعطل كامل لقدراتنا كمقدمي خدمات وتزويد السكان بحاجتهم من المياه والتخلص من مياه الصرف الصحي، وهناك تقارير في بداية الحرب صدرت عن منظمات دولية وعن “الأونروا”، تفيد أن نصيب الفرد في قطاع غزة من المياه يساوي 100 لتر، واليوم تقلصت لتساوي 6 لترات فقط، ولكم أن تتخيلو ماذا ستفعل هذه الكمية بحياة كل مواطن في غزة”.
وناشد منذر دول العالم والمنظمات الدولية بضرورة إدخال المساعدات اللازمة من المياه، ومن الأجهزة التي تساعد على توفير مياه الصرف الصحي، وتوفير المياه في مراكز الإيواء للنازحين، “قبل أن يفيق العالم على كارثة بيئية تسبب مزيدا من الأمراض والأوبئة لسكان قطاع غزة”، على حد وصفه.
تدمير الحلول البديلة
وعن قصف الاحتلال الألواح الشمسية فوق البلديات والمنازل، قال المهندس منذر شبلاق “مع الأسف فقدنا مصدرا مهما وفعالا من مصادرنا البديلة لتوفير المياه، من خلال قصف الاحتلال الألواح الشمسية، والجميع يعلم قوة القصف والتدمير الذي أدى لإزالة مباني بأكملها، فالأمر لم يتوقف على الألواح فقط”.
وتعدّ الألواح الشمسية من مصادر الطاقة البديلة المتبقية في قطاع غزة، وعند سؤال المهندس عن عدد الألواح الشمسية التي دمّرتها طائرات الاحتلال قال “لا يمكن لنا تقدير الأضرار، خاصة موضوع وحدات الطاقة الشمسية، والحرب مستمرة على غزة”.
ويعاني قطاع غزة منذ سنوات طويلة من أزمة مياه خانقة، حيث تقول مؤسسات كثيرة، إن السكان -قبل الحرب- كانوا لا يحصلون إلا على نحو 35% من احتياجاتهم الحقيقية للمياه.
وحسب تقارير رسمية، فإن الخزان الجوفي يعدّ المصدر شبه الوحيد الذي يعتمد عليه غالبية سكان القطاع، للحصول على قرابة 94% من احتياجهم الكلي من المياه.