جيش لبنان بلا قائد قريبا.. ما السيناريوهات المحتملة في ظل الحرب؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

بيروت- بينما تتجه الأنظار إلى التطورات الأمنية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، تنشغل الساحة الداخلية اللبنانية بمصير قيادة الجيش مع قرب انتهاء ولاية قائده العماد جوزيف عون، وسط خلافات سياسية ودستورية كحال مختلف الاستحقاقات العالقة، وعلى رأسها الشغور بسدة رئاسة الجمهورية.

والعماد عون الذي تصدر اسمه المشهد في الأشهر الماضية كمرشح لرئاسة الجمهورية، يُفترض أن يغادر منصبه في قيادة الجيش مع بلوغه سن التقاعد في 10 يناير/كانون الثاني 2024، وسط شغور في المجلس العسكري.

ويتعذر تعيين قائد جيش جديد بسبب الشغور الرئاسي، كما تنقسم الأطراف السياسية بين مؤيد للتمديد مشروطا بجملة توافقات حول التعيينات العسكرية، وبين رافض له مع المطالبة بتعيين رئيس أركان بالإنابة.

ويعد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أبرز الرافضين للتمديد لعون، ولقطع الطريق أمام حظوظه الرئاسية، بحسب مراقبين.

قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون تصدر اسمه كمرشح لرئاسة الجمهورية (الفرنسية)

احتمالات

وخلافا لما كان منتظرا، انتهت جلسة حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أمس الخميس، دون البحث والبت بملف قيادة الجيش، وهو منصب من حصة الطائفة المارونية.

وعليه، تتمحور النقاشات بشأن استحقاق قيادة الجيش حول الاحتمالات الآتية:

  • إصرار فريق جبران باسيل على تعيين قائد جيش جديد ورئيس للأركان ومديرين للإدارة والمفتشية العامة، عبر توقيع مرسوم جوال من الوزراء. ويجري الحديث عن لائحة لباسيل بأسماء ضباط يرشحها لهذا المنصب.
  • رفض معظم القوى السياسية والمسيحية لطرح باسيل بتعيين قائد جديد للجيش، وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية وحلفاؤه الذين يؤيدون التمديد لعون، ويعتبرون أن لموقف باسيل من قيادة الجيش أبعادا سياسة، لا سيما أنه سبق ورفض تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي.
  • ترقب الجميع لموقف حزب الله المتأرجح بين خيارين: إما المضي بخيار التمديد بسبب الظروف الأمنية الحرجة، وإما المضي بتوفير الغطاء لحليفه المسيحي جبران باسيل وعدم توفير نصاب الثلثين للحكومة بغية إقرار التمديد.
  • طرح بعض القوى، وعلى رأسها الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط، رفع سن التقاعد للعاملين بالسلك الأمني والعسكري. وهو خيار يصطدم بعقبات لأنه يحتاج تشريعا برلمانيا، مقابل الحديث عن مطالبة الاشتراكي لتعيين رئيس أركان جديد للجيش (منصب يشغله درزي) مع إنجاز تعيين المجلس العسكري.
  • الحديث عن موافقة قوى وكتل أخرى على التمديد لعون، وأبرزها قوى سنية ومعارضة، ولكن شرط التمديد لمدير عام الأمن الداخلي (منصب يشغله سني) اللواء عماد عثمان، الذي يحال على التقاعد في مايو/أيار المقبل.

خلفية دستورية

بحسب قانون الدفاع الوطني الصادر سنة 1983، يتم تعيين قائد الجيش من بين الضباط العامين المجازين بالأركان بمرسوم مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني. ويحمل قائد الجيش رتبة عماد ويسمى “العماد قائد الجيش” ويرتبط مباشرة بوزير الدفاع الوطني.

يوضح الخبير الدستوري المحامي بول مرقص، في حديث للجزيرة نت، أن مرسومي القانون حول السنّ القانونية للتسريح، لم يشملا أحكاما تتعلق بتمديد سن التقاعد، ما يستوجب ضرورة صدور تشريع يسمح بالتمديد، وسبق أن حصل ذلك بعهد رئيس الجمهورية الأسبق إلياس الهراوي.

كما يُعدل وفقه، ولمرة واحدة فقط، سن التسريح الحكمي من الخدمة العائد لرتبة عماد، ليصبح 63 بدلا من 60 سنة. ويقول مرقص إنه بعهد الرئيس ميشال عون سنة 2021، صدر قانون أرجأ فيه تسريح عقداء بالجيش لحين بلوغهم سن الـ58.

ومن الخيارات المتاحة دستوريا بحال عدم التوافق على اسم قائد جيش جديد، أن ينوب رئيس الأركان عن قائد الجيش عند غيابه ويمارس مهامه وصلاحياته طيلة فترة غيابه، وهناك سابقة لذلك سنة 1970.

ويفيد الخبير الدستوري بأن المادة 55 من قانون الدفاع الوطني تنص على إمكانية الذهاب إلى تأجيل التسريح بحالتين:

  • في وضع اعتلال لم يبت به.
  • بناء على قرار وزير الدفاع المبني على اقتراح قائد الجيش في حالات الحرب أو إعلان حالة الطوارئ، وعند عمليات حفظ الأمن.

وبما أن البلاد على مشارف أخطار الحرب وتداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فيمكن تفعيل هذه المادة، بحسب مرقص.

ويضيف الخبير الدستوري “هناك سوابق حصلت مع العماد جان قهوجي سنة 2013 حين مدد له وزير الدفاع فايز غصن حتى 2015، ثم مدد له وزير الدفاع سمير حتى أيلول 2016”.

ولتفادي الشغور، ثمة حلان للتمديد شرط قبول قائد الجيش به، وفق المصدر نفسه:

  • إصدار مجلس النواب قانونا يعدل السن القانونية لتسريح قائد الجيش.
  • أو لجوء وزير الدفاع إلى التمديد لقائد الجيش طالما أن البلاد في حالة “من الحرب” مع اسرائيل.

عقبات

ومع تولي الحكومة وليس البرلمان مسألة البتّ باستحقاق قيادة الجيش، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي علي حمادة، أن الملف لم يحسم بعد، وإن كان خيار التمديد التقني يميل على خيار تعيين قائد جيش جديد.

ويقول للجزيرة نت، إن الذهاب لخيار تعيين رئيس أركان بالإنابة، دونه عقبات أيضا لدى القوى السياسية، لأن الفراغ سيبقى قائما بقيادة الجيش على مستوى هامش الصلاحيات.

سياسيا، يرى حمادة أن مضاعفات الشغور على رأس المؤسسة الأمنية العليا، ستكون كبيرة الوقع على الطائفة المارونية، رغم مناورات فريق جبران باسيل.

والعقبة أمام التمديد حاليا، وفق حمادة، تكمن في قدرة رئيس حكومة تصريف الأعمال على إقناع حزب الله بدفع وزرائه للتصويت للتمديد، ربطا بالتحديات الأمنية التي تفرضها ساحة الجنوب وخلافا لرغبة حليفه المسيحي، أو على العمل على إقناعه.

ويترقب كثيرون مآلات السجال بين القوى المسيحية حول ما يوصف بتهديد صيغة الميثاق الوطني إذا ما وقع الشغور بقيادة الجيش، الذي سيعني شغور مختلف المواقع المارونية العليا من رئاسة الجمهورية، وحاكمية المركزي وقيادة الجيش، وهو موقف يعبر عنه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.

وفي حال عدم التوافق على حل يمنع الشغور، يتوقع حمادة أن يترتب على ذلك أزمة كبيرة لدى الطائفة المسيحية، وقد يستدرج الحدث إلى مواقف حاسمة من قبل رأس الكنيسة والقوى المسيحية باستثناء جبران باسيل.

ويضيف المتحدث نفسه أن خيار التمديد التقني لقائد الجيش ولمدة 6 أشهر، مقابل التمديد للعماد عثمان بالأمن الداخلي، يتصدر كواليس المباحثات. كما يعتبر أن تعيين قائد جديد من أكثر الاحتمالات استبعادا “لأنه مخالف للدستور كون المرسوم يحتاج لتوقيع رئيس جمهورية وحكومة أصيلة”.

“ورغم عدم فعالية دور الجيش جنوبا بظل وجود حزب الله”، لكن الجيش بحسب حمادة، صاحب رمزية عليا، وشريك بالقرار الدولي 1701 وعلى تنسيق دائم مع قوات حفظ السلام (يونيفيل) جنوبا، كما أنه ركن من ثلاثية الدولة: شعب، وجيش ومقاومة.

ويعتبر المحلل السياسي أن إحالة قائد الجيش للتقاعد تعني أنه لن يعود مرشحا لرئاسة الجمهورية، باعتبار أن قوة ترشيحه ترتكز على كونه قائدا للجيش. لذا، “قد يكون موقف حزب الله هو المخرج لهذا الملف نظرا لحساباته الدقيقة راهنا، في حال واصل المناورة مع فريق باسيل للمضي بخيار التمديد التقني، دون أن يعني رفع “الفيتو” عن ترشيح عون للرئاسة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *