انتقد الكاتب الإسرائيلي اليساري جدعون ليفي الغارات التي تشنها بلاده على سوريا في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أنها تقوض ما سماه “الأمل الهش”، الذي يراود أبناء هذا البلد العربي عقب الإطاحة بنظام الطاغية بشار الأسد.
وكتب في مقال نشرته صحيفة هآرتس، أن إسرائيل بغاراتها هذه لا تدمر الجيش السوري فحسب، بل تستولي على مساحات “غير معلومة” من الأراضي السورية، في الوقت الذي “يستيقظ فيه هذا البلد المهزوم والمثخن بالجراح من كابوس النظام السابق، ويواجه مستقبلا مجهولا”.
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد نقلت عن مصدر أمني كبير أن الجيش دمر مقدرات الجيش السوري بأكبر عملية جوية في تاريخ إسرائيل، في حين أكدت مصادر أمنية أن توغل إسرائيل العسكري في جنوب سوريا وصل إلى نحو 25 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق.
وقد استغل الجيش الإسرائيلي انسحاب قوات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد من مواقعها العسكرية ليتوغل في مناطق إستراتيجية بمحافظة القنيطرة جنوب سوريا.
ويرى الكاتب أنه ثمة منطق -وإن ظاهريا- في إقدام إسرائيل على شن تلك الغارات، فالظروف مواتية لتدمير القدرات العسكرية لعدو آخر، وليس في استطاعة أحد الآن أن يقف في طريقها في سوريا التي شهدت للتو “انقلابا” على النظام السابق.
ومع ذلك، فهو يحذر من تجاهل الأضرار الفادحة التي يمكن أن تترتب على هذا التصرف “القبيح. ولكنه يعتقد أيضا أن هناك أملا جديدا يتبلور في سوريا، رغم أنه يرجح أن يكون -في تقديره- “أملا كاذبا”.
وأشاد الكاتب الإسرائيلي بالقائد في إدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية أحمد الشرع -الملقب بأبي محمد الجولاني- ووصفه بأنه قائد عاقل وحكيم حتى الآن على ما يبدو.
أحمد الشرع على ما يبدو قائد عاقل وحكيم
وعلى عكس ما جرى في العراق من قبل، فإن ما يسميه ليفي انقلابا في سوريا لا يستهدف تقويض الاستقرار القائم؛ إذ لم تُسجل حالات إراقة دماء جماعية، كما ورد في المقال.
ومضى الكاتب في إشادته بالشرع، وقال إن الجولاني يفعل كل شيء في الوقت الحالي من أجل استقرار الوضع وبناء إطار للحكم، زاعما أن إسرائيل هي آخر همومه. ورغم استدراكه بأن ماضي الرجل “لا يبشر بخير” إلا أنه يتوقع أنه قد يتغير “لأن الشعب السوري يستحق ذلك”.
إسرائيل بطلة حقيقية على الضعفاء والنازفين.
وسخر ليفي من تدخل إسرائيل واستيلائها على الأراضي في وقت تتلمس فيه سوريا طريقها في الظلام، واصفا دولة الاحتلال بأنها “بطلة حقيقية” على الضعفاء والنازفين.
ومع أنه يرى أن إسرائيل قد تستفيد من أفعالها، لكنه حذرها من أن سوريا إذا استعادت عافيتها فلن تنسى من هاجمها في ساعة محنتها بلا مبرر ومن دون شرعية، مضيفا أن الخصم في لحظة ضعفه يمثل في ظاهر الأمر فرصة للانقضاض عليه، لكنها قد يكون منحة في شكل محنة.
سوريا إذا استعادت عافيتها فلن تنسى من هاجمها في ساعة محنتها بلا مبرر ومن دون شرعية، والخصم في لحظة ضعفه يمثل في ظاهر الأمر فرصة للانقضاض عليه، لكن ذلك قد يكون منحة في شكل محنة.
وتابع قائلا إنه كان على إسرائيل أن تحاول على الأقل مساعدة سوريا وفتح صفحة جديدة معها بدلا من تهديدها.
ونصح ليفي دولة الاحتلال قائلا: “دعونا نترك جانبا الغطرسة والوقاحة التي لا تُعقل في الدوس على سيادة بلد آخر من دون أي ذريعة مع الاستهزاء بالقانون الدولي”.
وحذر من أن الأضرار التي ستلحق بإسرائيل نتيجة استيلائها على الأراضي السورية لا محالة ستقع، وستكون غاراتها تلك ذريعة لإشعال حرب أخرى.
ورجح ليفي أن إسرائيل لن تسارع بالانسحاب من الأراضي التي استولت عليها حتى لا يُنظر إلى خطوة كهذه على أنها استسلام، متوقعا أن يعترض عليها اليمين واليسار في إسرائيل على حد سواء.
وختم مقاله بأن إسرائيل ستقول لسوريا الجديدة “إننا سنستمر في محاربتكم إلى الأبد”، وإن “عليكم أن تنسوا فتح صفحة جديدة”. وأوضح أن هذا الوضع يبدو منطقيا بالنسبة لإسرائيل، بل وسببا للأمل، على حد تعبيره.