دعا متحدثون في “القمة الأوروبية حول فلسطين”، الخميس، إلى إنهاء المجازر الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة منذ أكثر من 60 يوما، وإعلان وقف دائم لإطلاق النار، مشددين على ضرورة الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.
هذه الدعوات جاءت في كلمات خلال القمة، التي انطلقت الخميس في إسطنبول، بمشاركة ممثلين من قرابة 50 دولة، وبتنظيم من كل من المنتدى الإسلامي الأوروبي وديوان القضاء في فلسطين وحزب “الرفاه الجديد” التركي.
ويحمل المؤتمر شعار “3 أديان، ودولتان وحل واحد”، ويتنوع المشاركون، وهم من مختلف قارات العالم ولاسيما أوروبا، بين قادة رأي وفكر وأكاديميين وسياسيين وجامعيين وممثلي أديان الإسلام والمسيحية واليهودية.
“تراجيديا مرعبة”
وفي كلمته، قال مؤسس ورئيس المنتدى الإسلامي الأوروبي عبد الواحد نيازوف “منذ شهرين، نشهد هذه التراجيديا المرعبة في غزة، فقد أظهر الصهاينة وجههم القبيح، وهذه المجازر ستغير العالم وتطلق بداية عهد جديد في الإنسانية والبشرية”.
وردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي معركة طوفان الأقصى، التي استهدفت مستوطنات وقواعد عسكرية في غلاف غزة، وقتلت نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت 239، بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مع إسرائيل التي تحتجز في سجونها 7800 فلسطيني.
ومنذ ذلك اليوم، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا على غزة خلّفت 17 ألفا و177 شهيدا، وأكثر من 46 ألف مصاب، فضلا عن دمار هائل في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
وأضاف نيازوف أن “الصهاينة كانوا يستغلون قصة الهولوكوست، ولكنهم قتلوا آلاف الأطفال في غزة، ويتعين توجيه نداء للقيام بخطوات ملموسة، فكل الناس خرجوا للميادين والساحات ونددوا بالمذابح”.
وتابع “الدفاع عن الإبادة الإسرائيلية جريمة، أوروبا والغرب بهذا الشكل ينزلقون نحو الفاشية، وكل أصحاب الضمائر الحية عليهم اتخاذ مواقف جادة وملموسة”.
وأردف نيازوف قائي “أدعو رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك لزيارة غزة كما زار إسرائيل قبل أيام ليرى ما تفعله إسرائيل بأهل غزة”.
وفي غزة يعيش نحو 2.2 مليون فلسطيني يعانون حتى قبل الحرب من أوضاع كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت حماس بالانتخابات التشريعية في عام 2006.
مأساة إنسانية
بدوره، قال زعيم حزب العمل السابق في بريطانيا جيرمي كوربن، خلال المؤتمر، إنه “من الضروري المساهمة في وقف إطلاق النار، صحيح أن قتل المدنيين في إسرائيل خاطئ، ولكن الرد الإسرائيلي كان مدمرا وقتل العديد من الناس”.
وأضاف أن هذا الرد أثر على مليوني شخص يعيشون في غزة، فكل السكان في الشمال أُجبروا على الذهاب إلى الجنوب، وتم جمعهم عند معبر رفح ومحاصرتهم هناك، ولا يستطيعون الذهاب إلى مصر المجاورة، وهي غير مستعدة لموجة نزوح جديدة.
وتابع كوربن أن هذه “مأساة إنسانية فأهالي غزة ليس لديهم مياه وطعام وأدوية.. هذه كارثة من الدرجة الأولى، ومن الضروري المناشدة بوقف إطلاق النار، وعلى مجلس الأمن العمل على ذلك”.
وزاد بأن العالم غض الطرف عما يعيشه الفلسطينيون واستمر في تمويل إسرائيل والدفاع عنها وتقديم كل المساعدات لها، ولا أفتخر بموقف البرلمان البريطاني، فعدد قليل من أعضائه طلبوا وقف إطلاق النار والأغلبية رفضت.
وتحدث كوربن عن المظاهرات المنددة بالحرب الإسرائيلية، حتى داخل الولايات المتحدة الحليف الرئيس لتل أبيب، وأكد أهمية زيادة الوعي للضغط على الحكومات، وعندها سيتم وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، كما يمكن دعم فلسطين بإرسال مساعدات.
وتساءل مستنكرا إلى متى ستستمر مأساة وتهجير الفلسطينيين؟! مضيفا أن إسرائيل تريد احتلال كامل الأراضي الفلسطينية، ومن الضروري الإسراع بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وإنهاء احتلال غزة والأراضي الفلسطينية.
وختم كوربن كلمته بالتشديد على أن الفترة الحالية هي الأكثر ظلما على مدى التاريخ، مع الصمت على الهجمات رغم مشاهدتها على وسائل الإعلام.
نكبة متواصلة
أما ديفيد وايز حاخام منظمة ناتيري كارتا الدولية المناهضة للصهيونية، فقال “أشكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والشعب التركي لسماحهم لنا بالقدوم إلى هنا والمشاركة في القمة القيمة، كما أشكر المنتدى الإسلامي الأوروبي على البرنامج الخاص بالمؤتمر”.
ولفت إلى أن الصهيونية بدأت قبل نحو 100 عام، بينما تعود الديانة اليهودية إلى آلاف السنين. وحسب معتقداتنا ليس لدينا الحق في الهيمنة على أي أرض معينة، وسلسلة النكبة الفلسطينية مستمرة حتى الآن منذ عام 1948.
وايز تابع “علينا أن نرفع صوتنا من أجل العدالة والسلام. والمجتمع اليهودي يدعو الرب باستمرار من أجل الشعب الفلسطيني وانتهاء الاحتلال وإرساء السلام”.
رسالة محبة وسلام
بدوره، قال الأب إلياس عواد من رام الله “كما تشاهدون على التلفزة كيف يذبح الأطفال والنساء.. فلسطين رمز السلام، ووفد فلسطين يتكون من قاضي القضاة ورجل دين مسيحي ورجل دين مسلم.. هذه رسالة محبة وسلام، كنا نعيش في فلسطين بمحبة وسلام منذ العهدة العمرية”.
وأردف “بعد النكبة وإقامة دولة إسرائيل عام 1948 على أراضٍ فلسطينية محتلة، تغيرت فلسطين، إذ جُرحت واحتُلت وتشرد أبناؤها وطُردوا من ديارهم وافتُتحت صفحة سوداء في فلسطين، والنكبة تتكرر اليوم في قطاع غزة.. فهل يستحق الشعب الفلسطيني هذا القتل والتشريد؟!.. طبعا لا”.
وختم عواد كلمته بالدعوة إلى “الضغط على الاحتلال وإيقاف الحرب والدمار”، مؤكدا أن السلام يأتي فقط بدولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشريف.
وفي كلمات افتتاحية في المؤتمر تحدث كل من القيادي في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم محمد أمين أكباش أوغلو، ورئيس حزب الرفاه الجديد فاتح أربكان، ورئيس جبهة العمل الإسلامي في لبنان الشيخ زهير الجعيد.
ويُعقد المؤتمر ليوم واحد، وبدأ بعرض مقطع فيديو عن الأوضاع في غزة، ثم تلاوة من آيات القرآن الكريم.